لقد اصطفت الجماعات المتمردة المتفرقة في شمال سورية خلف المشروع المدعوم من أنقرة الذي أدى إلى هزيمة المنطقة الكردية.
جنود جيش المتمردين السوريين المدعوم من تركيا، وقد سيطروا على عفرين في شمال سورية. الصورة: شينخوا/ ريكس/ شترستوك
كان قائد المتمردين السوريين (أبو أحمد) يبتسم؛ فقد أدّت قواته دورًا رئيسًا، في هجوم تركيا على منطقة عفرين الكردية في شمال سورية، وهي معركةٌ ربحت فيها.
(أبو أحمد)، ضابط كبير في القوة المتمردة التي يبلغ قوامها نحو 10000 مقاتل، بتخطيط ودعم من أنقرة، سيطرت على عفرين، يوم الأحد 18 آذار/ مارس، بعد معركةٍ دامت شهرين. غيّر اسمه -مثلما فعل الآخرون- كي يناقش بحرية علاقاتهم الحساسة مع داعميهم في أنقرة.
في خضم سلسلة الهزائم على يد حكومة بشار الأسد السورية وداعميها الروس، يُعدّ الانتصار في عفرين أحد النجاحات النادرة للمقاتلين المتمردين، في السنوات الأخيرة.
أكدَّ نصرهم السريع، في معركةٍ ضد خصم مدرّب ومسلح من قبل الولايات المتحدة، التي طردت (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش) من مساحاتٍ شاسعة من الأراضي، القوةَ المتنامية لجيش المتمردين في شمال سورية، المسلّح والمدعوم من تركيا، والذي يضم الآن ثلاثة فيالق تسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي.
في شمال سورية، اصطفت الجماعات المتمردة المتنوعة خلف المشروع الذي تدعمه أنقرة، والذي فرض الانضباط العسكري على المقاتلين، الذين ما زالت واشنطن تدعمهم سرًّا، وكانت تعتبرهم متفرقين وضعيفين للغاية، ولا يمكنهم هزيمة تنظيم (داعش).
وكما قال أحد مسؤولي المتمردين: “حتى بشار الأسد لم ينجح في توحيدنا، نحن أضعف عسكريًا وسياسيًا من النظام، الذي يستخدم تكتيكات الأرض المحروقة، حيث تتساقط المناطق، بينما نحن نتهم بعضنا البعض بالخيانة”. وأضاف موضحًا: “الناس الآن يكرهون كل فصائل المتمردين، وهذا الأمر سيتغير، عندما يكون هناك جيش موحد”.
ويقول المنتقدون، ومنهم من هو داخل المعارضة، إنهم ليسوا أكثر من مرتزقة يخوضون المعارك من أجل تركيا، ويؤلبون السوريين ضد بعضهم. لكن مقاتليهم، رغم أنهم يقرّون بأنهم ليس لديهم الكلام الفصل في الخطوط العريضة للحرب، لا يوافقون على ذلك.
ويقولون إن جيشهم الجديد الذي يصل الآن إلى قرابة 20 ألف جندي سيتمكن من مواجهة المتشددين المرتبطين بتنظيم (القاعدة) في محافظة إدلب الشمالية. ويقولون إن القوة، مع نموها، ستدعم موقفهم في مفاوضات السلام في سورية، حتى في الوقت الذي تقوم فيه قوات الأسد المدعومة من روسيا باستعادة الأراضي في جميع أنحاء البلاد. وإذا تمّ التوصل إلى اتفاقٍ، في يوم من الأيام، لإطاحة الأسد، فإنهم يقولون إن بإمكانهم العمل مع جيش الحكومة لفرض النظام في كل سورية.
وكما قال المساعد السياسي لأبو أحمد: “إذا بقي الأسد مع مواليه؛ فلن ينتهي الأمر، ولكن إذا كان هناك انتقالٌ بعيد عن الأسد وحاشيته في القيادة؛ فسيمكننا العمل سويةً مع الجيش، بدعم من المجتمع الدولي لفرض الأمن على جميع المناطق المحررة، وإذا خُدعنا؛ فالسلاح ما زال موجودًا، والمقاتلون هناك، وستكون معركة حتى الموت”.
أعلنت تركيا إطلاق الهجوم على عفرين، في كانون الثاني/ يناير، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقوم بتشكيل قوة حدودية من الميليشيات الكردية التي حاربت مع واشنطن ضد (داعش)، وحررّت الرقة، لحماية حدود سورية. تركيا التي هي عضو في حلف شمال الأطلسي كانت تتسامح مع التحالف الأميركي، مع “وحدات حماية الشعب” التي تعدّها أنقرة الفرع السوري من تمردها الانفصالي الكردي، بسبب تأكيدات أميركية بأن هذا التحالف مؤقت.
شرّدت معركة عفرين عشرات الآلاف من الأشخاص، وتسببت في مقتل ما يقرب من 300 مدني، حسب تقديرات مراقبي الحرب، كما ترافق وصول المتمردين بعمليات نهبٍ واسعة للمنازل، والمحال التجارية في مدينة عفرين. وأثار اتهامات بأن تركيا وحلفاءها المتمردين يعتزمون تغيير ديموغرافيا المنطقة، من خلال إسكان اللاجئين العرب، بحيث يتجاوزون عدد الأكراد المحليين.
الدمار في مدينة عفرين السورية الكردية بعد يوم واحد من دخول القوات التي تقودها تركيا إلى المدينة. صورة: وكالة الصحافة الفرنسية/ صور جيتي
إنها حملة أنقرة الرئيسة الثانية في سورية. في آب/ أغسطس 2016، أطلقت “درع الفرات”، وهي عملية اعتمدت على جماعات من المتمردين السوريين؛ لتطهير البلدات الحدودية التي يسيطر عليها تنظيم (داعش)، ووقف التوسع الكردي غرب نهر الفرات.
بعد الحملة، سعت تركيا لتحسين وتنظيم وتدريب المتمردين المتحالفين معها، وتزويدهم بالأسلحة، وبراتبٍ شهري للمقاتلين في الفصائل العسكرية التي تنضم إلى التحالف. الفيالق الثلاث التي تشكل جيش المتمردين، والتي تقع تحت سلطة الحكومة المؤقتة الفقيرة التي تشكلت بدعمٍ تركي، يقودها جنود سوريون منشقون، يوجههم كبار ضباط الجيش التركي، وفقًا لمسؤولي وقادة المتمردين.
ويقول المتمردون إنهم قاموا بالغالبية العظمى من المعركة في عفرين، بدعمٍ من المدفعية والطائرات التركية المقاتلة. فهم مقتنعون بأن المعركة كانت نصرًا استراتيجيًا شاملًا، لأنها ستفتح ممرًا مع محافظة إدلب القريبة، التي هي معقل للمقاتلين المرتبطين بالقاعدة، وتربطهم بفصائل متمردة أخرى هناك، ترغب في الانضمام إلى التحالف.
في الوقت الذي يقرون فيه بعدم وجود إرادة/ هيئة في تحديد مسار الحرب، لكنهم لا يرون أي مشكلة في الاصطفاف مع أنقرة، بالنظر إلى ما يعدّونه التقاء للمصالح في سورية. يبدو أن احتمال قيام جيش متمرّد موحّد، بينما تدخل الحرب في سورية عامها الثامن، يحكمه اعتمادهم على حليفٍ قد لا تكون أهدافهم متوافقة دائمًا معه.
وكما قال أحد قادة المتمردين: “الهدف الرئيس هو بناء جيش للمعارضة، ونحن نبني نواة، النظام لا يتخذ قراراته، فهو ليس سوى فصيل عسكري بالأساس، وكذلك المعارضة. عندما تتوافق القوى العظمى، [الحرب في] سورية ستنتهي، وعندما يحدث كل هذا، سيساعد الزمن الجميع، كي ينسوا”.
اسم المقال الأصلي | Syrian rebel victory in Afrin reveals strength of Turkish-backed force |
الكاتب | كريم شاهين، Kareem Shaheen |
مكان النشر وتاريخه | الغارديان، The guardian، 22/3 |
رابط المقالة | https://www.theguardian.com/world/2018/mar/22/syrian-rebel-victory-in-afrin-reveals-strength-of-turkish-backed-force |
عدد الكلمات | 810 |
ترجمة | أحمد عيشة |