قضايا المجتمع

الأيتام السوريون.. مئات الآلاف يكبرون دون كفيل

 

تزايدَ عدد الأطفال الأيتام في سورية، منذ أكثر من ست سنوات حتى الآن؛ بسبب تصاعد أعمال العنف والقتل في البلاد، منذ اندلاع الثورة السورية. وقدّرت (يونيسف)، في تقريرٍ أخير لها، “عدد الأطفال السوريين الذين فقدوا أحد والديهم أو كليهما بنحو مليون طفل سوري”، ما يُعدّ كارثةً بكلّ المقاييس، وخصوصًا أن عدد سكان سورية قبل الحرب كان نحو 25 مليون نسمة، ثلثهم من الأطفال، ما يعني أن نحو 10 بالمئة من أطفال سورية أيتام أحد الوالدين أو كليهما، بسبب الحرب.

ذكرت (يونيسف) أيضًا “أن عشرات الآلاف من الأطفال باتوا معاقين إعاقات دائمة، إضافة إلى تقطّع السبل بمئات الآلاف من الأطفال في المناطق المحاصرة، فضلًا عن نزوح نحو 8 آلاف طفل وحيدين، دون مرافقين من أفراد أسرهم، من أصل مليون طفل نزحوا إلى دول الجوار”.

مع استمرارية هذه الأزمة، افتُتح في سورية، في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وأيضًا في تركيا، العديد من دور الأيتام، وهي -وإن اختلفت في الإمكانات- تسعى لاحتواء أيتام سورية ومساعدتهم على بدء حياة جديدة.

تُعدّ جمعية (شام) للأيتام واحدة من أكبر الجمعيات التي تهتم برعاية الأطفال الأيتام، حيث افتتحت عام 2015، في مدينة غازي عنتاب التركية، دار (المبادرة)، وكانت مشروعًا صغيرًا يضمّ 23 عائلة، كل عائلة مكونة من أمّ وطفلين أو أمّ و3 أطفال، وبعد نجاح الفكرة؛ وسّعت جمعية (شام) نشاطها بالتدريج، وافتتحت دارًا أخرى في غازي عنتاب أيضًا، مكونة من شقق سكنية صغيرة، يقطن فيها أمّ و5 أطفال، أو أمّ و6 أطفال.

قالت (أم الخير)، وهي مشرفة وحدة الإيواء في الجمعية، لـ (جيرون): “لدينا الآن 10 دور لرعاية الأيتام تابعة لجمعية (شام)، سبعة منها في تركيا، تتوزع على الشكل التالي: داران في عنتاب، ودار في كل من أورفا والريحانية وبورصا، إضافة إلى دار في إسطنبول الأوروبية وأخرى في القسم الآسيوي، ولدينا أيضًا 3 دور في الداخل السوري، اثنتان في إدلب المدينة وواحدة في بلدة (كللي) التابعة لجبل الزاوية، وبلغ مجموع عدد الأيتام -في جميع الفروع- نحو 400 طفل”.

لفتت (أم الخير) إلى “أن الأيتام الموجودين في فروع الجمعية في تركيا هم أيتام الأب فقط، أما الموجودون في الداخل السوري فهم أيتام الأبوين”، مشيرةً إلى أنّ، من ضمن البرامج التي تقدمها (شام)، “تأهيل كوادر لإدارة دور أيتام مشابهة لجمعية الشام، وتقديم نماذج وبرامج عمل مميزة للمهتمين بالأطفال”.

تتميز جمعية (شام) من غيرها، بأنها تعمل إلى جانب كفالة الأطفال، على تمكين الأم السورية وتعليمها كيفية قيادة أسرتها، من خلال تدريبها على مهنة تمكنها من الإنفاق على عائلتها كالخياطة والتجميل، إضافة إلى إتاحة الفرصة أمام الأمهات لمتابعة تعليمهن، حيث تمكنت 12 أمًّا، من اللواتي ترعاهن الجمعية، من دخول الجامعات التركية والحصول على شهادات، فضلًا عن عنايتها بتقوية المرأة وتثقيفها وتعريفها بحقوقها.

يتابع جميع الأطفال الأيتام الذين ترعاهم جمعية (شام) تعليمَهم، كما أنهم يخضعون، خلال العطلة الصيفية، إلى برامج ودورات تأهيل مهني ونفسي، أما الأطفال الذين كانوا منقطعين عن الدراسة لأكثر من سنة، فيتم إخضاعهم لدورات تعليمية مكثفة لمدة 6 أشهر؛ ليتمكنوا من متابعة تعليمهم مع زملائهم بشكل جيد.

يحظى الأيتام السوريون في تركيا بتعاطف كبير من جانب عدد كبير من العائلات التركية، وفي هذا المعنى، قالت الناشطة والمتطوعة في مجال رعاية الأطفال نورما عبد الغني، لـ (جيرون): “عملتُ في العديد من الجمعيات التي ترعى الأيتام، وكنا نتلقى دعمًا ماديًا ومعنويًا من قِبل العديد من الأسر التركية، حتى إن بعضهم كانوا يعرضون علينا موضوع تبني أطفال سوريين، لكن هناك اتجاهًا عامًا، لدى القائمين على دور الأيتام، يرفض موضوع التبني رفضًا قاطعًا، فضلًا عن أن القوانين التركية لا تسمح بتبني الأطفال من جنسيات أخرى”.

أضافت نورما: “أنا -شخصيًا- لست مع فكرة التبني؛ لأن الطفل -عندما يفقد أهله- يحتاج إلى بيئة مشابهة لعائلته، وإلى البقاء مع أطفال من جنسيته، كي يتجاوز شعوره بالفقد والحرمان، لذلك وجود الطفل في بيئة غريبة عنه ربما يفاقم سوء حالته النفسية، حتى لو أنه حصل على الرعاية المادية الجيدة”.

على الرغم من الجهود التي تبذلها جمعية (شام) ومثيلاتها؛ فإن “نحو 90 بالمئة من الأطفال الأيتام السوريين غير مكفولين”، وذلك بحسب (الشبكة السورية لحقوق الإنسان).

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق