الصورة محرم إينجه، مرشح المعارضة الرئيسي للرئاسة، في اجتماع حاشد في إسطنبول. صورة إيمراه غوريل/ أسوشيتد برس
إن قرار الرئيس رجب طيب أردوغان المفاجئ بالدعوة إلى إجراء انتخابات، قبل أكثر من عام من الموعد المحدد، أملًا في أن يأخذ المعارضة على حين غرة، قد يأتي بنتائج عكسية.
اجتمعت أحزاب المعارضة التركية في تحالفٍ نادر، يمكن أن يشكّل تحديًا خطيرًا للسيد أردوغان في محاولته إعادة انتخابه في انتخابات 24 حزيران/ يونيو لرئاسة ذات سلطات موسعة للغاية.
ما يزال السيد أردوغان (64 عامًا) أكثر السياسيين شعبيةً في تركيا. لكن الانتخابات -كما هو الحال مع استفتاء العام الماضي الذي أوجد نظامًا رئاسيًا أكثر قوة- تتحول إلى تصويت لصالح أو ضد استمرار حكمه.
المرشح الأبرز بين مرشحي المعارضة هو محرم إينجه، وهو مدرس الفيزياء، وعضو في البرلمان للمرة الخامسة عن حزب الشعب الجمهوري.
“أرى رغبة كبيرة في التغيير، وأردوغان سيكون نادمًا جدًا”.. قال السيد إينجه في مقابلةٍ أُجريت معه الأسبوع الماضي، حول حملته الانتخابية المتنقلة بين مسيرات في جنوب تركيا.
يتوقع محللو الاستطلاع والمحللون الموثوقون أن يكون السباق متقاربًا بشكل استثنائي. إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المئة من الأصوات؛ فإن الانتخابات ذاهبة نحو جولة ثانية، وهو أمر يأمل أردوغان أن يتجنبه.
في الوقت الحالي، يقول مستطلعو الآراء إن الفرص متساوية لجولة ثانية، يتواجه فيها اثنان من أفضل المرشحين اللذين حصلا على أعلى الأصوات. حتى إن المعارضة تقوم، ولأول مرة، بتنظيم عملية لحساب جميع الأصوات على المستوى الوطني بشكل مستقل، لمواجهة أي محاولة لتزوير الأصوات.
إذا صمد تحالف المعارضة، وتمكّن من فرض جولة ثانية؛ فإن السيد إينجه قد يمثل تحديًا خطيرًا للرئيس. وقد تعهد مرشحو التحالف بأن يتحدوا خلف من يتحدى السيد أردوغان، على حد تعبير السيد إينجه.
يبقى السيد أردوغان مرشحًا بارعًا وخصمًا مؤلمًا، وهو يدير حملة حول مواضيع قومية، ويلقي باللوم على الإرهاب والغرب، كأسباب للمشكلات الاقتصادية التركية -ارتفاع البطالة والتضخم وتدهور قيمة الليرة- ويتفاخر في برامجه الاجتماعية والتنموية.
بالنسبة إلى الكثيرين، ما يزال أردوغان شخصية بارزة، والمرشح الوحيد المُقنع للرئاسة، لكن السيد إينجه يقدم ترياقًا مثيرًا للسيد أردوغان، متجنبًا افتراءات الرئيس بالنكات والمرح.
[av_image src=’https://geiroon.net/wp-content/uploads/2018/06/01-1.jpg’ attachment=’120143′ attachment_size=’full’ align=’center’ styling=” hover=” link=” target=” caption=” font_size=” appearance=” overlay_opacity=’0.4′ overlay_color=’#000000′ overlay_text_color=’#ffffff’ animation=’no-animation’ custom_class=”][/av_image]
يبقى الرئيس رجب طيب أردوغان أكثر السياسيين شعبية في تركيا، لكن الانتخابات تتحول إلى تصويت لصالح أو ضد استمرار حكمه. بولنت كيليج/ وكالة الصحافة الفرنسية -صور جيتي
وقال: “إن غيوم اليأس تتدلى فوق البلاد، أعدكم بالهدوء والسعادة، وأعدكم بالسلام”.
إجمالًا، لقد تجمّعت أربعة أحزاب معارضة معًا، لدعم مرشحي بعضهم البعض، حتى إنهم مدوا يدهم لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، الذي يقبع زعيمه صلاح الدين دميرتاش في السجن بتهم مختلفة، من الإرهاب إلى إهانة الرئيس.
في بادرة جريئة، زار السيد إينجه السيد دميرتاش في السجن، معرضًا نفسه لاتهاماتٍ من السيد أردوغان بالتواطؤ مع الإرهابيين، لكن بغرض الوصول إلى جزءٍ مهم من الناخبين. الأصوات الكردية، وهي تُقدّر بنحو 10 في المئة من الناخبين، يمكن أن تبدّل التصويت الكلي ضد أردوغان.
تُظهر استطلاعات الرأي المستقلة أن أردوغان يحصل على دعم بنسبة 45 في المئة، بينما يحصل السيد إينجه على دعم بنسبة 20 في المئة. ومع ذلك، حين يتوحد التحالف المعارض، بالإضافة إلى الأكراد؛ فإنه سيصمد في مواجهة السيد أردوغان.
حصل الرئيس على تأييد بنسبة 45,9 في المئة، وهي ليست كافيةً للفوز في الانتخابات من الجولة الأولى، وفقًا لاستطلاعٍ أجراه في الشهر الماضي “متروبول”، وهي منظمة استطلاع مستقلة. بلغت أصوات المعارضة مجتمعة 44,5 في المئة. بينما يورد حزب أردوغان استطلاعاتٍ أخرى تظهر فوزه من الجولة الأولى، بنسبة تراوح بين 51 و55 في المئة.
ومع ذلك، حتى المسؤولون الحكوميون يعترفون بأن تحالف أردوغان، الذي شكلّه حزبه: العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية اليميني، قد يفشل في الحصول على أغلبية في البرلمان.
ورأى مستشار رئاسي وكاتب عمودٍ مؤيد للحكومة أنه إذا فاز السيد أردوغان بالرئاسة، وفشل في الفوز بأغلبية في البرلمان، فإنه قد يدعو إلى إجراء انتخاباتٍ جديدة. مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة مقامرة؛ لأن الناخبين سيتعاملون معه بشكل أفضل.
الكاتب علي قره حسن أوغلو، كتب الشهر الماضي في صحيفة (يني أكيت) الموالية للحكومة: “هل سيضحي بنفسه في سيناريو، يمتلك فيه الطبل لكن العصا بين يدي المعارضة.”
مرشحٌ آخر للمعارضة، إنها ميرال أكشنر، وزير الداخلية السابق، التي انفصلت عن الحركة القومية لتشكّل حزبها الخاص (حزب الخير)، في العام الماضي، تزيد من التوترات داخل تحالف أردوغان.
لقد أثبتت أنها قوة ديناميكية في المعارضة -كما كانت في حملة “لا” التي سبقت استفتاء العام الماضي- ليس فقط لسحب المؤيدين اليمينيين من التحالف الحاكم، ولكن أيضًا لخلق دور قوي للناخبين النساء والشباب مع حزبها الذي شكلّته مؤخرًا.
في أغنية حزبها المنشورة على موقع (يوتيوب)، وهي مزيج من موسيقى الروك والراب، ينتقد المغنون الشباب أولئك الذين “استسلموا إلى طاغية”، ويحذرون من أنه “لقد اشتعلت النيران في قلبي”. في إشارة خاطفة إلى خطابات السيد أردوغان المتواصلة، وتطلب منه: “اهدأ، أيها البطل”.
[av_image src=’https://geiroon.net/wp-content/uploads/2018/06/02-1.jpg’ attachment=’120145′ attachment_size=’full’ align=’center’ styling=” hover=” link=” target=” caption=” font_size=” appearance=” overlay_opacity=’0.4′ overlay_color=’#000000′ overlay_text_color=’#ffffff’ animation=’no-animation’ custom_class=”][/av_image]
ميرال أكشنر، زعيمة حزب الخير، تزور مدرسة في هاتاي. كريس مكغراث/ صور جيتي
كانت السيدة أكشنر تجتمع مع حلفاء المعارضة هذا الأسبوع، لإبرام اتفاق بين الأحزاب لمراجعة الدستور، وإعادة البلاد إلى النظام البرلماني في حال فوزها. وسيبطل هذا الاتفاق النظام الرئاسي القوي الجديد للسيد أردوغان، والذي بموجب القانون سيوضع موضع التنفيذ مع هذه الانتخابات.
إن مثل هذه الأحزاب المتباينة يمكن أن تتحالف لأجل تغييرات دستورية، وهي نقطة الانطلاق في تركيا، كما تواصلهم مع الأكراد. لكن استبداد السيد أردوغان المتنامي أثبت نفسه أنه نقطة تجميع وتحشيد.
منذ الانقلاب الفاشل في عام 2016، حكم أردوغان البلاد في ظل حالة الطوارئ التي سمحت له بالسيطرة على وسائل الإعلام، وجميع المؤسسات الحكومية، ومنها الهيئة العليا للانتخابات.
انتقد مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تصويت العام الماضي، قائلين: “إن عدم تكافؤ الفرص والتغطية الإعلامية الأحادية، والقيود المفروضة على الحريات الأساسية خلقت ساحة لعب غير متكافئة”.
اتهمت أحزاب المعارضة السيد أردوغان بتزوير النتيجة بالسماح بإدخال آلاف من أوراق التصويت غير المختومة إلى الإحصاء. منذ ذلك الحين قام بتغيير القواعد مرة أخرى.
مصممة على منع التلاعب، دعت أكشنر السيدة بورجو أكجارو، المعتادة على إدارة مجموعة مراقبة الانتخابات، للانضمام إليها كمؤسسٍ مشارك في حزب الخير في العام الماضي.
وقد أشرفت السيدة أكجارو على تعبئة واسعة النطاق، عبر تحالف المعارضة لمراقبة الانتخابات وحساب نتائج عدّها الخاصة. صمم الحزب برنامجه الخاص، وتطبيقًا على الهاتف المحمول، بحيث يستطيع الآلاف من مساعدي المعارضة في جميع أنحاء البلاد تسجيل وتصوير ورقة النتائج في أي صندوق انتخابي.
في اثنين من المراكز المستقلة في أنقرة، ستقارن المعارضة النتائج التي تجمعها على خوادمها الخاصة، مع نظام نسخٍ احتياطي يدوي في حالة انقطاع التيار الكهربائي أو الإنترنت.
في استفتاء العام الماضي، لم يكن هناك مراقبون لأكثر من 5,000 صندوق انتخابي، وأُدرج 20,000 صندوق في الإحصاء من دون ورقة نتائج، على حد قول السيدة أكجارو، حيث قالت في مقابلة: “كنا نعرف ذلك، لكن لم يفعل أي زعيم سياسي أي شيء”.
هذه المرة، دعا السيد إينجه جيشًا من المحامين المتطوعين للمساعدة في تحدي أي تزوير، وتعهدت السيدة أكشنر بأن تُخيّم خارج الهيئة العليا للانتخابات في حالة حدوث مخالفات. وقالت: “لن أتحرك إلا على جثتي”.
اسم المقالة الأصلي | Turkish Opposition Hopes 4 Parties Are Mightier Than 1 Against Erdogan |
الكاتب | كارولتا غول، Carlotta Gall |
مكان النشر وتاريخه | نيو يورك تايمز، The New York Times، 9/6 |
رابط المقالة | https://www.nytimes.com/2018/06/09/world/asia/turkey-election-erdogan.html?rref=collection%2Fsectioncollection%2Fworld |
عدد الكلمات | 1080 |
ترجمة | أحمد عيشة |