قال المعارض السوري محمود الحمزة: إن “موسكو تحاول، بالتنسيق مع الجانب الأميركي، الوصول إلى فرض عملية سياسية معينة، تخدم أجندتها وتحافظ على بقاء نظام الأسد”، موضحًا أن استراتيجية روسيا، منذ بدء الثورة السورية، “قائمة على تحقيق مصالحها الجيوسياسية، على حساب السوريين”.
اعتبر الحمزة، خلال حوار أجرته معه (جيرون)، أن “روسيا استطاعت، من خلال التدخل العسكري في سورية، الهيمنةَ على أجزاء كبيرة من سورية، وكبّلت النظام باتفاقات لعشرات السنين، تسمح للقوات الروسية بأن تبقى متمتعة بالحصانة، إضافة إلى توقيع اتفاقات اقتصادية وغيرها”، وتابع: “إن موسكو نجحت في إطالة عمر النظام، لكنها لن تستطيع الحفاظ عليه طويلًا؛ فبشار الأسد مجرم حرب، وسيطالب المجتمع الدولي بتقديمه للمحكمة الجنائية الدولية”، وعقّب بالقول إن “الوجود الروسي في سورية قد يكون فخًا لها في المستقبل”. وأضاف: “روسيا أرادت من تدخلها في سورية أيضًا إقناع أوروبا وأميركا بأنها تستطيع محاربة الإرهاب، وتخفيف الهجرة لأوروبا، ولا سيما بعد أن دخلت في طريق مسدود في أوكرانيا، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية موجعة”.
يعتقد الحمزة أن روسيا تبحث عن مصالح اقتصادية كبيرة في سورية، مشيرًا إلى أنه “يُشاع أن سورية تمتلك ثروة غازية هائلة في البحر المتوسط، بالرغم من أن هذا الأمر غير مثبت، وتأمل روسيا أن تملك شركاتها حق التنقيب والاستثمار في الغاز، وكذلك تريد أن يكون لشركاتها دور كبير، في عملية إعادة إعمار سورية والاستمرار في تسليح جيش النظام”.
حول موضوع المصالحات والهدن التي تسوّقها روسيا في سورية، خارج إطار عمليتي جنيف وأستانا، قال الحمزة: إن “روسيا تخطط -عن طريق الهدن- للاقتراب من فرض عملية سياسية معينة، تخدم أجنداتها وتحافظ على نظام الأسد”، معتبرًا أن هذا المخطط “جريمة بحق السوريين”.
في السياق ذاته، يرى الحمزة أن “روسيا تحاول تقديم طريق آخر للحل في سورية؛ يبدأ بالمصالحات والهدن، ثم محاربة (داعش)، وأخيرًا بقاء النظام بما فيه القتلة والمجرمون”، ووصف تلك الخطوة بأنها كانت “ذكية وخبيثة، عبر إدخال الفصائل المسلحة في المفاوضات؛ ومن ثمّ يجري تهميش المعارضة السياسية. كما أن روسيا تريد الالتفاف على جنيف التي تكون برعاية الأمم المتحدة”.
في ما يخص العلاقة الأميركية-الروسية، قال الحمزة: إن الخلافات بين البلدين حول الملف السوري “ليست جدّية”، في الوقت الذي يوجد فيه “هناك تحالف روسي-إسرائيلي استراتيجي”، مشيرًا إلى أن “حماية أمن (إسرائيل) -كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف- هي من أولويات روسيا 100 بالمئة”.
بالنسبة إلى المستقبل القريب في سورية، قال الحمزة: “إن المرحلة القادمة -بغض النظر عن شكل الحل- تتطلب دورًا سياسيًا للنخب الوطنية في الخارج والداخل؛ لذلك يجب بلورة تيار وطني ديمقراطي سوري لا يُقصي أحدًا، ويكون شفافًا ويمتلك إرادة حرة”. وأكد أن “المعارضة الوطنية وقوى الثورة السورية أمام تحدٍّ مصيري؛ وأن عليها أن تعيد تشكيل نفسها، وتنظف صفوفها من الانتهازين والمتسلقين ومن الفاشلين الذين لم يتمكنوا لا من قيادة الثورة ولا من دعم مسيرتها، بل أدخلوا الثورة في طريق مسدود”، ودعا إلى “فتح صفحة جديدة، بأدوات سياسية جديدة، وتفكير وطني جديد، يكون بعيدًا عن الأيديولوجيا والصبغات الدينية والقومية، وأن يكون قرارنا كسوريين مستقلًا”.