كشفت صحيفة (يني شفق) التركية أن أنقرة تبحث مع قوى إقليمية ودولية تنفيذ خطة من ثلاثة بنود، في محاولة لتجنيب محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة (تحرير الشام) عملًا عسكريًا شاملًا تشارك فيه الدول الكبرى، في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية التركية حراكًا، على أكثر من اتجاه، لإيجاد صيغة توافقية، تضمن مصالح الأطراف الفاعلة دوليًا/ إقليميًا في الصراع السوري.
ذكرت صحيفة (يني شفق)، أمس الثلاثاء، أن خطة أنقرة تقوم أولاً على تشكيل هيئة إدارة محلية مدنية، تتكفل بإدارة شؤون المدينة كافة وبإبعاد التنظيمات المسلحة عن إدارتها، ثم نقل العناصر المسلحة في المعارضة السورية إلى جهاز شرطة رسمي، يتكفل بحفظ الأمن، وأخيرًا حل (هيئة تحرير الشام).
في المقابل، تدرس موسكو خيارين، بخصوص إدلب: الأول البحث عن تفاهم مع واشنطن، لتشكيل حلف عسكري لضرب (تحرير الشام)، على غرار التحالف الذي تقوده الثانية ضد (داعش)، في حين أن الخيار الثاني يدعم توجهًا تركيًا/ إيرانيًا، لتشكيل قوة عسكرية من الجيش السوري الحر، تكون مهمتها قتال (تحرير الشام). وفق صحيفة (الشرق الأوسط).
النقيب المنشق سعيد نقرش، الموجود في الشمال السوري حاليًا، قال لـ (جيرون): “من الصعب القول إن الوضع في إدلب يشبه الرقة، فالأخيرة تحت سيطرة (داعش) بالكامل، منذ نحو ثلاث سنوات، في حين لا تعدّ إدلب تحت سيطرة النصرة بشكل كامل، فهناك فصائل عسكرية وقوى ثورية ومدنية موجودة، تناوئ وتعادي مشروع (النصرة)”. واعتبر أن “الوضع في إدلب شديد التعقيد، ولا يمكن ببساطة الاتفاق، بين الدول الإقليمية والفاعلة في الصراع السوري، على حل؛ لأسباب عديدة منها أن الولايات المتحدة تريد التدخل من خلال قوات (قسد) صاحبة المشروع الانفصالي، وهذا يتعارض مع أهداف الثورة السورية ويهدد أمن تركيا، ومن جهة أخرى لا يمكن لإيران أن تدعم تشكيل قوات من الجيش الحر لقتال (النصرة)، ولا يمكن لفصائل الثورة أن تقبل بأي تعاون مع طهران، فهي من اليوم الأول للثورة تساند النظام في الحرب على الشعب السوري”.
تبقى مآلات الوضع في إدلب –وفق عدد من التحليلات- رهن تفاهمات دولية، بين موسكو وواشنطن، تضمن مصالح الدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري، وعلى رأسها تركيا وإيران، وتبدو الولايات المتحدة -حتى اللحظة- غير “مندفعة” للتحالف مع روسيا، في مناطق غرب الفرات، وفي الوقت نفسه تعتبر أن إدلب هي أكبر معسكر لـ (القاعدة) يضم أكثر من عشرة آلاف مقاتل وقيادي، وهم الأخطر في العالم، وفق (الشرق الأوسط).
في هذا السياق، قال نقرش: “واشنطن تنتهج السياسية ذاتها التي اتبعتها سابقًا في أفغانستان، ومن ثم في العراق وأخيرًا في الرقة، بمعنى أنها تسعى لتضخيم المعطيات الميدانية؛ تبريرًا لتدخل عسكري محتمل بقيادتها، وحماية مصالحها، لكن الحقائق مغايرة تمامًا للمعلومات الأميركية. قيادات (النصرة) في سورية لا تتعدى بضعة أشخاص يتم نقلهم من مكان إلى آخر، بهدف القيام بأدوار وظيفية تخدم مصالح دول معينة، في مكان محدد”.
وأوضح أن “الولايات المتحدة باتت تسيطر على المنطقة الشمالية الشرقية من سورية الخاضعة لسيطرة (قسد)، وتعتبر واشنطن أن هذه المنطقة حزامُ نفوذ ومصالح لها. ويسعى حليفها (قسد) هناك لتشكيل كيان مستقل؛ الأمر الذي تعتبره أنقرة تهديدًا لأمنها القومي؛ وبالتالي تسعى واشنطن، من خلال كل تلك المعطيات -سواء المتعلقة بتضخيم موضوع (النصرة) في إدلب أو دعمها لـ (قسد)- للضغط على الأطراف الأخرى الفاعلة في سورية؛ بما يضمن مصالحها على المدى القريب والبعيد، دون أن تضطر إلى التدخل بشكل مباشر”.
إلا أن ناشطين سوريين يرون أن مصير إدلب غير مرتبط بالتوافقات الدولية الإقليمية فحسب، بل في جانب كبير منه يخضع للتفاعلات على الأرض، مشيرين إلى أن “الحل الأمثل لتجنيب المحافظة والمدنيين بداخلها كارثة إنسانية يكون بتفعيل الحراك الشعبي المناهض لوجود (تحرير الشام)، بما يقود إلى خروجها من سورية، ودون ذلك؛ فالمصير الأسود بانتظار الجميع”. م.ش