ترجمات

الناشطون البارزون الأربع في سورية ربما يتوضح مصيرهم الآن.

حافلة في الثامن من نيسان/ أبريل تحمل معتقلين، أُطلق سراحهم من قبل جيش الإسلام، تصل إلى دمشق، سورية (وكالة الصحافة الفرنسية/ صور جيتي)

 

مع انزياح جبهة القتال في الأيام الأخيرة عن الضاحية المدمَّرة شرق دمشق؛ رأى أقارب الناشطين الحقوقيين الأربع الذين اختُطفوا هناك، في أواخر عام 2013، سببًا للأمل: هل يمكن أن يوفر انتقال السيطرة على دوما من المعارضة إلى الحكومة أدلةً على مصيرهم؟

كان اختطاف الرجلين واثنتين من النساء المعروفين باسم دوما 4 -من قبل متمردين إسلاميين ناشطين في المنطقة، كما تقول عائلاتهم- نقطةَ تحولٍ بارزة في حرب سورية الكارثية. فقد أشارت إلى ظهور الجماعات الإسلامية المسلحة التي هيمنت على المعارضة، بينما تخلصت في كثير من الأحيان، بوحشية، من ناشطين مدنيين ساهموا في تنسيق الثورة ضد القبضة الحديدية لحكم الرئيس السوري بشار الأسد.

وكان الخطف بمثابة تذكير لافتٍ للنظر بآلاف السوريين الآخرين الذين اختفوا، وأحيانًا من دون أن يتركوا أي أثر، على مدار أكثر من سبع سنواتٍ من الحرب. الأقارب قالوا إنه منذ اختطافهم في 9 كانون الأول/ ديسمبر2013، لم تتوفر لديهم أيّ معلومة قوية عن الأربعة، وهم: رزان زيتونة، وسميرة الخليل، ووائل حمادة، وناظم حمادي.

الشائعات تتحقق ثم تلاشت. لا يمكن مطلقًا تأكيد القصص المغرية التي قالها المنشقون الإسلاميون. “من وقت إلى آخر، نسمع: نعم، إنهم بخير، هم هناك، أو تمَّ تسليمهم للنظام”، كما قال ياسين الحاج صالح، زوج سميرة الخليل. وأضاف: “لا نعرف حقيقة المعلومات أهي صحيحة أم لا. من الممكن”.

بدأ الهجوم الحكومي الذي استمر شهرين، لاستعادة الضواحي الواقعة شرق وجنوب دمشق، والذي تميّز بالقصف الجوي المرعب، الأسبوع الماضي، وهو هجوم يشتبه في أنه بأسلحةٍ كيمياوية، أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص، وكأنه قد يمنح الأقارب فرصة لمعرفة معلوماتٍ عنهم.

كجزءٍ من صفقة بوساطةٍ روسية بين الجماعة المتمردة التي تدعى “جيش الإسلام” والحكومة، أطلق المتمردون سراح المئات من الرهائن والسجناء الذي كانوا محتجزين طيلة الحرب.

يوم الاثنين 9 نيسان/ أبريل، مع نشر أنباءٍ عن إطلاق سراح السجناء؛ تمسك الأقارب في كل تقرير.

وقالت شقيقة رزان زيتونة، التي تعيش في كندا: “بالأمس، أطلقوا سراح نحو 200 معتقل، نحن نحاول الحصول على الأسماء. نحن نحاول الوصول إلى بعض الناس هناك. نأمل أن يتمكنوا من إعطائنا بعض الأخبار.

بحلول يوم الخميس 12 نيسان/ أبريل، أُطلق سراح المزيد من المعتقلين، حيث سيطرت قوات الحكومة السورية بالكامل على دوما، ولكن لم يَرِدْ أيّ ذكرٍ عن الأربعة، وأصبح من الصعب الحصول على المعلومات.

كانت اتصالات ريم مع الناشطين في دوما قد تلاشت. وكما هو معروفٌ، كان قادة “جيش الإسلام” ينسحبون إلى شمال سورية. حتى لو كان الناشطون على قيد الحياة، فإن القوات الحكومية التي تسيطر على المنطقة -وهي تعتبر رزان زيتونة وزملائها بمثابة معارضين هاربين- من المرجح أن تعتقلهم. حيث قالت ريم: “لا يمكنني فعل أي شيء”.

شقيقتها رزان، وهي محاميةٌ في مجال حقوق الإنسان، هي شخصيةٌ تحظى بالاحترام في أوساط المعارضة، وهي امرأة كانت قد دافعت عن المعارضين، أمام محاكم أمن الدولة في السنوات التي سبقت الثورة، ثم وثقّتْ جرائم الحرب، وانتهاكاتٍ أخرى من قبل الحكومة، ومن معارضيها المسلحين أيضًا، بعد أن تحولت الانتفاضة بشكلٍ مفاجئ إلى حرب.

كانت رزان هي من أسسّت مركز توثيق الانتهاكات، وكذلك لجان التنسيق المحلية، وهي شبكةٌ نسّقت ووثّقت الاحتجاجات المناهضة للحكومة وسجّلت تكاليف الصراع.

زملاء رزان أيضًا، معارضون متمرسون. وكما قال ياسين الحاج صالح: إن حمادة، زوجها، الذي ساعد أيضًا في تأسيس لجان التنسيق المحلية، اعتُقل، وعُذّب مرتين من قبل السلطات، كما أمضت سميرة الخليل أربع سنواتٍ في سجون النظام السوري. أما ناظم حمادي، وهو محام وشاعر، فكان مطلوبًا أيضًا من قبل الحكومة.

في الجيب الذي تسيطر عليه المعارضة قبل اختطافهم، قاموا بتوثيق حصار الحكومة القاسي للمنطقة، بما في ذلك توثيقهم لهجومٍ مشتبه به بالأسلحة الكيمياوية، في آب/ أغسطس 2013. لكن عملهم، بما في ذلك فتح مركز للدفاع عن النساء، أثار غضب الإسلاميين المتطرفين في دوما.

تلقت رزان زيتونة عدة تحذيراتٍ لمغادرة المدينة، وقالت شقيقتها: إن أحد التحذيرات كانت قطةً مقتولة تُركت على باب منزلها. “عرفوا أنها كانت مولعةً بالقطط”، وأضافت ريم: “كانت رزان تساعد الناس في الصمود ضد الحصار، وضدَّ كل شيء. ورفضت أن تتركهم”.

بعد أن أُخذ الأربعة من شقة رزان، سرعان ما أنكر “جيش الإسلام” مسؤوليته عن ذلك، ولكن كان هناك دليلٌ دامغ، كما قال الأقارب، بما في ذلك الأدلة التي تشير إلى أن جهاز كمبيوتر محمول يعود إلى رزان قد شوهد في المركز الإعلامي لـ “جيش الإسلام”، وفقًا لما ذكره رامي نخلة، وهو ناشطٌ سوري وصديقٌ لرزان منذ فترةٍ طويلة، وقال: “إنهم سفاحون. سيطروا على المدينة”. وتابع: كان الإسلاميون غاضبين من تحدي زيتونة، ومن رفضها تغطية شعرها، وعزمها على البقاء في دوما.

قال نخلة، الذي يعيش الآن في جنيف: إنه تفاوض مباشرةً مع “جيش الإسلام”، في محاولةٍ لتأمين اتصالٍ هاتفي مع زيتونة، يثبت أنها لم تتعرض لأذى، لكن المحادثات فشلت، ويعود ذلك جزئيًا إلى أن “جيش الإسلام” كان يواجه عاصفةً من الانتقادات لخطفه الناشطين، حسب ما يُزعم. ولم يرّد المتحدث باسم الجماعة على طلبٍ للتعليق على عمليات الاختطاف.

غيابهم، ترك أنصارهم يفكرون في الدور الذي كان من الممكن أن يلعبه الناشطون في حركة معارضة، تعثرت بسبب تفككها الخاص، وتعرضت لوحشية من قبل حكومة الأسد، وأغرقها المتمردون بالسلاح.

تجنبت زيتونة الأضواء، لكنها كانت ذلك النوع من القائد الطبيعي الذي افتقرت إليه المعارضة بشدة، بحسب من عرفوها. وكما قال نخلة: “لقد كانت القاطرة التي قدّمت قيادة معنوية وأخلاقية لمن حولها”.

كما قال الحاج صالح، بصرف النظر عن الخسائر الشخصية للعائلات، هناك رمزيةٌ مأساوية لاختطاف الناشطين: “كانوا رجلين وامرأتين. كانوا ضد النظام، واختطفهم الإسلاميون. لقد تجاهلهم المجتمع الدولي، ومنفذو القانون الدولي”.

كانت العائلات، في المنفى، عاجزةً أن تؤثر في مسار الأحداث في بلدهم المحطم، وأن يتدخلوا عنوةً في الصفقات التي تمت بين الدول الأجنبية المتدخلة في الحرب، من أجل التأثير على الصفقات بين الحكومة ومعارضيها. لم يكن بمقدورهم حتى أن يعرفوا الحقيقة.

وقال الحاج صالح: “ليس لدينا آلية للاعتقال أو التحقيق، لتقديم هؤلاء الناس إلى العدالة”.

اسم المقالة الأصليFour prominent activists were abducted in Syria. Their fate may now become clear.
الكاتبكريم فهيم، Kareem Fahim
مكان النشر وتاريخهواشنطن بوست، The Washington Post، 13/4
رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/world/middle_east/four-prominent-activists-were-abducted-in-syria-their-fate-may-now-become-clear/2018/04/12/c4406858-3c28-11e8-955b-7d2e19b79966_story.html?utm_term=.aede7208287a
ترجمةأحمد عيشة

 

مقالات ذات صلة

إغلاق