يُعاني النازحون في مخيم دير بلوط، بمنطقة عفرين في ريف حلب الشمالي، أوضاعًا إنسانية صعبة، من حيث افتقار المخيم إلى أدنى مقومات الحياة: (ماء، غذاء، دواء)، وسط مخاوف الأهالي من انتشار الأمراض والأوبئة؛ بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
يقطن المخيم نحو خمسة آلاف شخص، موزعين على 830 خيمة، وهم من مهجري (مخيم اليرموك، الحجر الأسود، والقلمون الشرقي)، ممن أجبرتهم قوات النظام على النزوح، من مدنهم وبلداتهم إلى الشمال السوري؛ بعد اتباعها سياسة الأرض المحروقة ضد مناطقهم.
قال الناشط عمر الميداني، من سكان المخيم، لـ (جيرون): إن “المخيم يفتقر إلى مختلف مقومات الحياة، حيث تغيب الخدمات الطبية، فيما يُوزع على قاطنيه عبوة ماء (5 ليتر)، كل ثلاثة أيام، إضافة إلى وجبة إفطار واحدة، مع ربطة خبز”. وأكد أن “المخيم يفتقر إلى الاهتمام بالمواضيع الإنسانية (كفالة أيتام، أرامل، عجزة وكبار في السن)”. وأضاف: “سبع سنوات من الحصار أكلت من عمرنا، وأفقدتنا أموالنا. والآن نعيش على هامش الحياة بلا أمل”.
وصف الميداني واقع الحياة في المخيم بـ “السجن”، وروى تفاصيل حياته اليومية، قائلًا: “تستيقظ في الصباح الباكر، بسبب الحرارة المرتفعة، تذهب إلى الحمامات الجماعية التي يبعد أقربها نحو 50 مترًا عن الخيمة، ومن ثم تأتي لتنتظر صهريج المياه لتعبئة حاجتك اليومية من المياه غير الصالحة للشرب”. وتابع: “بعد أن يشتد الحر في منتصف الظهيرة، تأخذ حمامًا وسط خيمتك المبنية في الأساس على التراب. ولك أن تتخيل مستوى النظافة التي ستحصل عليها! ومن ثم تنتظر حتى الإفطار، لتقف في الطابور كي تحصل على وجبة الطعام”.
في الموضوع ذاته، قال أبو محمد، وهو من مهجري حي الحجر الأسود، لـ (جيرون): “للأسف، لا يوجد شيء في هذا المخيم يُدلل على أن القاطنين فيه هم من البشر، لا طعام ولا شراب ولا دواء.. نعيش هنا من قلة الموت”. وأضاف مبيّنًا بعض التفاصيل: “أصيبَت ابنتي بالحمى، وساءت حالها، بسبب عدم وجود أي نقطة طبية في المخيم تقدّم لها إسعافات أولية، إضافة إلى عدم وجود سيارة إسعاف لنقلها، كون أقرب مشفى يبعد من المخيم نحو 5 كم”.
تسببت الأوضاع المعيشية السيئة بـ “إصابة نحو 100 طفل بحالات إسهال شديدة، قبل عدة أيام، بسبب اضطرار العائلات إلى شرب مياه الصهاريج غير المعقّمة، نتيجة قلّة مياه الشرب الصحية الموزّعة، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة كثيرًا، حيث تصل درجات الحرارة في الخيم إلى 45 درجة؛ ما يؤدي إلى فساد الطعام”.
هذه الحال المزرية دفعت بعض الناشطين إلى توجيه نداء استغاثة، للمطالبة بـ “تأمين حليب لأطفال المخيم؛ نتيجة عدم قدرة النازحين على شرائه، بسبب الفقر والظرف المادي السيئ بعد التهجير، إضافة إلى ارتفاع أسعار حليب الأطفال، إذ يصل سعر العلبة الواحدة -وهي لا تكفي الطفل مدة أسبوع- إلى قرابة 3 آلاف ليرة سورية (نحو 6 دولارات أميركية)”.
تقوم على إدارة المخيم منظمتا (الهلال الأحمر التركي) و(آفاد) التركيتين، وهما من يقوم بتوجيه المنظمات العاملة في الشمال السوري، لتلبية حاجات النازحين في تلك المخيمات، وقد حاولت (جيرون) الاتصال بمدير المخيم أو أحد ممثلي المنظمتين فيه، ولم تفلح.