أعلنت ميليشيا “قوات سورية الديمقراطية – قسد” أنها ستوقف عملياتها العسكرية في محيط سد الفرات لمدة أربع ساعات (من الواحدة وحتى الخامسة بعد ظهر أمس الإثنين)، لإتاحة الفرصة أمام الفرق الفنية لإصلاح الأعطال التي لحقت بغرفة التحكم الكهربائي والميكانيكي بالسد، بعد أن نشب حريق داخل الغرفة بفعل قصف طيران التحالف لجسم السد؛ ما يمكن تفسيره بالاعتراف الضمني من القوات المهاجمة عن مسؤوليتها في إلحاق الضرر بالسد واحتمال حدوث كارثة بشرية من جراء انهياره. ويأتي هذا الإعلان في إثر موجة احتجاجات وعرائض وبيانات من عاملين حاليين وسابقين في السد، تُنذر من مخاطر استهداف جسم السد، والعواقب الممكنة في حال فشل أقسام السد في تأدية وظائفها، ولا سيما مع التدفق الكبير من المياه في فصل الربيع عبر مجرى النهر.
على صعيد الأعمال العسكرية الجارية في الرقة، ضمن المرحلة الثالثة من عملية عزل الرقة، التي يشنها التحالف الدولي وميليشيا “قسد”، أعلنت هذه الميليشيا أنها فرضت سيطرتها على بلدة الكرامة في الريف الشرقي يوم الأحد. وأعلنت أنها سيطرت على مطار الطبقة في ريف الطبقة الجنوبي. هذا التقدم من جهتي الشرق والغرب يضيق الخناق على تنظيم “داعش” الذي بات وجوده محصورًا في داخل مدينة الرقة والأرياف الملاصقة لها، على الرغم من أن مشاهدات السكان المحليين وناشطين من مدينة الرقة تشير إلى أن عناصر التنظيم ينسحبون تدرّجًا نحو بادية الشام.
أصبحت مدينة الطبقة محاصرة بالقوات الأميركية وميليشيا “قسد” من جهاتها الشمالية والغربية والجنوبية، بعد السيطرة على المطار العسكري جنوبها. ولم يتوقف طيران التحالف عن ضرب أهداف متنوعة في ريف الطبقة الغربي؛ إذ دمَّر هناك ثلاثة جسور صغيرة لسكة القطار في المنطقة، هي جسور المخلف والقادسية والبوعاصي. وفي ريف الطبقة الشمالي، استولت القوات المهاجمة على قرية سحل الخشب، في خطوة جديدة باتجاه الرقة من جهتها الغربية الشمالية. مع هذه التطورات العسكرية على الأرض، تكون القوات الأميركية وحلفاؤها الأكراد قد حرمت النظام من فرصة التقدم باتجاه الرقة، كذلك أحكمت الطوق حول تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة، ما عدا جهة الشامية، ما يجعل من “قسد” الطرف الحصري المُستثمر والمستفيد من محاربة الإرهاب من جميع الأطراف المحلية، بعد أن أغلقت جميع المنافذ الأخرى أمام مساهمة فصائل الجيش الحر، والقوى الإقليمية الفاعلة في الملف السوري.
استؤنفت غارات طائرات التحالف على مدينة الرقة أيضًا، بعد توقف دام عدة أيام، إذ شنّ طيران التحالف (الأحد) غارات على وسط المدينة؛ مستهدفًا موقعين: هما مدرسة معاوية والملعب البلدي. الملعب البلدي هو موقع النقطة 11 سابقًا، أي، مقر جهاز استخبارات “داعش”، ويضم إضافة إلى النقطة 11 سجنًا من أبشع سجون التنظيم، وأشدها قسوة ورهبة في نفوس أهل الرقة، قبل أن يتعرض لغارات متتالية أجبرت التنظيم على إخلائه.
“بسام حجازي”
تشهد الأوضاع الإنسانية داخل مدينة الرقة تدهورًا مضطردًا، فإضافة إلى حالة الفزع التي انتابت الأهالي بعد سماع شائعات عن قرب انهيار سد الفرات، هناك شح في الأدوية واختفاء مادة البنزين من السوق وفقدان عدد من الحاجات والمواد الأساسية.
وينذر انقطاع الماء والكهرباء كليًا تقريبًا، والضائقة الاقتصادية؛ بسبب توقف معظم الأعمال والخدمات، بكارثة إنسانية مكتملة الأركان.
وعلى الصعيد السياسي والإعلامي أعلنت مَنْ تُسمى “رئيسة مشتركة” لمجلس الرقة المدني، ليلى مصطفى، أن ميليشيا “قسد” سلمت “إدارة المناطق التي تم تحريرها مؤخرًا في ريف الرقة الشرقي، لمجلس الرقة المدني في قرية المنخر بريف الرقة الشر- قوات تقول انها سلمت ادارة المناطق التي تم تحريرها مؤخرا في ريف الرقة الشرقي لمجلس الرقة المدني في قرية قي”. وفي سياق ذي صلة توقع صالح مسلم، الرئيس المشترك لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي، (الإثنين) “أن تنضم مدينة الرقة إلى نظام حكم لا مركزي، تؤسسه جماعات كردية سورية… وهناك حاجة لأن تكون الرقة تحت سيطرة (أياد صديقة) وإلا فإنها تشكل خطرًا على كل سورية، وخاصة على شمالي سورية… فيدراليات شمالي سورية. منطقة الإدارة الذاتية”.
يأتي توجه الميليشيا الكردية لضم جميع المناطق التي تستولي عليها بعد اندحار تنظيم الدولة الإسلامية منها، في سياق ما يبدو مشروعًا أميركيًا – كرديًا لتحويل الجزيرة السورية بمحافظاتها الثلاث، الرقة ودير الزور والحسكة، إلى منطقة نفوذ أميركي يتمتع بصورة ما من الاستقلال الذاتي، أو ربما الانفصال تحت حكم وسيادة كرديين.