تحقيقات وتقارير سياسية

النظام يصعد في محيط دمشق… جدوى المفاوضات

بلغ التصعيد العسكري للنظام وحلفائه ضد الغوطة وأحياء دمشق الشرقية، ذروته خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا المدنيين، إضافة إلى دمار هائل لحق بالأبنية السكنية، دفع بناشطي المنطقة إلى إعلان حيي القابون وتشرين مدمرين بالكامل.

التطورات الميدانية واستمرار التصعيد العسكري على ما تبقى من معاقل الثورة في محيط العاصمة دمشق، أعاد إنتاج الأسئلة المتعلقة بجدوى المفاوضات السياسية، وجدية النظام وحليفته موسكو بالدخول في محادثات تقود إلى انتقال سياسي حقيقي في البلاد، إلى جانب تلك الأسئلة المرتبطة بموقف واشنطن، وما طرأ عليه من تغيرات بعد مجزرة خان شيخون، وهو ما جعل بعضهم يعتقد أن الأميركيين دخلوا مرحلة جديدة في ما يخص سورية، عنوانها إنهاء حكم الأسد، في حين عد آخرون أن الموقف الأخير لا يتعدى حيز إرسال رسائل سياسية للفاعلين في الملف السوري وعلى رأسهم موسكو بأن لإدارة البيت الأبيض الجديدة رؤى مختلفة عن سابقتها، ليس في ما يخص الصراع السوري فحسب، وإنما في مجمل ملفات المنطقة.

في هذا السياق قال محمد سليمان دحلا رئيس الهيئة العامة في الغوطة الشرقية لـ (جيرون) “أعتقد أن الحديث عن المفاوضات والمحادثات السياسية بعد مجازر خان شيخون، والتصعيد ضد الغوطة وأحياء دمشق الشرقية، بات موضوعًا عبثيًا ولا معنى له، ولا سيما أن من تحكم بهذه المفاوضات وحدد ملامحها ومسارها هو الطرف الروسي، الذي تحول إلى محتل مباشر لسورية، وباتت موسكو بهذا المعنى شريكًا في كل ما يفعله نظام الإرهاب القابع في دمشق”.

وأضاف دحلا “لا بد للمعارضة، قبل الدخول في أي جولة مفاوضات جديدة، من إصدار بيان تدعو فيه الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى تنفيذ البنود غير الخاضعة للتفاوض، وهي البنود الإنسانية المنصوص عنها في القرار 2254 الفقرات 12و13و14، والقاضية بفك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة دون قيد أو شرط، قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، التي يجب أن تنحصر في تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، دون وجود لمجرم الحرب بشار الأسد، وبما يقود إلى الشروع في الانتقال السياسي، هذا ما ينبغي التركيز عليه في أي تفاوض، ودون ذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة من دون جدوى ومعنى”.

كثير من ناشطي شرقي العاصمة يؤكد أن النظام يهدف من وراء هذا التصعيد إلى استكمال سيناريو التهجير القسري والتغيير الديمغرافي في محيط دمشق، وكان آخر جولاتها عملية تهجير الزبداني ومضايا وبقين في الريف الشمالي للغربي للعاصمة قبل أيام.

في هذا الجانب قال دحلا “لعل أهم أسباب هذا التمادي، تنحصر في أن الأسد فهم تصريحات الإدارة الأميركية التي أشارت إلى أن مصيره ليس أولوية، وما تبعها من تراجع في المواقف الأوروبية وحتى العربية، إضافة إلى الغطاء الروسي العسكري والسياسي الدائم، على أنها ضوء أخضر للقيام بما يريد، وأنه فوق المحاسبة، فأقدم على مزيد من الحماقات، ولم يضع في الحسبان انقلابًا أو تغيرًا في تلك المواقف”. بعد الموقف الأميركي الأخير “ربما تحدث تغيرات في المعادلات السياسية المرتبطة بسورية، إلا أنها تظل حتى اللحظة تكهنات وننتظر ما تحمله المرحلة المقبلة”.

وأشار إلى أن هدف النظام وحلفائه من التصعيد “استكمال مخطط التهجير والتغيير الديمغرافي، وتحقيق حلم النظام في تصفية الثورة والقضاء عليها وإعادة تأهيله شريكًا في الحرب على الإرهاب”، لكن “مادام الشعب الثائر ثابتًا وصامدًا، ومصرًّا على تحقيق أهدافه، على الرغم من كل تلك المجازر والتضحيات، فلا شك في أنه منتصر، والنظام سيسقط لا محالة، والصمود بحدّ ذاته طريق إلى تحقيق النصر، ولا شك في أن حشد الجهد والإمكانات -على قلتها- سيكون له الأثر الأكبر”، مشددًا على أن “النظام لن ينجح في تكرار سيناريو التهجير في الغوطة؛ لأسباب كثيرة أهمها المعنويات المرتفعة للمدنيين والعسكريين؛ لأن التهجير بالنسبة إليهم يساوي الموت”.

لا يمكن التطرق إلى التطورات الميدانية شرق دمشق، وما يمكن أن تؤول إليه دون المرور بمعركة “يا عباد الله اثبتوا” التي توقفت توقفًا مفاجئًا، بسبب “خلافات فصائلية من جهة، وتوازنات إقليمية دولية من جهةٍ أخرى”، وفق ناشطين؛ ما أعاد إنتاج تصور قديم يعدّ أن الحسم في العاصمة مازال بعيدًا وربما ممنوعًا، وعن هذا قال دحلا: “لم يتوقف شيء، ولم ينته شيء، والاحتمالات مفتوحة”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق