تحولت قضية إبعاد اللاجئين السوريين من الأردن إلى سورية قسرًا، من ممارسات كانت تجري بين حين وآخر، إلى نهج واضح، تمارسه الأجهزة الأمنية الأردنية، ولا سيما بعد التفجير الذي طال النقطة الحدودية الأردنية، قرب مخيم الرقبان صيف العام 2016، وأودى حينئذ بحياة سبعة جنود أردنيين.
ففي شباط / فبراير 2017، أبعدت الأجهزة الأمنية الأردنية 21 عائلة سورية، منها عشر عائلات من مخيم الزعتري، بذرائع أمنية بحت.
محمد المسالمة، من مدينة درعا، أُبعد مع عائلته بذريعة أن ابن أخيه مقاتل في “جبهة فتح الشام”، قبل أن تبدل اسمها إلى “هيئة تحرير الشام”، دون أن يجري إعلامه سلفًا بقرار الترحيل، وقال لـ(جيرون): ” كنا نجلس في منزلنا المستأجر في مدينة إربد، وفجأة جاء عناصر الأمن الأردني، وطلبوا منا الصعود في حافلة مرافقة لهم، وأبلغونا أنه صدر قرار أمني بإعادتنا إلى سورية؛ لأن ابن أخ لي مقاتل في جبهة فتح الشام، ولم أُعطى فرصة لأشرح لهم أن لا علاقة لنا به”.
ونُقلت العائلة إلى منطقة رباع السرحان مباشرة، دون أن تمر بمخيم الزعتري؛ لتسجيل إجراءات العودة، ودون إبلاغ مفوضية اللاجئين، ولم يُسمح لهم بأخذ حتى ملابسهم وحاجاتهم الشخصية، فقد رُحّلوا بثيابهم التي يرتدونها، ولاحقًا جاء أحد معارفهم فتسلّم المنزل وباع الأثاث، كما قال المسالمة.
لا يُخبَر المبعدون بأن لهم حقوقًا في الإعتراض على قرار الإبعاد، إذ يمكن الاعتراض على القرار عن طريق تقديم طعن أمام المحكمة الإدارية، وحتى الآن؛ لم يُبعد أي لاجىء سوري بموجب حكم قضائي، إنما يجري ذلك بقرار أمني.
أربع أسر من عائلة الفالوجي، من درعا، جرى إبعادها قسرًا نهاية شباط/ فبراير من العام الحالي، لأسباب أمنية أيضًا؛ بسبب وجود صلات قربى مع مقاتلين إسلاميين، كما قال سمير لـ(جيرون): “لم نعلم مسبّقًا بصدور قرار بإبعاد أسرنا، وفوجئنا بقدوم دورية أمنية ترافقها حافلة، ونقلونا فورًا إلى رباع السرحان، ومنها إلى بلدة نصيب الحدودية، نحن هربنا من الموت، ولم نرتكب خلال وجودنا في الأردن أي مخالفة على الإطلاق”.
ينتهك الأردن مبدأ عدم الرد في القانون الدولي العرفي الذي يحظر على الحكومات إعادة الأشخاص إلى أماكن قد تكون حيواتهم أو حرياتهم فيها مهددة، ويواجه اللاجئون المبعدون أخطارًا مختلفة بعد إعادتهم إلى سورية، أبرزها القتل نتيجة القصف المستمر من النظام وحلفائه، كما حصل مع عائلة الرواشدة من مدينة طفس في ريف درعا، إذ أعيدت قسرًا نهاية صيف العام 2016، حيث كانوا من سكان مخيم الزعتري. بعد إعادتهم بأسبوعين تقريبًا تعرضت مدينة طفس لقصف مدفعي من قوات النظام، ما أدى إلى سقوط فتاة وطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة من العائلة ضحايا لذلك القصف.
يخالف الأردن كثيرًا من القوانين الدولية والوطنية، في ما يتعلق باللاجئين، منها مذكرة التفاهم الموقعة مع مفوضية شؤون اللاجئين، والمعدلة في العام 2014، وتنص على عدم رد أو إبعاد أي شخص يطلب اللجوء في الأردن.
كما تخالف الحكومة الأردنية، اتفاقية مناهضة التعذيب، في مادتها الثالثة، بما تنص عليه من الالتزام بتجنب إبعاد أي شخص إلى دولة أخرى، تكون حياته فيها عرضة لخطر التعذيب، وتنص المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه” لا يجوز لأي دولة طرف أن ترد أي شخص أو تعيده أوتسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت أسباب حقيقية تدعو إلى الإعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”، وقد صادقت الحكومة الأردنية على هذه الاتفاقية الصادرة عام 1984، بشكل أصولي.
هناك فشل كبير، من قبل مفوضية شؤون اللاجئين في الأردن، في حماية اللاجئين السوريين في الأردن، والمشمولين برعايتها من خطر الإبعاد القسري، والإعادة إلى سورية، ويبرز عجز المفوضية إلى حد كبير عندما تكون أسباب الإبعاد نابعة من مخاوف أمنية لدى الأجهزة الأمنية الأردنية، في الوقت الذي يكون فيه السوريون المبعدون تحت أنواع مختلفة من الخطر، أبرزها القتل.