ترجماتسلايدر

التحذيرات الكيمياوية والنتائج غير المقصودة

الصورة: ساحة الساحة في مدينة إدلب التقطت بواسطة طائرة مسيرة، 7 حزيران/ يونيو 2017 (روتيرز).

في 21 آب أغسطس، أصدرت كل من الولايات المتحدة، فرنسا، وبريطانيا، بيانًا بمناسبة الذكرى الخامسة لمجزرة الكيمياوي التي نفذها نظام الأسد ضد المدنيين، في ضاحية الغوطة التي كانت تسيطر عليها المعارضة حينذاك في دمشق. وفقًا للقوى الثلاثة: “سنرد بشكل مناسب على أي استخدام آخر للأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري، الذي كانت له عواقب إنسانية مدمرة على الشعب السوري”. الأمر الذي لا مفر منه وغير المقصود من الرسالة إلى الأسد هو: “بما أن حملتك من إرهاب الدولة والقتل الجماعي قد توجهت إلى مناطق مكتظة بالسكان في شمال غرب سورية؛ فإننا سنقتصر على الغضب الخطابي والتهديد بالأصابع، شريطة أن تتجنب استخدام المواد الكيمياوية المحرمة”.

لا شك أن الذكرى الخامسة لواحدة من فظائع الأسد المروعة تستحق الذكر. ولا شك أن هناك إهانة عميقة وعقوبة قانونية ترتبط بشكل خاص باستخدام الأسلحة الكيمياوية. وهو شيء يستحق الذكر بشكل خاص مع اقتراب الذكرى المئوية لهدنة نهاية الحرب العالمية. ولا شك أن لدى الأسد ميلًا شخصيًا قويًا يحفزه على الإرهاب يتضمن صفات جريئة كالتي عند العملاء. لكن على المسؤولين الذي يصوغون بيانات من هذا النوع، تجنب النظر إلى المرآة مدة كافية في كيفية قراءة الأسد لكلماتهم، وما هي النتائج غير المقصودة والمميتة لفهمه لها!

في الواقع، كانت للأسلحة الكيمياوية التي استخدمها نظام الأسد “عواقب إنسانية مدمرة”، ضد مجموعة صغيرة من السوريين مقارنة بالذين قُتلوا، أو شُوهوا أو أُرهبوا بواسطة الأسلحة غير الكيمياوية، أقل من واحد في المئة من الذين قُتلوا على يد النظام ذهبوا ضحية سلاح كيمياوي. في وقت تشكل المدفعية والغارات الجوية التقليدية، البراميل المتفجرة، الصواريخ والقنابل وقذائف مدافع الهاون، وقذائف الدبابات، والمدافع الرشاشة والبنادق والمسدسات والسكاكين نسبة 99 في المئة، فيما عدا الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب والتجويع أو حرمانهم من الرعاية الطبية الضرورية، عند احتجازهم أو وضعهم تحت الحصار. نعم يتم حظر المواد الكيمياوية على وجه التحديد، ولكن هل هناك شك في السجل الهائل لجرائم الحرب المتعددة الأوجه التي ارتكبها نظام الأسد ضد الإنسانية؟

يوضح مضمون البيان أنّ أي شيء يُرمى على المدنيين من قبل النظام القاتل في إدلب لن يثير ردًا انتقاميًا وقائيًا، طالما ان الاعتداء لا يتضمن مواد كيمياوية! “علاوة على ذلك، تشعر الولايات المتحدة، المملكة المتحدة وفرنسا بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بقيام النظام بشن هجوم عسكري ضد المدنيين والبنية التحتية في إدلب، ما يترتب على ذلك مواقف إنسانية… (و) نحن ما زلنا مصممين على التصرف، إذا استخدم نظام الأسد الأسلحة الكيمياوية مرة أخرى. لقد رأينا العواقب الأمنية والإنسانية مع “قلق شديد” على القتل الجماعي لأكثر من سبع سنوات. ومع ذلك، فان “العزم على التصرف” يقتصر ضد استخدام سلاح محدد.

بالنسبة إلى النظام، فإنه يقدر الآن ما المدى الذي تحتاج إليه محافظة إدلب، مقارنة بتلك العمليات في حلب والغوطة الشرقية، في استهداف المستشفيات والبيوت والمدارس والمساجد والأسواق بشكل غير متعمد. إن شخصًا مثل بشار الأسد متهكمًا بشكل غير محدود سوف يرى في بيان 21 آب/ أغسطس 2018 ما يشبه الضوءَ الأخضر، للقيام بأسوأ ما لديه ضد المناطق المكتظة بالسكان والنازحين، طالما أنه يمتنع عن استخدام المواد الكيمياوية. هل يمكن أن لا يكون أولئك الذين صاغوا البيان وآذنوا بإعلانه، على علمٍ بكيفية فهم الأسد وحاشيته وداعميه الروس والإيرانيين للبيان؟!

ربما كان المقصود من البيان هو أن يحد من مسؤولية الغرب في حماية المدنيين، في حالة وصول الأسد إلى “كل حلب” (أو ما بعدها) في إدلب. بصرف النظر عن استخدام السلاح الكيمياوي، تُعدّ إدارة ترامب نموذجية لاستمرارية السياسة الخارجية، عندما يتعلق الأمر بتجاهل السياسة والآثار الإنسانية للحرب المركزة على المدنيين في سورية. هذا تجلى في جنوب غرب سورية في الآونة الأخيرة، حيث تم تمزيق اتفاقية أميركية للحفاظ على منطقة خفض التصعيد من قبل النظام والروس والإيرانيين.

زعم الرئيس أوباما (الذي حرص على عدم الإساءة إلى إيران) أنه برفع يده عن حماية السوريين سوف يُبعد الولايات المتحدة عن ذلك المنحدر الزلق الذي وقع بعد غزو واحتلال العراق. لقد أشار الرئيس ترامب علنًا إلى رغبته في وضع سورية ومشكلاتها في مرآة الرؤية الخلفية، وهو أمرٌ تعول عليه كل من إيران وروسيا وكذلك النظام. وبالنظر إلى هذا التاريخ، وعلى الرغم من ردات الفعل العسكرية الأميركية على الهجمات الكيمياوية للنظام في عامي 2017 و2018، فإن الأسد لن يرتدع من التحذير الكيمياوي الجديد. وسيعتقد بالفعل بعد كل شيء، أن غاز الكلور المعدل مسموح به تمامًا.

لا يوجد شيء خطأ، فكل شيء صحيح مع الحلفاء الغربيين في اتخاذ موقف مبدئي ضد الحرب الكيمياوية. لقد فعل الرئيس أوباما ذلك، لكنه تحايل، وقد دعا إلى خدعة: بنتائج كارثية آمنية وموثوقية، تجاوزت سورية كثيرًا. لقد أثبت الرئيس ترامب مرتين أنه لن يُخدع باستخدام نظام الأسد للكيمياوي. ومع ذلك، قد يتم اختباره مرة أخرى من قبل طرف يزدري الغرب، وهو خبير في فعل ذلك.

غير ان اجتياز اختبار عدم الكشف عن المواد الكيمياوية لن يكون كافيًا. كما أن الأمور لن تقف الآن على هجوم بغاز السارين، الذي قد يؤدي إلى مقتل نحو 20 شخصًا، وقد يجلب ردًا عسكريًا، ولكن مخزون ترسانة النظام قد يقتل 20 ألف شخص، ويؤدي إلى فرار 200 ألف من أجل حياتهم، ولن يحرك الغرب ساكنًا. حيث إن هذا الإجراء لا يمكن الدفاع عنه على أسس عملية ولا أخلاقية. من الأفضل للحلفاء الغربيين (ومن ضمنهم تركيا التي تعاني بشدة من إرهاب دولة الأسد في إدلب) أن يحذروا موسكو، بأن أيام إفلات الأسد من العقاب، على ذبح وترهيب المدنيين، قد انتهت، وأن ذلك يستدعي ردودًا عسكرية على اهداف النظام المهمة، سوف تكون متاحة إذا بدأ بإجراء بغيض آخر، سواء في استخدام المواد الكيمياوية أو من دونها. ويجب أن يكون هذا ليست مجرد خدعة.

في غياب هذه الرسالة؛ كيف لن يرى الأسد في بيان 21 آب/ أغسطس 2018 أنه ضوء أخضر ليقوم بأدائه غير الكيمياوي الأكثر خطورة في محافظة إدلب؟ من المفترض أن هذا ليس قصد صائغي البيان. لكنه قد يُضم إلى قائمة طويلة من العواقب الكارثية غير المقصودة للتفكير السيئ والخطب المهلهلة، عندما ينتقم من المدنيين الأبرياء، كي يزيد أكثر من السمعة المخربة للغرب في سورية.

العنوان الأصلي للمادةChemical Warnings and Unintended Consequences
الكاتبFREDERIC C. HOF
المصدرالمجلس الاطلنطي/ Atlantic Council.
الرابطhttp://www.atlanticcouncil.org/blogs/syriasource/chemical-warnings-and-unintended-consequences
المترجموحدة الترجمة والتعريب

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تنبيه: nakeebet

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق