زار آرام صديقه اصطيف؛ فوجده يحزم حقيبته:
- خير يا طير.. وين يا مهوِّن؟!
- على أستانا.
- من الأستانة.. إلى أستانا، شو عدا ما بدا؟!.
- أعلنت عن منصّة تفاوضيّة على تويتر وفيسبوك..
شهق آرام: – أعلنت! يعني.. شَكَّلت وفد تفاوضي؟!.
- شكَّلت وفد.. برئاستي أنا؛ وبعضويتي أنا.. وبس.
- إي.. وشو كمان؟!.
- دعوني الرفاق الكازاخ، بعتوا بطاقة سفر وحجز أوتيل، وبعتوا كمان “بوكيت مَنِي”.
ضحك آرام حتى اشتدت عليه خاصرتاه:
- كنت بدّك تعمل منصّة شاورما في الفاتح بإسطنبول، شو ها الانعطاف الاستراتيجي هاد؟!.
- جَكَارَة بطليقتي.. انشراح خانم.
- هلّأ صارت قضية السوريين.. جكارات؟!
- قول شو ما بدَّك.. بكرا أنا مسافر.
فسأله آرام:
- وشو برنامجك التفاوضي؟!.
- ما في برنامج، بنتظِر تحكي انشراح خانم؛ بِحكِي عكسها.
- شي حلو.. شو ها المفاوضات التَرَلِّلي؟!
- ترلّلي.. قلَّك وقلِّي، خلص.. طفح الكيل، رايح بُكرا.
- وإذا اتفقوا على حكومة انتقالية.. بلا بشار؟.
- بتحفَّظ.
- وإذا قبلوا بحكومة انتقالية.. مع بشار؟.
- بتحفَّظ.
- وإذا قبلوا ببشار بعد المرحلة الانتقالية؛ وقالوا: من حقّه يترشح من جديد؟!.
- بتحفَّظ.
فصرخ آرام ملتاعًا: – على شو عَمّ تتحفَّظ؟!
- على كلّ شي.
- وإذا اتفقوا.. وكنت وحدَك المُتحفّظ الأبدي؟!
- بِعلِن انشقاقي.
- عن مين؟!
- مَانِي عضو بأيّ شي.. بس بِعلِن انشقاقي عن منصتي أنا.
زفرَ آرام ما في رئتيه من ثاني أوكسيد الكربون:
- يا اصطيف؛ انت مو رايِح تفاوض؛ انت رايِح.. تناكِد.
- طبيعي.. أنا سوري؛ والسوريين مو شاطرين إلّا بمُنَاكَدِة بعضهم البعض، بيشتغلوا حتى في السياسة من باب المناكدة.
- بس انت عم تناكِد طليقتك انشراح خانم، وين السياسة هون؟!.
- حتى طلاقي منها.. كان موقف سياسي.
فضحك آرام:
- هي بدها شرح.. كيف يعني؟!.
- ما بعرف.. اللّي بعرفه إنُّو كلّ شي بحياتنا سياسة؛ الغزل.. سياسة، البُوسِة.. سياسة.. الخ.
- واضح إنك رايح بِرَدِّة فِعل.. وبَس.
- ايمتى كنّا نفعل.. يا تقبرني؛ شوف اللِّي عملوه فينا؛ وبعدين احكي.
- الثوة اللّي عملناها.. أكبر فعل.
ردّ اصطيف مُبتهجًا بانتصار آرائه:
- الثورة هي الفعل الوحيد، بَس كلّ شِي وراها.. ردود أفعال.
- متل شو؟!.
- قال أدونيس إنها ثورة إسلاميّة بتطلع من الجوامع؛ سَبِّيناه.. ورحنا لعند العرعور ندقّ وراه عَ الطناجر.
- ثورتنا مو إسلاميّة ولا طائفية.
- بعرف، بس هيك عملناها.. منشان المُنَاكَدِة.
- ثورتنا سِلميّة مدنيّة.. منشان الكرامة والعدالة والحقوق.
- كمان بعرف؛ بس كَم سوري.. راحوا ورا إخوة المنهج جَكَارة بالديمقراطية والعلمانيّة؟!.
ردّ آرام:
- طبيعي يصير هيك فرز بالثورات الشعبية؛ اللِّي ما وراها أحزاب ولا جماعات ولا فيها قيادات ولا معارضة متل الخلق والعالم.
- بالله شُو.. والجماعات اللّي قالت منعترف بالشورى مو بصناديق الاقتراع؟!.
- هَي.. مو مشكلة ثورتنا وبس؛ هي مشكلة كلّ شرقستان؛ لأنّو ثورات الربيع العربي.. فتحت صندوق الأسئلة اللّي كانوا مسكَّرينه حكّامنا من ألف سنة؛ وصاروا الناس يدوروا ع الأجوبة.
- ياما فيه سوريين.. ما عندهم غير أجوبة جاهزة لكلّ شي.
ربت آرام على كتف اصطيف:
- طبيعي.. كلّ هادا حِرَاك طبيعي؛ شوف هلأ كيف اقتنع السوريين.. إنّو أمراء الحرب خسَّروهم المناطق اللِّي حَرَّرها الجيش الحر.
- بعد شو.. بعد ما خربت البلد، ما قلتلك.. كلها مُناكدات؟!
- إنت نفسك رايح على أستانا تناكد طليقتك، شو بدّك فيها بعد ما تطلقتو؟!
- لَكَن تغازل دي ميستورا وعلنًا.. هيك على الفضائيات؟!.
- تصطفل.
- وين الشرف.. وين الكرامة.. وين النخوة؛ بدّي خَلِّيها تبكي كوكا كولا؛ وتشرّ من مناخيرها شَرّ.
ضحك آرام:
- انتبه يا اصطيف؛ هلّأ غسان الجباعي بيحذف جملتك؛ بيقول عَم تعمل دعاية لشركة إمبريالية في موقع جيرون!.
- اطمَّن.. ما بيعملها غسان؛ مو من جماعة المُنَاكدات.