الرئيس حسن روحاني، مع الزعماء الإيرانيين الآخرين في طهران في 4 حزيران/ يونيو. (وكالة الصحافة الفرنسية/ صور جيتي)
هناك أسطورة قديمة بين صقور إيران، مفادها أنه لا توجد سياسة داخلية في إيران. لا يوجد سوى إسلاميين متفاوتي الدرجات اللونية. بأي معايير علمانية، بالطبع، هذا صحيح. لكن تذكر، نحن نتحدث عن الثيوقراطية. لا يحاول قادة الجمهورية الإسلامية إخفاء هذه الحقيقة عن أحد. إنها في الاسم (اسم الجمهورية).
دعونا نتأمل للحظة ونتفق، كما آمل، على أن الأنظمة الثيوقراطية -وهي الحكومات المتجذرة في القانون الديني، ويمتلك فيها رجال الدين الجزء الأكبر من سلطات صنع القرار- هي من مخلفات الماضي التي لا يمكن أن تصمد أمام الزمن أو التدقيق.
لم تكن السردية، حول سياسة إيرانية متجانسة، حقيقية قط. في هذه اللحظة، بالرغم من أن النظام السياسي في إيران متجانس بشدة أكثر من أي وقت مضى، منذ نهاية حربه مع العراق في ثمانينيات القرن العشرين، يجب على قادة العالم التفكير في كيفية التعامل مع أي شيء يحدث في الخطوة التالية.
المعركة التي طال أمدها بين أجنحة المعارضة داخل الدولة الإيرانية تراجعت، بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة النووية مع طهران، الشهر الماضي. فقادة إيران ينشدون الوحدة في مواجهة أعدائهم، وهي صرخة قديمة لحشد الجمهور يُزال عنها الغبار، كلما واجه النظام تهديدات ملموسة.
يرى بعض المراقبين أن هذا التعاون المعاد إيقاده بين المتنافسين الإيرانيين، وكأنه ردٌّ خائف، قد يعني أن زوال الجمهورية الإسلامية قريب، في حين يعتقد آخرون أن النظام يشعر بأن هناك فرصة جديدة بالحياة. في كلتا الحالتين، يجب أن يكون لدى الولايات المتحدة خطة.
إنه تذكير مهم بأنه هناك قضية واحدة فقط تربط جميع أطراف المؤسسة الحاكمة في إيران معًا: ضمان بقاء النظام بأي ثمن. إلا أن كيفية القيام بذلك هو في صميم الصراع الداخلي على السلطة لسنوات.
سواء شئنا أم أبينا، ربما يكون الإنجاز الوحيد الباقي من الارتباطات التي تمت في عهد أوباما مع إيران هو النافذة التي تقدمها بنية السلطة في البلاد. إن أولئك الساعين إلى تجاهل السياسة الداخلية لإيران، بعدّها غير شرعية أو غير موجودة، يتجاهلون ببساطة الأشياء التي نعرفها بالفعل.
ضمن السياسة الإيرانية، هناك أجندات متعددة يمكن تقسيمها بشكل غير دقيق إلى معسكرين: الأول هو الشمولية مع رغبتها في السيطرة على جميع جوانب الحياة، والآخر يدرك أنه في عصر الاتصالات السهلة، لا يمكن تجاهل الرأي العام بالكامل، وبالتالي، فإن النظام يجب أن يعطي شيئًا لرعاياه. لأولِّ مرةٍ في التاريخ، تعترف جميع جهات النظام بنقصها البشري القاتل: فهي لا تقدم للناس ما يريدون.
هذا لا يعني أن هذا الأخير (النظام) يفضّل مجتمعًا منفتحًا، أو يريد إجراء إصلاحات عن طيب خاطر. فهم لا يريدون ذلك، لكنهم يدركون أيضًا أن ليس لديهم خيار آخر.
أولئك الذين يأملون في إصلاح داخلي داخل النظام القائم يعتقدون أن جمهورية إسلامية منفتحة على العالم، وملتزمة أخلاقيًا بكلٍّ من الرأي العام والمعايير الدولية، يمكن على المدى المتوسط، أن تكون محتملة ومقبولة، وعلى المدى الطويل تؤدي إلى إيران علمانية. هذا هو السيناريو الأكثر إخافة للعناصر المحافظة في النظام، وتحديدًا لأنه السيناريو الأكثر احتمالًا في أن يحدث.
يدرك حسن روحاني، الرئيس الإيراني، جيدًا أن مؤيدي التغيير الداخلي من دون اضطرابات عنيفة هم قاعدته السياسية، المسؤولة عن انتخابه مرتين. ويعرف أيضًا أنه لن يتمكن أبدًا من إرضائهم، وبصراحة ربما لا يهتم تمامًا. إن روحاني، في النهاية، هو شخصية أساسية في الجمهورية الإسلامية، وعقلٌ مدبرٌ مفتاحي لجهاز أمن الدولة. لكنه كان أيضًا القائد الإيراني القادر على بناء ما يكفي من الإجماع للتوسط في محادثات مباشرة مع واشنطن.
هذا كله في الماضي. والآن بعد أن قطعت إدارة ترامب خطها الوحيد بالاتصالات المباشرة مع إيران، عليها أن تجيب عن سؤالين، بينما تتعثر عبر ترقيع سياسة جديدة لإيران: هل يمكنها إجبار قادة إيران على الإصلاح، وإن لم تستطع ذلك، فما هي الخطوة التالية المستعدة للقيام بها لتسهيل التغيير؟
يبدو أنه لا أحد لديه إجابة.
إن أحد أعظم النجاحات التي حققتها إيران هو استئصال المعارضة الداخلية، وتهميش أي لاعبين سياسيين يشتبه في تبنيهم للعلمانية والابتعاد عن الحكم الديني.
لقد شجع هذا العديد من أفضل وأذكى الإيرانيين على المغادرة، معظم أفضل العقول في البلاد في جميع المجالات غادرت. إن خروج الخبراء الموهوبين والمؤهلين أمر مذهل. حاول روحاني أن يعكس هذا الاتجاه عن طريق إغراء الإيرانيين ذوي التعليم العالي عن مناصبهم في الخارج -إلى جانب رأسمالهم- للاستثمار في إيران، وحتى تقديم بعض الوظائف في حكومته. لكن هذه الخطط قد فشلت لأن البيئة غير صالحة على الإطلاق لأي شخص لديه ارتباطات وعلاقات مع بقية العالم.
لا يوجد حاليًا بديلٌ واقعي للنظام الحاكم في إيران، لا يوجد نظام محلي، ولا نظام في مجتمعات الشتات الكبيرة الغنية والمفتتة التي انتشرت بسرعة منذ ثورة 1979 في البلاد.
كانت إيران الدولة الأولى في المنطقة التي يديرها رجال الدين في العصر الحديث، وهناك فرصة طيبة جدًا في أن تكون أول دولة يدنو فيها الحكم الثيوقراطي من تاريخ انتهاء صلاحيته.
يجب أن يكون هذا إشارة جيدة. في شكلها الحالي، يتم عدُّ أيام هذا النظام، ولكن ليس بالعشرات أو حتى المئات. بالتالي، إذا كان هدف أولئك المعارضين للثيوقراطية في إيران هو إسقاطها؛ فإن المرء يأمل أن تكون هناك خياراتٌ بديلة قابلة للحياة.
اسم المقالة الأصلي | Iran’s theocracy is nearing its expiration date. And then what? |
الكاتب | جاسون رضائيان، Jason Rezaian |
مكان النشر وتاريخه | واشنطن بوست، The Washington Post، 7/6 |
رابط المقالة | https://www.washingtonpost.com/news/global-opinions/wp/2018/06/07/with-no-skin-in-the-game-can-the-u-s-have-any-influence-on-iran/?utm_term=.e8eaf26570f0&wpisrc=nl_todayworld&wpmm=1 |
عدد الكلمات | 800 |
ترجمة | أحمد عيشة |