تحقيقات وتقارير سياسية

النظام السوري يهتم بفساد نتنياهو فيدين الأسد

تنشغل بعض الأوساط الإعلامية المحسوبة على محور طهران دمشق، بالأعباء المتزايدة على كاهل رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، خصوصًا بعد إسقاط طائرة للاحتلال بعد عدوانها الأخير على الأراضي السورية. الانشغال مرده تصوير الكم الهائل من ملفات فساد تحيط برئيس حكومة العدو المحاصر بلوائح اتهام تتربص به.

أوساط الأمن والسياسة الصهيونية تؤكد أن نتنياهو حقق للدولة العبرية منجزات، على صعيد الاستيطان، في ولايتيه الأولى 1996 والثانية 2009، وهي الأهم بمجال العدوان على الأراضي الفلسطينية، وشهادة موت لحل الدولتين، مع مُنجز (أهم) تحقق في إفشال “كل المساعي الرامية لمحاصرة تل أبيب، مع أن عهده شهد انفتاحًا وتطبيعًا للعلاقات مع العديد من الأنظمة العربية”. على ما يقول مؤيدو نتنياهو.

تأخذ الغالبية الإعلامية المحسوبة على محور الممانعة، الأزمات التي تعصف بحكومات “إسرائيل”، على أنها من فعل المقاومة أو بفعل سياسة الممانعة، التي بدورها تُجبر الاحتلال على الوقوع في أزمات سياسية، تفضي إلى تغيير الحكومات في “إسرائيل”، تنهمر العناوين والمانشيتات المفيدة باقتراب دخول نتنياهو السجن، بعد محاصرته بتهمٍ لا يمكنه النجاة منها.

معظم رؤساء حكومات العدو الإسرائيلي سقطوا في الامتحان القضائي، منهم من وقع في مصيدة القضاء، ومنهم من بُرّئ لأسباب سياسية وداخلية، لكن ما الفائدة من معرفة مآزق العدو عند جمهور الممانعة، أو أخباره وأدبياته الطويلة السرد عن تلك الحكايات، بوصف الفساد والملاحقة ولجوء حكومات العدو إلى افتعال حروب واعتداءات، للإفلات من ضغط الملاحقة والمساءلة، من دون أخذ عبرة واحدة فقط، هناك جرائم يجري توصيفها ونقلها للقضاء الذي يسوق للجمهور “شفافية قانونية وأخلاقية”، تبتعد عنها الممانعة وتخفي دسمها، بينما تأخذ بزبد الحديث عن قلق نتنياهو أو سلفه أولمرت أو كاتساف، وجميعهم تعرضوا لهزات قانونية.

على رصيف الممانعة، لا عبرة مما يسوقه العدو لجمهوره، حيث تسوق الممانعة تدجينًا فاضحًا لسلوكها القاضي بفضح جرائم العدو، لإخفاء جريمة تمارسها الممانعة بحق أبنائها، فإذا كانت الشرطة الصهيونية تقوم بإعداد لائحة اتهام ضد نتنياهو لتلقّي رشى واحتيال وخيانة الأمانة؛ فالأمر يعني أن العدو يسوّق “أخلاقيات قضائه”، ليقوم إعلام طهران والأسد بتلقفها ونشرها لجمهوره. ألا يسأل أحد من جمهوره مثلًا: متى يمكن بناء جهاز شرطة شبيه بذاك الذي يمتلكه العدو، ليقوم بمساءلة “الرئيس” عن جرائم يرتكبها كل لحظة؟ لا أحد من أتباعه أو من المنتسبين إلى إعلامه أو فضائياته يمتلك شجاعة مماثلة، كتلك التي “يسوقها العدو”، بامتلاكه مستشارًا قضائيًا وظيفته حماية القانون ليحمي بدوره “المواطن”.

لا نعرف! ربما تكون الأخبار المتعلقة بفساد حكومات العدو الإسرائيلي، المنشورة على صدر صفحاتٍ مهمتها حماية قتلة شعوبها وتمجيد جرائمها وإخفائها تحت أخبار العدو عديمةَ الفائدة في أنظمة من قال فيها رأيًا عن حكومة ورئيس مغتصب للسلطة -لا منتخب كالعدو- ليجري إعلان حرب على الشعب والبلاد وتمزيقها، من أجل حماية كرسي حكم يُسر به العدو، وتكون لروايته القضائية “صدقية” توفرها الجرائم الكثيرة.

يصح أن تتناول أخبار عدوك وفساده، وتستخدمها ضده في حرب نفسية، لكن يصح أكثر أن تكون متفوقًا على عدوك في نزاهة قضائك، وأن يكون سجلك العدلي نظيفًا من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تُمارسها ضد شعبك، ويستخدمها عدوك مطية أخلاقية لممارسة احتلاله ضد شعب آخر، كذرائع “تفوّق” قضائي وأخلاقي وإنساني، توفرها كل يوم جرائم تضخمت إلى حد جعلت فساد العدو وسجله الجرمي، أمام جرائم الممانعة، يتقزم دون منافسة في الجريمة بل بمكافحتها كذبًا، كما فعلته كل جرائمك.

إعلام الممانعة التبشيري، باقتراب نهاية عهد نتنياهو، يدعو كل لحظة إلى أن يبقى الأبد متوجًا طاغية مع كل جرائمه دون حساب ودون عقاب، مع أن حتميات التاريخ ومحاكماته واحدة للطاغية والمحتل، لأسباب بسيطة يجهلها أعلام الممانعة ونخبها، فإذا كانت “إنجازات” نتنياهو التي يراها جمهوره انتصارات كبيرة لـ “إسرائيل”، لا يمكنها أن تحمي فاسدًا ومرتشيًا؛ فكيف ستحمي أرواح مئات الآلاف وعذابات ملايين المهجرين والمحطمين طاغية ومجرم؛ كي تمنحُه البراءة بالاعتماد على فساد محتل جل منجزاته يعود فضلها لمثل طاغية الممانعة!

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق