اقتصاد

إعادة إعمار سورية: تنافس حاد وصراعات وحروب خفية

تُعقد كثير من المؤتمرات والاجتماعات، وتُعدّ الدراسات والاستراتيجيات حول إعادة إعمار سورية؛ يثير هذا الموضوع كثيرًا من الأسئلة. أولًا بسبب الحرب المستمرة، وثانيًا أن الدول والمنظمات والجهات التي تطرح موضوع إعادة إعمار سورية متورطة -بطريقة أو بأخرى- بكل ما يجري في سورية.

في الصحف، يُكتب الكثير عن إعادة إعمار سورية، وعن التنافس الحاد بين الدول والشركات للفوز به، إضافةً إلى الحروب المخفية في إعادة الإعمار للحصول على عقود العمل، سواء كان النفط أو الغاز أو البناء. وقد رأى بعض الخبراء الاقتصاديين أنه “قد يكون أحد أهداف استمرار الحرب في سورية هو الدمار؛ لأن الدمار يجذب الاستثمار؛ والاستثمار يعني إعادة إعمار؛ وإعادة الإعمار تولّد الدولار”. وفي التلفزيون أيضًا برامج كثيرة عن الموضوع الذي أصبح من أهم مواضيع الحوار. ففي ملفٍّ أعدته المؤسسة اللبنانية للإرسال حول (الحرب التي بدأت على مليارات الاستثمار في سورية) يؤكد التقرير أنه “عندما تعرف أن كلفة إعادة إعمار سورية هي 350 مليار دولار، بالحد الأدنى، حسب البنك الدولي؛ يسهل تفسير ما يجري عسكريًّا وسياسيًّا في سورية وحولها. إن ظاهر المفاوضات في جنيف سياسي، لكن كواليسها اقتصادية واستثمارية بامتياز؛ فالدول المشاركة في الحرب عسكريًّا والمؤثرة سياسيًّا تريد انتزاع حصص وازنة في كعكة إعادة الإعمار.

المعروف في السياسة والحروب أنه لا أحد يدفع مجانًا. ويبقى السؤال الأهم: “مَن سيموّل إعادة الإعمار؟ ومن سيستثمر في المال والسياسة؟ ومقابل ماذا”. المهم هناك الكثير من الأصوات الداعمة لإعادة الإعمار، بحجة التحضير للمستقبل، وبالمقابل هناك أصوات منتقدة لإعادة الإعمار، فالحرب ما تزال مستمرة والبلاد تتعرض لمخطط التقسيم، وعلى الرغم من ذلك هناك من ينادي بأن “تتم عملية إعادة الإعمار من خلال إسناد مسؤولية التنفيذ إلى المجتمعات المحلية، لِلَجم الخلافات الطائفية والعرقية”؛ وهذا قد يعزز التقسيم بعد إعادة إعمار “مناطق خفض التصعيد”.

المهم أن هناك الكثير من المبادرات والخطط والبرامج الهادفة إلى إعادة الإعمار، بعد انتهاء الحرب، أو بالأحرى إعادة الإعمار في زمن الحرب. فقد أعلنت حكومة النظام أنها ستعتمد على القوى الصديقة والقوى الحليفة في جهودها لإعادة الإعمار، لأن هذه القوى، مثل روسيا والصين وإيران، تقدّم خدمات عبر شركاتها، وليس عبر التمويل المباشر. وتستطيع أن تحقق ذلك على الأرض وتدفعها دوافع سياسية وتحالفية مهمة، لتكون جدية بشكل كبير. فحكومة النظام عازمةٌ على عملية إعادة الإعمار، وتميل رؤيتها إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص (القانون رقم 5 لعام 2016 حول التشاركية بين القطاعين العام والخاص، والذي يهدف إلى تمكين القطاع الخاص من المشاركة في إعادة إعمار سورية). حيث نشرت وكالة (سانا) في تموز 2017 أن “المجلس الأعلى للاستثمار، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وافق على “تأسيس شركة عقارية وطنية مشتركة بين المؤسسة العامة للإسكان والمصارف العامة وشركة زبيدي وقلعي، برأسمال قدره 50 مليار ليرة سورية. وتأتي الموافقة على تأسيس هذه الشركة تحت مظلة قانون التطوير العقاري لتكون ذراعًا وطنية، تسهم إسهامًا فعّالًا في تلبية احتياجات السوق العقارية والمشاركة الفعّالة بإعادة الإعمار”. كما تنفذ حكومة النظام خطة لإعادة الإعمار تعرف باسم “المرسوم 66″، (66/ 2012) سمي بمخطط إعادة بناء سورية، ويقول متابعون إن المرسوم يهدف إلى هندسة تغيير سكاني، من خلال التخطيط الحضري. كما عقدت حكومة النظام ملتقى الاستثمار السوري، في تموز/يوليو الجاري؛ لبحث سبل ترميم وإصلاح وإعادة إعمار ما هدمته الحرب.

وردًّا على مبادرات الحكومة، ظهرت أصوات كثيرة تتساءل عن السياسات الاقتصادية في زمن الحرب، والإطار السياسي الوطني للاستثمار، والقوانين والتشريعات الضامنة لحقوق الناس، وعن الشفافية والنزاهة في عملية إعادة الإعمار، كيف تُضمَن؟ وقد أكد كثيرون أن الاقتصاد السوري يعيش اليوم ما يسمى (اقتصاد الحرب)، حيث ينتعش الفساد وتحتكر الفرص السياسية والفرص الاقتصادية من قبل قلة من المستثمرين، في ظل غياب مؤسسات الدولة القوية والفاعلة. فأي عملية لإعادة الإعمار، في الوقت الحالي، ستشهد أنواعًا مختلفة ومنظمة للفساد، كما حصل في العراق وأفغانستان، حيث انتشر الفساد بشكل مؤسسي، وتمكن من كافة نواحي برامج إعادة الإعمار.

بالمقابل، هناك أصوات معارضة تسوّق لموضوع إعادة الإعمار، وتقوم -بالتنسيق مع الجهات الدولية- بعقد المؤتمرات وتحضير الاستراتيجيات. حيث تعمل هذه الجهات للتحضير للمرحلة الانتقالية في سورية ما بعد الأسد، وتعتبر برامجها مساهمة في النقاش والحوار الدائر حول مستقبل سورية وإعادة إعمارها. مثل مشروع (مارشال سورية) الذي اعتُمِد في “مؤتمر الشراكة للاستثمار في سورية المستقبل”، في 2012. ومشروع “صندوق الائتمان لإعادة إعمار سورية”، في عام 2013. ومشروع لإعادة بناء سورية ينفذه المركز الأطلنطي، باسم مشروع رفيق الحريري، بالإضافة إلى الاستراتيجيّة المشتركة للجنة الدراسات “الأورومتوسطية” حول مستقبل سورية، وتطرح فيها هندسة إعادة البناء في سورية.

يزداد التنافس يوميًا على “تورتة” إعادة الإعمار. وتسيطر فكرة (إنقاذ اقتصاد لبنان من خلال إعادة إعمار سورية)، حيث يحضر لبنان نفسه لتكون له حصة كبيرة في الكعكة السورية. ويعتقد اللبنانيون أنهم الأحق في الاستثمار وفي الاستفادة من صفقات إعادة الإعمار فهم يعدّون ذلك “جزءًا من ردّ الجميل على استقبالهم النازحين السوريين”. كما دعا رئيس حكومة لبنان المستثمرين الصينيين للاستثمار في لبنان، والاستعداد للمشاركة في إعادة إعمار سورية، خلال المؤتمر الذي نظمته مجموعة (فرسبنك) في 2017 في بيروت. ويبقى اللاهث الأكبر وراء إعادة الإعمار هو القطاع المصرفي اللبناني الذي يموّل اليومَ رجالَ الأعمال السوريين خارج سورية، وفق ما قال الأمين العام لجمعية المصارف: “تسعى المصارف إلى مواكبة إعادة تأهيل المشاريع الصناعية مثل مصانع الإسمنت، ولعب دور الوسيط مع المؤسسات المالية الدولية للاستحصال على قروض ميسرة. كما تعوّل المصارف على وجودها في سورية، إذ إن هناك 7 مصارف لبنانية في سورية ستشكّل مدخلًا للقطاع للمشاركة في إعادة الإعمار”.

وكذلك تطمح الأردن إلى أن تكون لها حصة في إعادة إعمار سورية، إذ كشف سياسيون أردنيون عن دور الأردن في إعادة إعمار سورية. وقد أعطى البنك الدولي وعودًا للأردن، في “إطار الشراكة بين البنك والأردن” بأنه سيسعى إلى “دعم الأردن لإنشاء برنامج يتيح للمملكة الانخراط في مسيرة إعادة إعمار سورية”.  كما تتحضر العاصمة الأردنية عمان، لاستضافة ملتقى عالمي لإعادة إعمار سورية والعراق، بين 12 – 15 تموز/ يوليو 2017، تشارك فيه شركات ومستثمرون من دول عربية وأجنبية عديدة، بينها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانية. وقال رئيس اللجنة التحضيرية العليا: إن “الأردن مؤهل ليكون بوابة لإعادة الإعمار في سورية والعراق”.

وهناك دول أخرى مثل الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل تخطط للمشاركة في إعادة إعمار سورية. وذكرت وكالة (سانا) الرسمية أن “سورية ترحب بدخول هذه الشركات الصديقة إلى السوق، للعمل في مجال البنى التحتية، وتشييد المباني السكنية، والمشاركة مع شركات البناء السورية في مرحلة إعادة الإعمار”.

وطبعًا لا يمكننا الحديث عن إعادة إعمار سورية دون ذكر مبادرة الأمم المتحدة التي تكون ربما الأولى التي أطلقتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية (أسكوا) في عام 2012 باسم (برنامج أجندة وطنية لمستقبل سورية)، وتتضمن المبادرة “إطارًا استراتيجيًا لبدائل السياسات لسورية ما بعد النزاع”.

كما بدأ البنك الدولي بالتخطيط لإعادة إعمار سورية من خلال مبادرة المعلومات والبحوث المتعلقة بسورية (SIRI)، حيث تم “تنفيذ رسم تخطيطي للدمار الذي حل بست مدن رئيسية في سورية، وبمواقع هذه الأضرار والمنشآت والخدمات التي ما زالت تعمل، وتلك التي توقفت عن العمل، من خلال صور الأقمار الصناعية”. ووفق تصريح أحد مسؤولي البنك الدولي فإن “البنك يستخدم أحدث وسائل التكنولوجيا والأساليب التي تم تجريبها مسبقًا، ليكون على أهبة الاستعداد لبدء العمل في سورية في الوقت المناسب، عندما تخف حدة الصراع. فالتكنولوجيا يمكن أن تتيح وضع خطط واقعية وقابلة للتطبيق في سورية، قبل أن تنتهي الحرب، بطريقة لم تكن في وسعنا من قبل”. ونشر البنك الدولي تقريرًا عن إجمالي الأضرار حسب المدن السورية:

 

 

ويَعدّ الاتحاد الأوروبي إعادةَ الإعمار إحدى أدواته الرئيسة للعمل مستقبلًا في سورية، وهو يفكر الآن في أفضل السبل للمشاركة بفاعلية، بحيث تنال شركاته الحصة الأكبر في الاستثمار؛ فعلى سبيل المثال، شكلت الكثير من الدول الأوربية “خلية خاصة” لمعرفة كيفية إفادة شركاتها من إعادة الإعمار. وتمت مناقشة إعادة الإعمار في اجتماع إعادة الإعمار في سيؤول، برئاسة ألمانيا. وقد اتهم النظام السوري فيه الاتحادَ الاوروبي بأنه “يستعد لإعادة إعمار سورية، وبأنه بغرض الالتفاف على مقاطعته لسورية، يقوم بإنشاء شركات في دول حيادية أو حليفة للحكومة السورية، كي يستطيع الدخول إلى هذه العملية من الباب الخلفي”. ولدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مصالح متداخلة لدعم وتمويل إعادة إعمار سورية. أولها الحدّ من تدفق اللاجئين وإعادتهم لبلادهم. وثانيًا الخوف من الخطر الإرهابي المتزايد مع تفاقم الصراع السوري؛ إذ إن عودة اللاجئين السوريين بأمان هي أحد أهداف الاتحاد الأوروبي الرئيسة في مرحلة الإعمار ما بعد الصراع.

وفي إطار البحث عن (إعادة إعمار سورية) نجد أن هناك الكثير من المبادرات التي تهدف إلى إعادة الإعمار، وما ذكرناه هو مجرد نموذج بسيط لما يحدث على الساحة الدولية من صراع وتنافس وحروب خفية للحصول على صفقات واستثمارات، على الرغم من الحرب المشتعلة في سورية. ما يهمنا هنا، هو التركيز على أن أي جهد لإعادة إعمار سورية يجب أن يكون في إطار المبادئ الأساسية التالية:

  1. لا يمكن الحديث عن مستقبل سورية وإعادة إعمارها ما لم يتم التخلص من جميع الأطراف المتحاربة على الأرض، والوصول إلى حل سياسي شامل. وطالما أن الحرب مستمرة في سورية؛ فإن كل المؤتمرات التي عقدت وستعقد لاحقًا هي عبارة عن إضاعة للوقت وهدر للتمويل الدولي. ففي غياب “حل سياسي في سورية، من المرجح أن تكون جهود إعادة الإعمار بطيئة وفوضوية ومجزأة وبلا جدوى”. وكما أكد بعض الباحثين، فإن “الأولويات الدولية المختلفة قد تولد أنواعًا جديدة من الصراع وتساهم في تفتيت سورية بدل إعمارها”. فالمؤكد أن أي جهد لإعادة إعمار سورية، في ظل الحرب المشتعلة، لن يكون له جدوى، ولذلك يجب على سياسات إعادة الإعمار أن تتوجه نحو (ربط سياسات إعادة إعمار سورية بمبادرات الحل السياسي وخطط السلام).
  2. ومن المهم أن تتم دراسة خطط تمويل إعادة الإعمار، لتحفظ حقوق الشعب السوري والسيادة السورية. حيث إن مصادر التمويل ليست متوفرة لدى سورية، وحتى لو توفرت في إطار الحل السياسي ومُوِّلت من قبل الدول الداعمة للأمم المتحدة تبقى هناك شروط والتزامات على الطرفين قبولها. أما في حال تمويل إعادة الإعمار من خلال الاستثمار في سورية، فإن أي تمويل لإعادة الإعمار سيكون مرتبطًا بشروط الدول والشركات الكبرى التي تريد تنشيط اقتصادها، من خلال الاستثمار في سورية. وستقدم المؤسسات الدولية، كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي قروضًا طويلة الأجل لسورية، تكبل شعبها باتفاقات لا نعرف خلفياتها وأبعادها وشروطها، في الوقت الحالي. وتؤكد التجارب الدولية أنه عندما تموّل الدول أو الجهات الممولة إعادة الإعمار بالقروض والديون، فدائمًا هذه الديون هي ديون سياسية لها ثمن سياسي، يجب أن يُدفع، وغالبًا ما كانت النتائج المرتبطة بهذه العمليات هي نتائج سياسية غير مرضية وترتبط بسيادة الدول.
  3. يجب أن تتم عملية إعادة الإعمار وفق خطة تنموية شاملة لكل سورية وليست مجزأة. ومن الضروري أن يكون هدفها إعادة بناء كل النواحي المدمرة في سورية: بشريًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، حتى لا يهدم ما يُعاد إعماره. فلا يمكن أن تكون عملية إعادة إعمار البلاد مدفوعة بمشروعات البنية التحتية فحسب، بل عليها توفير مؤسسات قوية وقوانين وتشريعات تضمن حقوق المواطنين؛ وسياسات تنموية واقتصادية واجتماعية شاملة تأخذ بالحسبان الأسبابَ التي ثار ضدها السوريون، وتدريب القوى البشرية اللازمة لإعادة البناء بأيدي سورية. علينا توحيد الجهود، فلا يمكن أن يستمر العمل مشتتًا وكل جهة تعمل، وفق أجندة خاصة بها. علينا العمل لإعادة إعمار وطننا ضمن نهج مبني على الحقوق، يعالج الأسباب الأساسية للحرب، ولا سيما التباين الملحوظ بين المناطق، ويحفظ حقوق جميع المواطنين.
  4. ويبقى الهدف الأساس هو إعادة الاعتبار للمواطن السوري. وهذا يتطلب جهودًا كبيرة. فقد تسببت الحرب بجروح كبيرة وشهداء ومعتقلين ونازحين ولاجئين ومعوقين وجرحى وأيتام. وقد وصلت نسبة الفقر إلى 80 بالمئة من الشعب السوري. يجب التركيز أولًا على إنقاذ الشعب السوري الذي يعاني من الحرب ومن الاعتقال ومن التشرد واللجوء، واعتبار عملية إعادة النازحين واللاجئين أولويه للعمل. فأي برنامج لإعادة الإعمار لا يتضمن العودة الآمنة للاجئين والنازحين للمشاركة في إعمار وطنهم؛ يبقى بلا جدوى. لقد خسرت سورية الكثيرَ من المهارات بسبب اللجوء وهجرة أعداد كبيرة من الشباب المؤهلين إلى خارج سورية. وساهمت البطالة لفترات طويلة وفقدان فرص العمل الجيدة في خسارة الكثير من المهارات. ولذلك نحتاج إلى الخبرة السورية، واليد العاملة السورية، لإعادة الإعمار، فمن دون قدراتهم وإمكاناتهم لن يكون هناك من يبني الوطن.

إن الهدف الواقعي في الوقت الحالي يجب أن يكون إعادة بناء الإنسان السوري، قبل البدء بعملية إعادة إعمار سورية. وهذا يبدأ بتعزيز البيئة المواتية لإحداث التغيير، وإعادة الإعمار، من خلال تحسين الظروف المعيشية للسوريين على الأرض، (إيقاف الهجرة والنزوح وإيقاف نزيف الدم السوري) وذلك من خلال توفر الأمن والأمان، والعمل على توفير الاحتياجات الأساسية وبناء القدرات المؤسسية اللازمة للاستقرار.

أما بالنسبة للاجئين خارج سورية؛ فيجب على المنظمات الدولية أن تركز في برامجها على تدريب وتأهيل الشباب السوري ليكون قادرًا على المشاركة في إعادة إعمار سورية في المستقبل. ولذلك نركز على أولوية بناء القدرات السورية للمشاركة في إعادة الإعمار، لتلبية الطلبات المتزايدة التي تنشأ في أعقاب الحرب على العمال المهرة والعلوم المتقدمة. ولذلك تحتاج هذه المنظمات لبلورة استراتيجيات “فوق تقليدية” في التعامل مع اللاجئين الشباب، تشمل مشاريع لإعادة تأهيل النازحين واللاجئين وتعليمهم وتمكينهم حتى يكونوا مستعدين للمشاركة في عملية إعادة البناء، حين يعودون إلى سورية.

علينا التفكير بحلول جديدة تعتمد على الواقع السوري، والخروج عن النهج التقليدي للممارسة الدولية في مجال إعادة الإعمار الذي تصفه كثير من الدراسات بأنه “يعتمد على تَصَوُّر الجهات الدولية المانحة ويستند إلى اعتبار وجهات نظرها ومصالحها كأساس للعمل”. وقد أكد كثيرٌ من السوريين في اجتماعاتهم أنه “يجب أن تكون المبادرة للسوريين الذين عليهم إدارة عملية إعادة الإعمار بأنفسهم، فغالبًا ما تقوم المنظمات الدولية باستبعاد المجتمعات التي مزقتها الحروب، ويتم حرمانها من فرصة إدارة عملية إعادة الإعمار، بذريعة أنها غير مؤهلة لذلك”؛ ولذلك لا بدّ من تمكين السوريين من تخطيط وتصميم سياسات وبرامج ومشاريع إعادة الإعمار وتنفيذها. والأهم من ذلك، تمكينهم لمحاسبة الجهات الفاعلة في عملية إعادة الإعمار، سواءٌ كانت وطنية أم دولية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق