تحقيقات وتقارير سياسية

“الأناركية” والـ “لا سلطوية”

“الأناركية” كلمة يونانية قديمة وتعني الـ “لا سلطوية”، مشتقة من مصطلح “أناركيسموس”، ويعني بدون حكام، استُخدمت هذه الكلمة قرونًا مديدة في كثير من الكتابات الغربية، للدلالة على الدولة المتفككة سلطتها، وعمت فيها الفوضى؛ لتصبح هذه الكلمة مرادفة للفوضى العامة في أي بلد غابت عنه السلطة.

بدأت ملامح الفلسفة “الأناركية” الـ “لا سلطوية “القديمة ” anarchism” في القرن السادس قبل الميلاد على يد الفيلسوف الطاوي “لاوزي”، ولاحقًا الفيلسوف “جورج لو شارتييه” الذي عدّ المسيح وتلامذته أول من أسس الـ “لا سلطوية”

دخل مصطلح الـ “لا سلطوية” إلى اللغة الإنكليزية بعد الحروب الأهلية عام 1642؛ إذ استخدمه الحكام تحقيرًا لمعارضيهم، وفي مطلع القرن التاسع عشر فقد هذا المصطلح السمة السلبية؛ ليحمل معنى إيجابيًا يدل على الثائرين أو الغاضبين من الحكام، ودخلت هذه الكلمة بإيجابياتها إلى فرنسا في أثناء الثورة الفرنسية.

نشأت “الأناركية” الحديثة في الفكر التنويري معتمدة على حجج عالم الاجتماع جان جاك روسو، ويعدّ وليام كودوين  أول من عبر عن الفكر الـ “لا سلطوي” الحديث في كتابه “تساؤلات بخصوص العدالة السياسية” إذ عدّ السلطة -بطبيعتها – معارضة لتطور الفكر البشري، في حين عدّ آخرون أن المؤسس الأول لفكرة الـ “لا سلطوية” الحديثة هو الفيلسوف جوزيف برودون الذي لقب نفسه اناركيست (الـ “لا سلطوي”)، وطور نظرية الترتيب التلقائي في المجتمع وعرفها: “حيث تنشأ في المجتمع منظمات بدون سلطة مركزية، عندما يقوم كل فرد بما يجب القيام به لصالح خدمة المجتمع فحسب”.

يمكن تلخيص أفكار “الأناركية”: بأنها  حركة سياسية تحمل أكثر الفلسفات المعادية للسلطة، لا تعترف بأي سلطة سواء كانت سلطة الجيش أو الشرطة أو الحكومة، لا تعترف بأي انتخابات ولا برلمانات، بمعنى أن الشكل المثالي للمجتمع يكون بالعمل التطوعي للفرد، ومن أهم مبادئها: ضرورة الهدم التام لأي سلطة، فهي لا تؤمن بأي حركة أو جماعة تنتهج الفكر الإصلاحي، أي مجتمع منظم بدون حكومة أو رئيس بعدّ أن هذه الحكومة تعيق تطور الفكر البشري والحرية ولا يتطور المجتمع إلا بالتشاركية والتعاونية، يرفض “الأناركيون “إلصاق كلمة الفوضى بمثل هذه الفلسفة، ويعدونها كلمة مغرضة لصقها المعارضون بهذه الفلسفة.

هناك أنواع للأناركية: شيوعية واشتراكية وفردية.

تعد “الأناركية” من أكثر الحركات التي تتعرض للهجوم وأكثر الفلسفات التي اتهمت بالعنف، على الرغم من أن التاريخ يثبت أن “الأناركيون” هم أقل الحركات والمجموعات السياسية التي مارست العنف.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق