أَقرَّ ما يُسمى (مجلس الشعب السوري) التابع للنظام قانونًا جديدًا، يخصّ حرم منظومة نبع الفيجة، حيث حدّد القانون الحرَم المباشر وغير المباشر، لمجرى النبع وما حوله؛ ما يعني استملاك الكثير من أراضي أهل الفيجة ووادي بردى، وأيضًا هدم الكثير من المنازل التي ستكون ضمن الحرمَين، إضافة إلى العديد من المحددات الزجرية للناس.
تشير الفقرة (أ)، من المادة الثانية من القانون، إلى أنه ينشأ حول نبع الفيجة حرَمان مباشر وغير مباشر، بينما تحدد الفقرة (ج) أنه يتم تنزيل حدود الحرمَين المباشر وغير المباشر على الواقع، بواسطة علامات ثابتة، وتبين المادة الثالثة أنه يتم استملاك العقارات وأجزاء العقارات الواقعة ضمن الحرم المباشر لنبع الفيجة، وفق المخططات المرفقة بالقانون والقوانين والأنظمة النافذة ووفق تعويض مالي. ووفقًا للمادة الرابعة من القانون، فإنه ينشأ على طول نفقي جر المياه، من نبع الفيجة إلى دمشق، حرمَان مباشر وغير مباشر، حيث يحدد عرض الحرم المباشر لنفقي جر المياه بمسافة 10 أمتار لكل طرف من النفق، ابتداءً من محور النفق، وفقًا للمخطط المعد من قبل الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية، كما يحدد وفقًا للمادة ذاتها عرض الحرم غير المباشر لنفقي جر المياه، بمسافة 20 مترًا لكل طرف من النفق، ابتداءً من محور النفق متضمنًا الحرم المباشر.
تمنع الفقرة (أ) من المادة الخامسة (منعًا مطلقًا) القيام بعدد من الأعمال، في الحرم المباشر لنبع الفيجة، وفي نفقي جر المياه من نبع الفيجة إلى دمشق، منها حفر الآبار أيًا كان عمقها، وردم الحفر أيًا كان حجمها، وإحداث مقالع الأحجار أو الأتربة أو الرمال، وبناء أي من المنشآت الصناعية أو التجارية أو الزراعية أو السكنية أو السياحية، بما في ذلك محطات المحروقات وخزانات الوقود ومراكز انطلاق السيارات، أو استخدام المخصبات والمبيدات، وإقامة المستودعات والمستوصفات والمخابر والمشافي، مهما كانت مساحتها، أو إقامة الطرق وتعبيدها، ويستثنى من الأعمال التي ذكرتها الفقرة السابقة، الأعمالُ التي تقوم بها المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في محافظة دمشق، تحقيقًا لأهدافها المحددة في صك إحداثها.
كما تشير الفقرة (ب) من المادة 7 إلى أنه لا يسمح للقرى القائمة، في الحرم غير المباشر لنبع الفيجة ونفقي جر المياه من نبع الفيجة إلى دمشق، القيام إلا بممارسة الزراعة البعلية فقط، دون استعمال مبيدات أو مخصبات ذات أثر تراكمي، وإلى تربية المواشي بطريقة الرعي الحالية فقط، وترميم المساكن القائمة فقط، وتنص الفقرة (ج) من المادة السابقة على بقاء المنشآت السكنية المشادة قبل صدور هذا القانون في الحرم غير المباشر، شريطة تزويدها بشبكة صرف صحي مزدوجة (أنبوب ضمن أنبوب) وخزانات وقود ذات جدران مزدوجة، على نفقة أصحابها. وفي حال عدم استجابة أصحاب هذه المنشآت -خلال مدة ستة أشهر من تاريخ تبليغهم الإجراءات المطلوبة- تقوم المؤسسة بتبليغ محافظة ريف دمشق؛ لإزالة هذه المنشآت على نفقة أصحابها.
أكد وزير النظام المسؤول عن المياه أن “القانون الجديد سيترتب على صدوره استملاك مساحات إضافية عن المساحات المستملكة سابقًا، لصالح المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة دمشق”.
حول هذا الموضوع، قال سالم نصر الله، رئيس مجلس محلي سابق في وادي بردى، لـ (جيرون): “بالنسبة إلى النظام، ليس مستغربًا عنه هذا الأمر، فمن ضرب نبع عين الفيجة بالبراميل المتفجرة، وألقى غاز الكلور على المواطنين، وأذاقهم كل أنواع القصف، وبكل أنواع الأسلحة المحرمة، وحاصرهم سنوات بلقمة عيشهم، وطردهم من منازلهم بقوة السلاح والتدمير، لن يوفر أي وسائلَ أخرى لإبعادهم، وهو اليوم يضرب بسهامه آخر أملٍ في الرجوع إلى منازلهم.
أضاف: “لا شك أن هذا القانون مجحف للأهالي، وهو -مع الأسف- صادر عن “مجلس الشعب”: الهيئة التي ينبغي أن تكون مدافعة عن حقوق الناس لا النظام، وهو أشبه بمصادرة الأراضي، ولكن بطريقة ترضي أصحاب النفوذ في دمشق، بذريعة حماية المياه من أي اعتداء يهدد أمن العاصمة، أو النظام أو ما تبقّى موجودًا، وبذلك يكون قد قتل كل أحلام الناس، ولو بالعيش فوق ركام بيوتهم”.
في المعنى ذاته، أوضح الباحث مروان الخطيب لـ (جيرون): “بشكلٍ عام، يعدّ حرم نبع الفيجة ذا مكانةٍ خاصة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مجاري الأنهار التي تكون ضمن المدن، ومنها نهر الفرات في الرقة، ونهر العاصي، بالنسبة إلى مدن حماة وحمص وجسر الشغور، وكذلك نهر الخابور، بالنسبة إلى مدينة الحسكة، ولكن الظرف الحالي أعطى ذريعة لعصابات النظام لتسويق العديد من الذرائع، لمعاقبة أهالي المناطق التي ثارت عليه، إضافة إلى استملاك مناطق كانت تعدّ إلى فترة قريبة من أكثر المساحات رواجًا في أسواق العقارات”.
رأى الخطيب أن الحل لمواجهة هذا القانون يكمن في “الامتناع عن الانصياع لبنوده، وإجراءاته التعسفية، إضافةً إلى الضغط على وفد الثورة التفاوضي، لفرض طرح قضية القوانين والتشريعات التي صدرت بعد انطلاق الثورة، ورفض مشروعيتها وما ترتّب عليها من نتائج”.
من جانب آخر، قال الناشط أحمد معتوق من قرية بسيمة، لـ (جيرون): “إنه الحقد الدفين، والانتقام من أهالي قريتي بسيمة وعين الفيجة؛ لأنهم وقفوا في وجه الهجمة الهمجية البغيضة، ومنعوا النظام وأعوانه وشبيحته من احتلال قراهم، وقاوموا الحصار مدة ست سنوات، وحرب 42 يومًا شنتها الدول الثلاث: روسيا بأسلحتها الحديثة، وإيران بخبراتها الإجرامية، وشبيحة (حزب الله)، والنظام بعصابته من الفرقة الرابعة، وكل أسلحته المحرّمة، حتى انتهى المطاف بتهحير أهالي القريتين، ليغيّر معالمهم الجغرافية والسكانية، ويحرم أهلها الأصليين من كل شيء في المنطقة، ويستبدلهم بكلَّ محتلٍّ دخيل”.