فلمّا رأى آرام السوري صديقه اصطيف في مقهى إستنبولي، يُشجِّع فريقَ برشلونة، سَحَبَ كُرسيًا وجلس بجانبه:
- ما بعرفك بتحبّ كرة القدم؟!.
- هادا عشق قديم.
- مين عَم تشجع الليلة.. بلا صُغرَة؟
ردّ اصطيف مُتباهيًا: – أنا برشلوني.
- حضرتك إسباني من برشلونة؟!
- أنا بالأصل.. أهلاوي حلبي؛ ليفربولي قبل ما شجّع برشلونة.
- والنعم منّك، يا اصطيف.
- وأنت شو؟
أجابه آرام: – أنا مع اللعبة الحلوة، ضروري نتعصَّب لفريق ضدّ فريق.
- هيك الدنيا يا آرام.. بدَّك تعرف مين أنت، ومع مين، وضدّ مين.
- قبل يومين صارت مباراة قطر وسورية.. كنت مع مين؟!
تنهّد اصطيف: – بدّك الحقيقة.. كان قلبي يتمنّى تربح سورية، وعقلي يتمّنى يخسر المنتخب الأسدي.
- وبمباراة سورية وإيران؟!
- قلبي يتمنّى تربح سورية نكايةً بإيران، وعقلي يتمنَّى يخسر المنتخب نكايةً بالأسد؛ بس تعادلوا.
- هي دُوِّيخَة، يا اصطيف، بدَّك توحِّد قلبك وعقلك.. لتطلع منها.
- عن جَدّ دوّيخة.. شو أعمل؟
- على فكرة.. في متلك كتيرين، يا اصطيف؛ حتى بين المعارضين للنظام؛ لهلأ أفيون كرة القدم مخدِّرهم؛ معتبرينها: معركة وطنية؛ ومعتبرين المنتخب.. منتخبهم؛ مو.. منتخب بشار.
- محتار يا آرام.. والله محتار.
فسأله آرام: – كم مرّة.. حَسِّيت إنّو فريقنا هُوّي: مُنتخَب النظام؛ مو مُنتخَب البلد؟.
- كتير مرّات؛ بَس لمَّا تبدا المباراة، بصير فورًا مع منتخبنا.
- على هالشي.. بتلعب كلّ الأنظمة على شعوبها؛ بتاخدهم بالعَبطَة وبالعلم وبالنشيد الوطني؛ بالبِكِي لمّا يخسر المنتخب أو بالهِيصَه لمَّا يربح.
- والخلاصة.. شو بدّك تقول؟!
- كرة القدم.. أفيون الشعوب.
ضحك اصطيف: – رح سمّيك: كارل ماركس الفيفا.
- على راحتك يا اصطيف.. أصلًا السوريين مو شاطرين إلّا بهيك تفنيصات.
- ما قصدي التَريَأه.. بس من إيمتى طلعِت معك هالجملة؟!
- من لمّا ربح فريق أميّة بأرضه، على فريق جبلة 3- 1 وخسر على أرض جبلة 7 – 0!!.
وقف اصطيف من وَهلَةِ الأرقام: – شو.. كيف صارت هَيّ؟!
- بفضل حسن الضيافة.. يا اصطيف!
ثم تابع آرام: – ومن هداك الوقت.. ما عدت شَجِّع منتخب سورية.
- حكيك.. فيه ريحة طائفية!
- أبدًا.. كان اسم فريق إدلب: نادي الإخاء؛ قام طلع مرسوم أسدي وصار: نادي أميّة!.
- متل ما غيّروا اسم فريق: أهلي حلب وسمُّوه: الاتحاد.
- واسم: نادي بردى.. عملوه: نادي الوحدة.
- شايف هالأسماء.. شو بعثية؟!
ضحك اصطيف: – كان ناقصنا فريق اسمه: اشتراكية.
- عملوا جريدة اسمها: نضال العمال الاشتراكي.
- وجريدة: كفاح الفلاحين.
- اللِّي بِدِي منها خليل صويلح مسيرته الصحفية؟!
- الله يصلحه لصويلح، حتى اسمه بيذكِّر بالإصلاح الزراعي!
علَّق اصطيف: – الله يصلحك أنت، أخدتني بالحكي.. من برشلونة لجبلة؛ ومن.. ميسّي لصويلح!.
ردّ آرام: – المهم هلّأ، عرفت إنّو اللّي بيحتلّ بلد.. بيحتل الملعب معه!
تنهّد اصطيف: – ما دخلت السياسة بين اتنين أو شعبين.. إلّا وخَرَّبتهم.
رد آرام: – وما دخلت الكرة بين اثنين.. إلّا وخَدّرتهم؛ ما قلتلَّك يا أهلاوي يا ليفربولي يا برشلوني يا برازيلي.. إنّو كرة القدم أفيون الشعوب؟!.
علّق اصطيف: – ما تقول برازيلي، كنت شجّعهم.. بَس بعد مواقف الحَجِّة ميركل مع الشارورما السورية.. صرت ألماني الهوى والأهداف.
- سيدي.. ما بتفرق كتير، الطابه بتدور في العقول؛ والعقول بين أقدام اللاعبين؛ ونحنا الطابه جوّا بلدنا وبرّا البلد، دَبِّرها.. إذا بتدبَّر يا اصطيف.
- شو بدنا بها الحكي يا آرام.. خلّينا بالرياضة أحسن.
- والرياضة بتقول يا اصطيف:
لولا إيران ما كان بثار ضَلَّ بالملعب.. كلّ هالسنين.