تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

طهران تخلط أوراق وجودها في سورية.. وواشنطن تشدد العقوبات ضدها

مسؤول في الائتلاف: إيران تذر الرماد في العيون.. وخروجها من سورية ليس بهذه السهولة

تحاول طهران خلط الأوراق حيال وجودها في سورية، نتيجة الضغط الروسي والأميركي. وبعد تصريحات طويلة من قبل مسؤوليها بأنها باقية في سورية؛ أطلق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، قبل أيام، تصريحات بإن بلاده مستعدة لتخفيض، أو إنهاء، “وجودها الاستشاري في سورية”، الأمر الذي عده مسؤول في الائتلاف السوري المعارض محاولة لذر الرماد في العيون، مستبعدًا أن تعكس هذه التصريحات جديةً لدى طهران حول الخروج من سورية.

قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي: إن طهران “مستعدة لتخفيض، أو إنهاء، وجودها الاستشاري في سورية؛ إذا شعرت بثبات نسبي هناك”، مضيفًا في تصريحات صحفية أن “دخولنا إلى سورية جاء بناءً على طلب الحكومة السورية، وسنخرج منها إذا شعرنا باستقرار نسبي هناك”، وأضاف مؤكدًا: “نعلم بوضوح ما هي مصالحنا، وننطلق نحوها، تمامًا مثلما تتبع الحكومة الروسية مصالحها في جميع أنحاء العالم”، وفق ما نقلت وكالة (سبوتنيك) الروسية في الرابع من شهر آب/ أغسطس الجاري.

وتابع قاسمي: “يمكن لروسيا تنظيم علاقاتها مع بقية العالم بطريقة تخدم مصالحها، وهذا الحق مضمون لنا أيضًا، ويتم العمل بناء على ذلك”.

من جانب آخر، علَّق عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني المعارض لقوى الثورة والمعارضة السورية يحيى مكتبي، على الخبر بقوله: “إيران لم تشارك في الحرب على الشعب السوري وتجلب كل هذه الميليشيات، لتخرج بسهولة”، مشيرًا في تصريحات لـ (جيرون) أن “إيران تريد البقاء في سورية وتعزيز وجودها، وهذا ما نراه على أصعدة مختلفة، سواء في الجانب الاقتصادي، من خلال إقامة مشاريع، ومحاولة الدخول على خط إعادة الإعمار، أو من خلال عمليات التشييع التي تجري على قدم وساق، عبر استغلال حاجة الناس من الناحية المادية”.

وحول التصريح الإيراني، قال مكتبي: جاء التصريح “نتاجًا للضغوط الكبيرة، وخاصة من جانب إسرائيل، من أجل تقليص، أو ضبط، الوجود الإيراني”، معقبًا: “إيران تخادع وتكذب. ونحن نعتقد أن هذا التصريح يهدف إلى ذر الرماد في العيون. ربما يأخذ الوجود الإيراني أشكالًا مختلفة، وهذا ما رأيناه في درعا من خلال تغيير لباس المرتزقة التابعين لإيران، ومحاولة الفبركة بأن هؤلاء هم من جيش بشار الأسد”.

لا يعتقد مكتبي أن “هنالك جدية في هذه المسألة. فتصريحات الإيرانيين السابقة كلها تشي بأن دأبهم مستمر على مشروع العبث بالمنطقة، وزعزعة الاستقرار، تحت عنوان (تصدير الثورة) من جهة، ومن أجل خلق بؤر توتر بناء على حالة طائفية مذهبية من جهة أخرى.. لهذا كله، لا أعتقد أن هنالك جدية في تطبيق هذا التصريح من قبل إيران”.

هذا التصريح الإيراني سبقته تصريحات أخرى مناقضة له من حيث الفحوى، إذ قال المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان، في شهر تموز/ يوليو الفائت: إن “المستشارين العسكريين الإيرانيين سیبقون في سورية، دعمًا لجهود دمشق في مكافحة الإرهاب”، مضيفًا في تصريحات صحيفة أن “إسرائيل تسعى للهيمنة على سورية بعد (داعش).. قوى المقاومة والمستشارين العسكريين الإيرانيين سيستمرون في تواجدهم إلى جانب سورية، في التصدي للإرهاب”.

كما أعلنت طهران، في شهر أيار/ مايو الفائت، أن وجودها في سورية مستمر، زاعمة أن هذا الاستمرار مرهون برغبة رئيس النظام بشار الأسد. وقال علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: إن “الوجود الإيراني في سورية مستمر، ما دام النظام السوري يطلب ذلك”، مضيفًا في تصريحات، نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، أن “هذه الاستراتيجية الإيرانية ثابتة، ولا تعرف التغيير، ولا تختص بسورية فحسب”.

وزعم شمخاني أيضًا أن “سياسة إيران تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وجعل المنطقة خالية من التوتر والعدوان، والمساهمة في استتباب السلام والاستقرار والأمن، والمساعدة في تنمية دول المنطقة، ونشر الرخاء فيها”.

اللافت أن التصريحات الإيرانية (الجديدة) تزامنت مع حدثين لهما دلالة متصلة: الأول هو التصريحات الروسية بإن طهران ابتعدت عن حدود (إسرائيل) مع سورية 80 كيلومترًا، كجزء من الاتفاق الروسي الإسرائيلي الأميركي، مقابل إطلاق بعض اليد لروسيا في سورية، والثاني هو استعداد الولايات المتحدة لفرض عقوبات اقتصادية صارمة ضد طهران (بدأت اليوم الثلاثاء)، كخطوة أميركية، من أجل تقويض قوة طهران في الشرق الأوسط. ووفق مراقبين، فإن هذين الحدثين كان لهما أثر في ظهور التصريحات الإيرانية حول الخروج من سورية، في حال أصبح هناك “ثبات نسبي”.

وقال مكتبي: “مما لا شك فيه أن لروسيا اليد الطولى، في ما يحدث في سورية على كل المستويات، وبالتالي فإن التفاهمات الروسية الأميركية والروسية الإسرائيلية هي التي تضبط وقائع الوجود الإيراني على الأرض”. ورأى أن “الروس لا يستطيعون التخلي عن الوجود الإيراني، وبخاصة كقوة برية على الأرض، لأن نظام الأسد المتهالك لم يعد له قوامة تستطيع سد الحاجة إلى قوات برية. ولذلك فإيران تستغل هذه الناحية من خلال الوجود الميليشيوي الإجرامي”.

وتابع: “روسيا تريد تحقيق ما وعدت به، ولا سيما وعدها إسرائيل، بأن لا يكون هنالك وجود لإيران. لذلك سمعنا تصريحًا بأن إيران ابتعدت عن الحدود مع فلسطين المحتلة مسافة 80 كم. الموضوع عبارة عن تفاهمات من أجل إعادة التموضع الاحتلالي… أما من حيث الجوهر فإيران لن تستغني عن سورية بسهولة على الإطلاق؛ ذلك أن سورية بلد مهم جدًا لمشروع العبث والفوضى الإيراني، وبخاصة في ما تدعيه من محور المقاومة والممانعة الذي يمتد من طهران إلى الضاحية الجنوبية، مرورًا بالعراق وسورية”.

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقّع، يوم أمس الاثنين، قرار انطلاق المرحلة الأولى من العقوبات الأميركية على إيران. وقال: “في وقت نواصل فيه ممارسة أكبر قدر من الضغط الاقتصادي على النظام الإيراني، أبقى منفتحًا على اتفاق أكثر شمولًا، يلحظ مجمل أنشطته الضارة، بما فيها برنامجه الباليستي، ودعمه للإرهاب”، بحسب ما نقلت عنه  وكالة (فرانس برس).

مسؤول أميركي، قال أمس: إن “أكثر من 100 شركة استجابت للتحذيرات الأميركية حول التعاون مع إيران”، في حين قال مسؤول أميركي كبير: إن “الولايات المتحدة تريد من أكبر عدد ممكن من الدول وقف وارداتها من النفط الإيراني تمامًا”، وفق صحيفة (الشرق الأوسط).

الصحيفة ذكرت أيضًا أن مسؤولًا أميركيًا آخر قال إنه “تمت زيارة أكثر من 20 دولة حول العالم، في إطار الجهود الدبلوماسية الأميركية لتضييق الخناق الاقتصادي على إيران، والتعاون مع أميركا في ذلك، منعًا لتعرضهم للعقوبات.. الهدف من ذلك هو إيصال الواردات الإيرانية البترولية إلى الصفر، وتضييق الخناق على النظام الإيراني لتغيير سلوكه الخبيث في المنطقة، وعدم تصدير الثورة ودعم الإرهاب”.

ووفق المسؤولين الأميركيين، فإن “الاقتصاد الإيراني في انهيار وتدهور خلال السنوات الأخيرة، من قبل إعادة فرض العقوبات، والسبب أن النظام الإيراني لم يستخدم الموارد التجارية والاقتصادية، والطائرات الإيرانية، في خدمة الشعب، بل في خدمة الإرهاب، ودعم نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري”، وأكدوا أنه نتيجة “الدعم الإيراني أيضًا لـ (حزب الله) في لبنان، والميليشيات المسلحة في العراق واليمن، اتخذت واشنطن على عاتقها معاقبة النظام الإيراني، والخروج من الاتفاق النووي”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق