نددت منظمة (هيومن رايتس ووتش)، اليوم الجمعة، بقيام عدد من البلديات في لبنان بطرد اللاجئين السوريين، واصفةً هذا الإجراء بالتمييز، وبأنه “غير قانوني”.
ذكرت المنظمة، في تقرير مطوّل عنوانه (الطرد من قبل البلديات يبدو تمييزيًا وغير قانوني)، أن 13 بلدية في لبنان على الأقل قامت بإجلاء 3,664 لاجئًا سوريًا على أقل تقدير، من منازلهم قسرًا، وطردهم. وقد أرجعت الأسباب إلى عوامل تتعلق بجنسيتهم ودينهم، مضيفة أن هناك 42 ألف لاجئ آخرين يواجهون خطر الإجلاء.
بحسب تقرير المنظمة، فإن أولى عمليات الإخلاء بدأت عام 2016، واستمرت حتى مطلع عام 2018، حيث تم تسجيل 3664 عملية إخلاء خلال الفترة المذكورة.
في 13 نيسان/ أبريل 2017، نشرت مفوضية اللاجئين أرقامًا قدرت فيها أنه تم إجلاء نحو 13,700 سوري في عام 2017. ولا تتضمن هذه الأرقام إخلاءات البلدية الـ 3,664 فقط، بل أيضًا الإخلاءات التي حصلت، بسبب عدم التمكن من دفع الإيجار أو خلافات مع المالك أو بسبب خيارات المالك، إضافة إلى الإخلاءات بسبب “الأمان والأمن”.
وصفت (رايتس ووتش) التبريرات التي قدمتها السلطات اللبنانية، حيال عمليات الإخلاء تلك، بـ “الواهية”، كعدم احترام قوانين السكن، مؤكدة أن التدابير التي اتخذتها البلديات استهدفت المواطنين السوريين مباشرة وحصرًا، دون المواطنين اللبنانيين أو أشخاص من جنسيات أخرى.
نقلت المنظمة عن بعض السوريين أن السلطات استخدمت العنف، في بعض الأحيان، لإجلائهم. ولم تقدّم لهم أي فرصة للاعتراض على قرار إخراجهم أو حتى إجراءات الحماية القانونية الأخرى، وفق المعايير الدولية.
أدت عمليات الإخراج القسري، وفق تقرير المنظمة، إلى عواقب وخيمة على اللاجئين السوريين، كتعطيل تعليم الأطفال وغيابهم عن المدرسة فترات طويلة، إضافة إلى تأثيرها في دخلهم الاقتصادي.
قال بيل فريليك، مدير برنامج حقوق اللاجئين في (هيومن رايتس ووتش): “البلديات لا تملك التبرير الشرعي لإجلاء اللاجئين السوريين قسرًا. إجلاء أي لاجئ سوري يجب أن يكون على أساس فردي ولأسباب شفافة، قانونية، ومتناسبة وفق إجراءات سليمة”.
أورد التقرير: “على الرغم من أن وجود اللاجئين السوريين رتّب أعباء اجتماعية واقتصادية على البلد الصغير ذي الإمكانات الضعيفة، فإن منظمات دولية وغير حكومية تؤكد أن وجودهم يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية، من خلال المساعدات المالية التي يصرفونها في الأسواق المحلية.
في هذا السياق، دعا فريليك الدولَ المجتمعة في (مؤتمر أصدقاء سورية) في بروكسل، إلى زيادة الدعم المقدم إلى لبنان، ليتمكن من الالتزام بواجباته القانونية والإنسانية تجاه اللاجئين”.
كما دعت المنظمة المسؤولين اللبنانيين إلى “الحد من الخطاب الذي يشجع أو يبرر الإخلاء القسري والطرد، وغير ذلك من سوء المعاملة والتمييز، بحق اللاجئين السوريين في لبنان”.
وكرر مسؤولون لبنانيون مؤخرًا دعوة اللاجئين السوريين إلى العودة لبلادهم، خصوصًا بعدما استعادت القوات الحكومية السيطرة على مناطق واسعة.
وغادر يوم الأربعاء الماضي 18 نيسان/ أبريل، نحو 500 لاجئ سوري بلدةَ (شبعا) في جنوب لبنان إلى بلادهم، في خطوة أتت بالتنسيق بين النظام السوري والأمن العام اللبناني، فيما أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدم مشاركتها، “نظرًا إلى الوضع الإنساني والأمني السائد في سورية”.
ردّت وزارة الخارجية اللبنانية على مفوضية الأمم المتحدة معتبرة أنها “تخوّف النازحين من أي عودة في هذه المرحلة، بسبب ما تذكره من وضع أمني غير مستقر”. وأشارت إلى “إصرار المفوضية مرة جديدة على رفض أي مؤشر إيجابي للعودة، على الرغم من استقرار الحالة الأمنية، في كثير من المدن السورية”.
ويعيش في لبنان راهنًا نحو مليون لاجئ سوري، فرّوا خلال سنوات الحرب من مناطقهم، ويعانون من ظروف إنسانية صعبة للغاية.