قضايا المجتمع

التمانعة.. الأهالي يعودون إلى بلدة مدمرة

عاد المئات من نازحي بلدة التمانعة ومحيطها بريف إدلب الجنوبي، إلى بلدتهم، عقب إقامة القوات التركية نقطة مراقبة على بعد نحو 10 (كم) منها، وسط افتقار المنطقة إلى مقومات البقاء كافة: (ماء، كهرباء، طرق، وصحة)؛ ما دفع المجلس المحلي فيها إلى توجيه نداءات استغاثة غير مرة، بهدف تحفيز المنظمات على مد يد العون للأهالي فيها.

قال محمود أبو محمد، من أهالي البلدة، لـ (جيرون): “عدت إلى منزلي، بعد ثلاث سنوات من النزوح، لكن -للأسف- لا مقومات للحياة هنا على الإطلاق، حيث لا يوجد مياه ولا كهرباء، إضافة إلى الغبار الذي يملأ المكان، بفعل الدمار الهائل الذي أحدثه القصف الجوي لقوات النظام على البلدة”.

وأضاف: “لا أظن أني سأطيل المكوث في البلدة، إذا لم يتحسن الوضع هنا، فالأمراض بدأت تنتشر، كـ (اللشمانيا)، من دون وجود أي مركز صحي يقدّم العلاج للمصابين الذين بلغ عددهم نحو 100 شخص، جلّهم من الأطفال، وكذلك من دون وجود رش بالمبيدات الحشرية للبلدة”.

في الإطار ذاته، ناشدت السيدة أم حسام، وهي أم لأربعة أطفال، المنظمات الإنسانية تقديمَ معونات للأهالي العائدين إلى البلدة، وقالت لـ (جيرون): “ليس لدينا أي مقومات للبقاء هنا، حتى لقمة الخبز أصبحت بعيدة المنال منّا.. زوجي استُشهد في القصف ولا معيل لي، كنت أحصل في المخيم على بعض المساعدات، أمّا هنا فلا يوجد شيء يسد الرمق”.

في نيسان/ أبريل الماضي، أقام الجيش التركي نقطة مراقبة في منطقة خان شيخون، على بعد نحو 10 (كم) من البلدة؛ ما حفّز الأهالي على العودة، وتوصل وجهاء من البلدة والبلدات المجاورة، في الشهر ذاته، إلى “هدنة” مع قوات النظام برعاية (روسية-تركية)؛ لتمكين أهالي ريف إدلب الجنوبي من جني محاصيلهم الزراعية.

قال باسل عدنان البكري، رئيس المجلس المحلي لـ (جيرون): إن “830 عائلة عادوا إلى البلدة ومحيطها، حيث استقر نحو 30 عائلة فقط، ما يقرب من 150 شخصًا، فيما سكن المزارع المحيطة بها 800 عائلة (نحو 4 آلاف شخص)، وما يزال نحو 15 ألف نسمة نازحين في إدلب المدينة والمخيمات الحدودية بريفها الشمالي”.

أكد البكري أن “90 بالمئة من البلدة دُمّر بشكل كامل، بفعل الهجمات الجوية لقوات النظام وروسيا”، وأن “الدمار طال كل مرافق الحياة في البلدة: (شبكة المياه، شبكة الكهرباء، شبكة الصرف الصحي، مركز الهاتف، والفرن الآلي)”.

وأشار إلى أن “البنى التحتية التي نجت من القصف سطا عليها اللصوص، حيث سرقوا 250 عمود كهرباء، إضافة إلى سرقة نحو 60 ألف متر من الأسلاك المعدنية لشبكة الكهرباء”، وذكر أن “القصف دمّر أيضًا مستوصف البلدة، ومركز اللقاح”.

بيّن المسؤول المحلي أن “المجلس أعلن البلدة منكوبة منذ عامين، وإلى الآن لم تتبدل صفتها (المنكوبة)”، وأشار إلى تلقي “المجلس تبرعات من الأهالي، من أجل إزالة النفايات من البلدة، فيما فتح الدفاع المدني الشوارع فيها”، وقدّر “كلفة إزالة الركام من البلدة، والقرى الثلاث التي تتبع لها، بنحو 400 ألف دولار أميركي”.

ناشد البكري المنظمات الدولية والمحلية مدَّ “يد العون إلى البلدة، ودعم القطاعات الأساسية فيها: (صحة، ماء، وكهرباء)”، وأمل أن تلقى مناشدته “آذانًا صاغية من قِبل المسؤولين في تلك المنظمات، بعد أن صمّت عن السمع نحو عامين”.

تعرضت بلدة التمانعة لحملات جوية مكثّفة من طيران روسيا والنظام، منذ نحو ثلاثة أعوام، كان أعنفها في بداية العام الحالي، حينما حوصرت من طرفين: قوات النظام وتنظيم (داعش) الذي تقدم إلى أطرافها، وفقدت نتيجة الغارات الجوية عليها نحو 200 شخص، معظمهم من الأطفال والنساء.

مقالات ذات صلة

إغلاق