نزح آلاف المدنيين من مدن وبلدات ريف محافظة درعا الشرقي، ومنطقة مثلت الموت، إلى مخيمات القنيطرة؛ على إثر الحملة العسكرية التي تشنها قوات النظام والميليشيات الموالية لها، بدعم روسي.
(أم عاصم)، وهي سيدة ستينية نزحت من بلدة (الحارة) إلى مخيمٍ للنازحين في بلدة عين التينة، قالت لـ (جيرون): “فررتُ مع عشرات العائلات، من بلدتنا الواقعة في منطقة مثلث الموت، إلى هنا؛ بسبب شدة القصف المكثف من الطيران والمدفعية”.
وأشارت إلى اضطررها إلى نصب خيمة مع أبنائها الثلاثة، بنفسها؛ “بسبب عدم وجود خيام كافية للأعداد الكبيرة من النازحين”، وأكدت أنها تعاني كثيرًا بسبب “النقص في مقومات الحياة (طعام، شراب، وأدوية)”، لافتة إلى أن “ألم النزوح عن الديار وحده يُعدّ قاتلًا بالنسبة إلينا”.
في السياق ذاته، قال (أبو كرم)، مدير مخيم العودة في القنيطرة، لـ (جيرون): إن المخيم “استقبل نحو 40 عائلة، فرت من قرية أم العوسج في منطقة مثلث الموت”، وتوقع أن “يرتفع عدد القادمين إلى المخيم، خلال الساعات القليلة المقبلة، بسبب تصاعد وتيرة الأعمال العسكرية في المنطقة”.
أوضح أبو كرم أن “مخيم العودة يعاني في الأساس بسبب اهتراء الخيام، وعدم وجود دورات للمياه، وعدم توفر مياه الشرب بشكل دائم”، وأشار إلى أن “عملية الاستجابة من قبل المنظمات ضعيفة، بخاصة أن عملها محدود في الأساس بريف القنيطرة”.
وثق ناشطون شنّ قوات النظام وروسيا عشرات الغارات الجوية على منطقة اللجاة، في ريف المحافظة الشرقي؛ ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين وإصابة آخرين، إضافة إلى نزوح الآلاف باتجاه محافظة القنيطرة والحدود السورية مع الأردن.
أسامة النميري، وهو ناشط في منظمات إغاثية متعددة في الجنوب السوري، قال لـ (جيرون): إن “أكثر من 10 آلاف شخص، نزحوا من منطقة مثلث الموت، من قرى وبلدات: (الحارة، كفرشمس، عقربا، المال، الطيحة، وبرقا) إلى 26 نقطة، ما بين مخيم وبلدة في محافظة القنيطرة”.
أشار النميري إلى أن “النازحين بحاجة ماسة إلى مأوى وخدمات صحية”، وأن المنظمات العاملة في المحافظة قدّمت عددًا من السلال الغذائية لبعض النقاط التي نزح إليها الأهالي، فيما لم يقدم أي شيء للمهجرين في ستّ نقاط نزوح”. وقدّر “نسبة استجابة المنظمات في النقاط الأخرى ما بين 30 بالمئة إلى نحو 90 بالمئة”، متوقعًا “ارتفاع أعداد العائلات النازحة إلى محافظة القنيطرة، إلى الضعف في الساعات المقبلة؛ بسبب تصعيد قوات النظام من أعمالها العسكرية على المنطقة”.
بحسب النميري، فإن “عشرات العائلات أيضًا فروا من ريف المحافظة الشرقي إلى ريفها الغربي، ومن المرجح أن ينزح هؤلاء إلى الشريط الحدودي في محافظة القنيطرة من جديد؛ بسبب مخاوف الأهالي من تقدم قوات النظام باتجاه (الجمرك القديم) وقطع الطريق، وبالتالي محاصرة الريف الشرقي”. وأكد “استهداف طيران قوات النظام حافلات الهاربين من الموت في ريف المحافظة الشرقي، إلى ريفها الغربي، عبر الطريق العسكري؛ ما أدى إلى مقتل عدد من النازحين”.
تسيطر المعارضة على نحو 70 بالمئة من مساحة محافظة درعا، التي تخضع لاتفاق (خفض تصعيد) بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن، منذ منتصف 2017، لكن التصعيد العسكري الأخير عليها، من قبل قوات النظام بتغطية جوية روسية، يثير مخاوف الأهالي من (التهجير القسري)، على غرار ما حصل في محيط العاصمة دمشق وريف حمص الشمالي.