تحقيقات وتقارير سياسية

حصار الغوطة.. موسكو تمهد للحراك السياسي

صعّد النظام السوري وحلفاؤه، خلال الأيام الماضية، الحملةَ العسكرية على الغوطة الشرقية بريف دمشق، على الرغم من أنها داخلة ضمن مناطق خفض التصعيد بضمانة موسكو، وذلك بالتزامن مع حصار خانقٍ أودى بحياة 29 شخصًا، بينهم 15 طفلًا و7 نساء، وفق الهيئات الطبية في المنطقة.

تؤكد الفاعليات المدنية والعسكرية داخل الغوطة أن التصعيد يأتي بهدف إجبار مؤسساتها المدنية على القبول بشروط النظام وحليفته موسكو للتسوية، قبيل المحادثات المزمعة، سواء في أستانا نهاية الشهر الجاري، أو جنيف مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.

يقول وائل علوان، المتحدث الرسمي باسم (فيلق الرحمن): إن “التصعيد ضد الغوطة ازداد بشكل كبير خلال الأسبوع الأخير، ووسّع النظام دائرة المناطق المستهدفة لتصل إلى مدن وبلدات: (عربين، وكفر بطنا، ومَديَرا) وغيرها، وهو ما يعني موجة نزوح داخلي”.

يرى علوان في تصريحات لـ (جيرون) أن “الروس يريدون تركيع آخر معاقل الثورة في محيط دمشق، قبل الذهاب إلى حل سياسي خلال الفترة القادمة، وتماشيًا مع ذلك بدأت موسكو بالضغط على النظام السوري لتصفية ضباطه ورموزه المتورطة بجرائم الحرب اتساقًا مع التوافقات الدولية الإقليمية لحل مزمع في سورية، وهنا يمكن قراءة التصفيات الأخيرة لزهر الدين وسواه”.

أضاف: “هناك حراك دولي متسارع، داخل أروقة المجتمع الدولي؛ أفضى إلى منح النظام السوري ضوءًا أخضر ليس فقط من روسيا بل حتى من الأميركيين والأوروبيين؛ لسحق مناطق الثورة قبل الدخول في جولات مفاوضات جديدة في أستانا أو جنيف”، وأوضح: “هذا التصعيد هو مهلة لإنهاء وجود المعارضة في الغوطة، قبيل إنتاج أي توافقات دولية، ويترافق ذلك مع ضغوط روسية على النظام لإعادة هيكلة نفسه بما يتماشى وتلك التفاهمات”.

من جانب آخر، قال رئيس الهيئة السياسية في دمشق وريفها أبو زياد فليطاني: إن “التصعيد يستبق التوجه الروسي لجولة جديدة من محادثات أستانا وعقد مؤتمر في حميميم، تزامنًا مع الحديث عن استئناف مفاوضات جنيف، بداية الشهر المقبل، لذلك يمكن اعتبار أن ما يحدث يهدف إلى تركيع الغوطة وقبولها بما يطرحه الروس من حلول”.

أشار فليطاني، خلال حديثه لـ (جيرون)، إلى أن “هذه السيناريوهات ليست جديدة، وقد عايشتها الغوطة الشرقية سابقًا، لذلك ينبغي الآن على القوى الثورية بشقيها السياسي والعسكري، في الداخل والخارج، تبني مواقف موحدة تقطع الطريق على أي مشروعٍ لا يلبي مطالب الشعب السوري، ولا يكون وفق القرارات الدولية وعلى رأسها القرار 2254”.

التصعيد المتواصل على الغوطة الشرقية، والمتزامن مع اقتراب عقد جولات جديدة من المحادثات في مساري جنيف وأستانا، أعاد إنتاج المخاوف من أن يكون ثمنُ التوافقات الدولية والإقليمية للدول الراعية لتلك المسارات سقوطَ الغوطة الشرقية، ما يعني وجود سيناريو تهجير قسري جديد.

حول ذلك، أكد علوان أن “الغوطة الشرقية لن تستلم لسيناريو التهجير القسري، أيًا كانت التفاهمات الدولية الإقليمية بخصوص القضية السورية، لأن قرار الغوطة في النهاية وطني، وهو خيار المقاومة والبقاء، مقومات الصمود والثبات كبيرة ومتوافرة، والمفاجآت التي تنتظر من يحاول اقتحام مناطقنا كبيرة، ولن يتوقعها المهاجمون”.

وأشار إلى أن “إمكانية شن عمل عسكري باتجاه العاصمة دمشق هو أحد الخيارات الدفاعية للثوار، وسيلجؤون إليه في حال بقي هذا التخاذل الدولي والتعنت الروسي وعدم التزامه بما ضمنه في الاتفاقات الموقعة. نحن لن نسعى إلى إفشال الاتفاقات، ولكننا نمارس حقنا في الدفاع عن النفس وعن شعبنا، ولن نتخلى عن ذلك الحق، وخصوصًا أن اتفاق خفض التصعيد ما زال حبيس الغرف المغلقة، ولا أثر له على الأرض إطلاقًا”.

بدوره، رأى فليطاني أن “ارتباط التصعيد باقتراب عقد جولات من المحادثات السياسية أصبحت مسألة اعتيادية، دائمًا هناك مخاوف من توافقات على حساب الثورة، ولكن على الرغم من الحرب المتواصلة من النظام السوري طوال الخمس سنوات الماضية، والآن من موسكو؛ صمدت الغوطة وستبقى صامدة، لأنها -بتشكيلاتها العسكرية وهيئاتها المدنية وحاضنتها الاجتماعية- حسمت أمرها بالبقاء، واستطاعت سابقًا ترويضَ الحصار واجتراح وسائل للتغلب عليه، وستنجح الآن أيضًا”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق