نشرت (وحدة دراسة السياسات)، في 11 آب/ أغسطس 2018، تقريرَها الجديد عن الثلث الأول لشهر آب/ أغسطس 2018، ورصدت فيه بيانات وأخبار عن الضحايا والتعذيب والتغييب القسري في سورية، وكذلك مستجدات الوضع الميداني لمختلف أطراف الصراع الدائر في سورية، كما رصد التقرير مسارات الحراك السياسي، على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وكذلك مواقف الدول الإقليمية والدولية من الأزمة السورية، مع إطلالة على الإعلام العربي والعالمي وموقفه من الوضع في سورية، إضافة إلى قراءة التوقعات في المسارات العسكرية والسياسية حول سورية.
اعتمد التقرير في رصده على متابعة الوضع الميداني، وعلى وسائل الإعلام العربية والأجنبية (المحلية والدولية)، وكذلك على تقارير لمراكز الدراسات والأبحاث العربية والدولية.
في باب بيانات وأخبار الضحايا، رصد التقرير سقوط 347 قتيلًا على الأراضي السورية، في هذه المدة (من 01 إلى 10 آب/ أغسطس) نسبة المدنيين منهم 35 في المئة فقط، (120 قتيلًا مدنيًا) منهم 13 طفلًا (11 في المئة من القتلى المدنيين)، و18 امرأة (15 في المئة من القتلى المدنيين).
أوضح التقرير أن درعا جاءت في صدارة المحافظات، من حيث عدد القتلى، بحصيلة مقدارها 134 قتيلًا معظمهم من العسكريين الذين سقطوا في المعارك، بين قوات النظام و(جيش خالد بن الوليد) المبايع لتنظيم الدولة، وجزء كبير من هؤلاء القتلى هم من مقاتلي التنظيم (48 مقاتلًا) الذين أعدمتهم قوات النظام، بعد انتهاء المعارك وخروجهم من حوض اليرموك.
تلتها دير الزور في الترتيب، بحصيلة مقدارها 89 قتيلًا، معظمهم أيضًا من المقاتلين، وهؤلاء يتوزعون بين مقاتلي تنظيم الدولة، ومقاتلي نظام الأسد، ومقاتلي (قوات سورية الديمقراطية)، وقد سقطوا في معارك تصفية وجود التنظيم في ريف دير الزور الشرقي. وكان الموضوع البارز هو ملفّ الضحايا من المعتقلين في سجون النظام، حيث كشفت عن عدد تجاوز 8 آلاف معتقل من مختلف المناطق السورية.
في ملف الاعتقال التعسفي، وثق التقرير -نقلًا عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الأحد- أكثر من 647 حالة اعتقال تعسفي في سورية، خلال شهر تموز/ يوليو الماضي، منها 419 على يد قوات النظام السوري.
وفي ملف النزوح والتهجير القسرين، أشار التقرير إلى أن الأمم المتحدة قد أعلنت أن أكثر من 1.2 مليون شخص نزحوا داخل سورية، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري. كما أعلنت حكومة الأسد استحداث ما عرف باسم “هيئة تنسيق لعودة المهجرين في الخارج” إلى مناطقهم الأصلية التي هجروا منها قسرًا، وستتولى الهيئة التواصل مع الدول لتسهيل عودة اللاجئين إلى مناطق سيطرة النظام. وتضم الهيئة الجديدة الوزارات والجهات المعنية، ويترأسها وزير الإدارة المحلية والبيئة.
في الملف الميداني، أحكمت قوات النظام -ميدانيًا- سيطرتها على كامل منطقة حوض اليرموك غربي درعا، بعد أيام من معارك طرد تنظيم (جيش خالد بن الوليد) المبايع لتنظيم الدولة، من المنطقة، حيث بدأ نظام الأسد عملية نقل عناصر تنظيم الدولة من ريف درعا الغربي باتجاه ريف محافظة السويداء الشرقي، ضمن اتفاق أُبرم بين الطرفين. وقد بدأت باصات عدة تقل عناصر من تنظيم الدولة الذين كانوا محتجزين في مدينة طفس في ريف درعا الغربي، التحرك باتجاه بادية السويداء، وأصبحت منطقة جنوب غرب سورية خالية تمامًا من المعارضة المسلحة ومن التنظيمات الجهادية.
وكان الحدث الآخر البارز -ميدانيًا- في هذه المدة هو سيطرة (قوات سورية الديمقراطية/ قسد) على كامل الجيب الذي كان تحت سيطرة (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش)، الممتد من الحدود الإدارية الجنوبية لمحافظة الحسكة إلى المنطقة الواقعة على مقربة من شرق بلدة (الباغوز) في ريف دير الزور الشرقي، على طول نحو 85 كلم من الحدود السورية – العراقية، وبمساحة تقارب 1670 كلم مربع من مساحة محافظة دير الزور؛ وبذلك يفقد تنظيم الدولة أكبر جيب متبقٍ له في كامل الأراضي السورية، لتتقلص مساحة سيطرة التنظيم إلى 3705 كلم مربع من مساحة الجغرافية السورية، وبنسبة 2 في المئة من الأراضي السورية.
كما رصد التقرير أخبار اشتداد القصف الجوي على القطاع الجنوبي من ريف إدلب، في ما يبدو أنه بداية لمعركة إدلب التي يصرّح النظام باقترابها، وبرغبته في استعادة المحافظة من قبضة فصائل المعارضة، وسط مخاوف واسعة من النتائج المخيفة والكارثية التي قد تترتب على هذه المعركة، بسبب الكثافة السكانية العالية للمنطقة.
أما في المسار السياسي فقد رصد التقرير مسعى (مجلس سورية الديمقراطية) للتنسيق والتفاهم مع نظام الأسد، بشأن مصير المناطق وإدارتها، تلك التي تسيطر عليها (قوات سورية الديمقراطية) في شمال شرق سورية، إذ زار وفد من المجلس دمشق، وأجرى مباحثات مع المسؤولين هناك، وشُكّلت لجنة مشتركة للمتابعة. كما رصَد الموقفَ المعلن واللافت للقيادة الإسرائيلية، من استعادة قوات النظام لسيطرتها على المناطق الحدودية مع “إسرائيل”، حيث الراحة والاطمئنان لوضع مستقر وحدود هادئة محروسة جيدًا.
على المستوى العسكري، خلصت الاجتماعات المكثفة لقادة فصائل الشمال السوري (إدلب وما حولها) في العاصمة التركية أنقرة، إلى الاتفاق على تشكيل جسم عسكري جامع تنضوي فيه الفصائل “المعتدلة” جميعها، بقيادة عسكرية واحدة، وما تزال المباحثات لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيل مستمرة. هذا الاندماج هو الأول من نوعه في الشمال السوري، ويحظى بدعم كبير من السلطات التركية، وسيتولى هذا الكيان إدارة المنطقة الشمالية “إدلب وما حولها”. وهو يضم كبرى الفصائل، أبرزها الجبهة الوطنية للتحرير التي شكلت مؤخرًا من (فيلق الشام) وفصائل أخرى، إضافة إلى (صقور الشام) و(جبهة تحرير سورية)، وقد تضم أيضًا (جيش الأحرار).
كما أعلنت فصائل عسكرية بارزة في إدلب الأربعاء، اندماجها في تشكيل (الجبهة الوطنية للتحرير). وقالت الفصائل، في بيان نشرته (الجبهة الوطنية للتحرير) على وسائل إعلامها: إن فصائل “جبهة تحرير سورية، ألوية صقور الشام، جيش الأحرار، تجمع دمشق” اندمجت معها ليكونوا (نواة جيش الثورة القادم).
وفي المسار السياسي، رصد التقرير، محليًا، إعلانَ لجنة مشتركة، شُكلت بين الإدارة الذاتية الكردية التابعة لـ (حزب الاتحاد الديمقراطي/ PYD)، ووزارة الإدارة المحلية التابعة لحكومة النظام، في سياق التقارب الحاصل بين الطرفين.
رصد التقرير نتائج الجولة العاشرة من محادثات أستانا، حيث أكدت مسودة البيان الصادر عنها، وجوب عودة الناس والنازحين والمهجرين واللاجئين إلى حياتهم الطبيعية، واستكمال جهد بناء الثقة بين أطراف النزاع السوري، بحلّ قضية المعتقلين، ومكافحة الإرهاب للقضاء على التنظيمات الإرهابية نهائيًا: (داعش) و(النصرة) والتنظيمات المرتبطة بهما. ورفَض البيان الأجندات الانفصالية كلها الهادفة إلى تقويض سيادة سورية والدول المجاورة، وطالب دول العالم بزيادة المساعدات الإنسانية لسورية، واتفق المجتمعون على عقد اجتماع آخر، في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
أما في مسار القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الصراع السوري، فقد رصد التقرير موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي يتهم النظام بأنه “قام، بشكل منهجي، باعتقال عشرات آلاف المدنيين السوريين وتعذيبهم وقتلهم”. وموقف روسيا على لسان مسؤول روسي بقوله إن بلاده تسعى إلى خطة واضحة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
يصل التقرير إلى أن محاولة النظام الكشف عن قوائم تضم أسماء نحو 8 آلاف معتقل من مختلف المناطق السورية، جرت تصفيتهم داخل السجون تحت التعذيب، بعد سنوات من انقطاع أي أخبار حولهم، ما هي إلا محاولة من النظام السوري، لتبييض ملف السجون الحافل بالانتهاكات والممارسات البعيدة من الإنسانية والمخالف للقوانين الدولية كلها، والجانب الروسي يريد أن يُعيد الوضع في سورية إلى ما كان عليه قبل الثورة، لا ضحايا، لا تعذيب، لا مفقودين، لا أسرى، لا لاجئين.
رابط الملف: https://harmoon.org/archives/9045