نشرت صحيفة “موسكوفسكي كومسمولتس” الروسية في 24 آذار/ مارس 2017 مقالة بعنوان “بوادر خلاف جدي بين بوتين وأردوغان”. جاء فيها:
تقف روسيا وتركيا من جديد على أعتاب نزاع حقيقي. وبرز ذلك بجلاء من خلال استدعاء الخارجية التركية للدبلوماسيين الروس في أنقرة، إذ قدموا لهم احتجاجًا على مقتل جندي تركي على يد قناص كردي- سوري. وهناك أسباب أخرى للخلافات.
تسربت معلومات عن اجتماع الرئيسين: فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان في موسكو في 10 آذار/ مارس، أن المباحثات لم تكن ممتازة؛ لأن الرئيس التركي أصر على أن توقف موسكو دعم الميليشيات الكردية (ميليشيا صالح مسلم)؛ لأنها إرهابية أيضًا في نظر القيادة التركية، إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن هذا الطلب رُفض -بالمطلق- من الرئيس بوتين. وعلى الرغم من تصريح الرئيسين بأن العلاقات بين البلدين عادت إلى وضعها الطبيعي تمامًا، إلا أن الوقائع تقول غير ذلك. أي: إن المسألة الكردية عكرت الأجواء بين البلدين. وأكثر من ذلك؛ فإن ممثلي الميليشيات الكردية وقعت اتفاقًا مع الخبراء الروس؛ لتعليم مقاتليها “الطرق الحديثة للقيام بعمليات حربية”. ويتوقع ممثلو ميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية (صالح مسلم) أن يصل عدد قواتهم إلى 100 ألف أواسط عام 2017، بينما كان العدد 60 ألفًا في نهاية 2016 (بحسب وكالة رويتزر).
وبالفعل وصلت قوات روسية فيها خبراء وأسلحة ومعدات تقنية عسكرية إلى مدينة عفرين. وتزامن ذلك مع تصريحات أدلى بها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما، ليونيد سلوتسكي، خلال وجوده في دمشق، بأنه من الضروري تشكيل مناطق ذات حكم ذاتي، ويقصد بالدرجة الأولى حكم ذاتي للأكراد؛ لذلك، بات واضحًا لأردوغان ما ترمي إليه روسيا.
وجاءت ردة الفعل التركية سريعة؛ ففي 23 آذار/ مارس، استدعت الخارجية التركية القائم بالأعمال الروسية في أنقرة، بسبب مقتل جندي تركي على يد قناص كردي سوري، والغريب أن هذا الحادث استفز الأتراك، علمًا أنه يحدث كثيرًا في مناطق الحدود التركية- السورية. ولم تتوقف الأمور عند الخطوات الدبلوماسية، بل أوقفت تركيا الرحلات البحرية بين اسطنبول وشبه جزيرة القرم، منذ أواسط آذار/ مارس الحالي. وأعلنت أنقرة في 18 آذار/مارس أنها لن تعترف بضم جزيرة القرم إلى روسيا؛ لأن ذلك انتهاك للقانون الدولي، وستستمر تركيا بتقديم الدعم للسكان التتار ذوي الأصول التركية في الجزيرة.
ومن جهة أخرى، حدث في أستانا ما يعكر مزاج الروس، بدعم من أردوغان. فوفد المعارضة السورية المسلحة لم يحضر نهائيًا إلى أستانا. ومن ثم؛ فأنقرة أفشلت المفاوضات في أستانا، وعطلت مبادرات الرئيس بوتين الذي بنى آمالًا كبرى على مفاوضات أستانا حول سورية.
ليس ذلك فحسب، بل رفضت تركيا -أيضًا- رفضًا مفاجئًا استيراد القمح والذرة من روسيا، إذ وضعت ضرائب بنسبة 130 في المئة. علمًا أن تركيا تأتي في المرتبة الثانية بين مستوردي القمح الروسي بعد مصر. وهذه ضربة أخرى لروسيا؛ لأنها تأتي في موسم تصدير القمح، ومن الصعب إيجاد بديل لتركيا بسرعة.
تكمن المشكلة في أن العلاقات بين البلدين لا تنطلق من المصالح المتبادلة، بل من الحيثيات السياسية.
حتى الآن يتظاهر الرئيس بوتين بأن الأمور جيدة في العلاقات مع تركيا، ولكن النار مشتعلة بين البلدين، ويمكن تأجيجها بأي ذريعة صغيرة.