وعَد المسؤول الأممي ماتيو بيناتي، مدير قسم الحماية في وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالعمل على إصدار بيان بعد الرجوع للإدارة في عمان، يوضح موقف (أونروا) من عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى سورية، وظروفها ومخاطرها، ليكون مرجعًا لجميع من يهمهم الأمر من اللاجئين النازحين إلى لبنان في سنوات الحرب السورية، والقيادة السياسية الفلسطينية، والحكومة اللبنانية، والمؤسسات والمنظمات الدولية، والداعمين والممولين.
تزامن ذلك مع تنظيم عشرات العائلات الفلسطينية المهجّرة من سورية إلى لبنان اعتصامًا أمام مقار (أونروا) في لبنان، للمطالبة بتفعيل بند الحماية القانونية للاجئين الفلسطينيين السوريين.
من جانب آخر، اتَّهم رئيس “لجنة المصالحة” في مخيم اليرموك والمنطقة الجنوبية: الشيخ محمد العمري (المقرب من نظام بشار الأسد)، في بيان تلقت (جيرون) نسخة منه، سفارةَ دولة فلسطين في لبنان و”اللجان الشعبية الفلسطينية”، بالمتاجرة بقضية فلسطينيي سورية النازحين إلى لبنان، لدفعهم إلى العودة إلى مخيمات اليرموك، والسبينة، وخان الشيح، في ريف دمشق، ودرعا في جنوب سورية.
تفعيل بند الحماية القانونية للاجئين
جمع لقاءٌ، عُقد قبل أيام، بين فريق الحماية في الوكالة الأممية، برئاسة مدير قسم الحماية ماتيو بيناتي، وأعضاء رابطة الفلسطينيين المهجرين من سورية إلى لبنان، وتمحور حول رفض عودة الفلسطينيين السوريين المهجرين في لبنان إلى سورية، والتنسيق مع المفوضية السامية للاجئين، لعقد جلسات بهدف تفعيل بند الحماية للفلسطينيين. وطالبت الرابطة قسمَ الحماية باتخاذ موقف، عبر بيان رسمي صادر عنه، يوضح الظروف الواقعية والمخاطر التي تحول دون عودتهم إلى سورية في الوقت الحالي، ونقلت الرابطة عدم رغبة المهجرين في العودة إلى سورية.
كما طالبت الرابطة بالعمل مع المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بخصوص الملفات التي تحتاج إلى الحماية وإعادة التوطين، بناء على رد رسمي، كانت الرابطة قد تسلمته من المفوضية السامية للاجئين، قبل عامين، التي أبدت استعدادها للتعاون عبر جلسات تجمع بين (أونروا) والرابطة والمفوضية لرأب الصدع بهذا الخصوص. وأضافت الرابطة أن مساعي توحيد جهود الفلسطينيين من سورية في لبنان نجحت بشكل كبير، ونتج عنها توسيع التمثيل لفلسطينيي سورية في لبنان بهذه الاجتماعات.
ويعاني حوالي 31 ألف لاجئ فلسطينيي سوري في لبنان من أزمات معيشية واقتصادية مزرية، نتيجة منعهم من العمل، وانتشار البطالة في صفوفهم، وعدم وجود مورد مالي ثابت يؤمن لهم الحياة الكريمة.
إلى ذلك، أكد المشاركون في الاعتصام أمام مقار (أونروا) في لبنان، الخميس الفائت، على ضرورة تفعيل بند الحماية القانونية للاجئين الفلسطينيين السوريين، وإيجاد حل جذري لمأساتهم، وعلى أن وقف الدعم المادي لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) من قبل الولايات المتحدة، سيزيد من معاناة فلسطينيي سورية، الذين يعانون من أوضاع معيشية مزرية نتيجة شح المساعدات الإغاثية، وعدم توفر مورد مالي، وانتشار البطالة بينهم.
لجان (العودة إلى حضن الأسد)
في السياق، أكد ناشطون فلسطينيون في العاصمة اللبنانية بيروت، أن ممثل “اللجان الشعبية الفلسطينية” في لبنان، الملقب بـ (أبو الشعلان)، يضغط على عوائل فلسطينية سورية نازحة إلى لبنان، مهددًا بقطع مساعدات وكالة (أونروا) عنهم؛ إذا لم تعد إلى المخيمات التي كانت تقطن فيها بسورية قبيل انطلاق الثورة السورية.
وقال مصدر في “لجنة المصالحة”، وفقًا لما ذكرت تقارير صحفية لبنانية، الأسبوع الماضي: إن “اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان، التابعة لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، تلجأ إلى استخدام أسلوبي الضغط والترغيب معًا، لإعادة اللاجئين الفلسطينين إلى سورية”؛ إذ تتعهد “اللجان” بتقديم 1000 دولار للعائلة العائدة، وتتوعد بقطع مساعدات (أونروا) عنها، إذا ما ظلت في لبنان.
وأكد المصدر أن عمليات العودة تتم من دون التنسيق مع أي جهة رسمية في بيروت، كـ (المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الفلسطينيين) و(أونروا)، أو حتى ما يسمى بـ (وزارة المصالحة) في النظام الأسدي؛ ما قد يتسبب في تعريض حياة العائدين للخطر. إذ يُعامل الفلسطيني السوري معاملة السوري، ويحتاج أغلب العائدين إلى “تسوية وضع أمنية”، وتجهيز مكان لإيوائهم، ريثما ينتقلون إلى أماكن سكناهم القديمة، المُدمرة.
من جانب آخر، كشف الرئيس اللبناني ميشيل عون، نهاية شهر تموز/ يوليو، عمّا أسماه “مبادرة روسية” تهدف إلى إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، مشيرًا إلى أنها “تؤمّن” عودة نحو 890 ألف سوري من لبنان، متجاهلًا المخاطر التي قد يتعرض لها اللاجئون العائدون.
وتُكثف روسيا من جهودها لإعادة اللاجئين السوريين والفلسطينيين السوريين إلى بلدهم، رغم المخاطر التي يخشاها اللاجئون في سورية، وعلى رأسها عمليات الاعتقال والانتقام المستمرة من قبل النظام للمعارضين له، فضلًا عن دمار جزء كبير من البنية التحتية للمدن التي شن النظام عمليات عسكرية عليها، وهي التي ينحدر منها العدد الأكبر من اللاجئين، كـ (أرياف دمشق وحلب).
وبينما تقول الأمم المتحدة إن الظروف ليست مواتية بعد لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، تستمر روسيا في بذل جهودها لإعادتهم؛ بهدف مساعدة نظام الأسد للقول للعالم إن الأوضاع في سورية تسير نحو الأفضل، وفي محاولة من روسيا لإعادة تعويم النظام دوليًا، دون مراعاة المخاطر التي سيتعرض لها اللاجئون العائدون لمناطق النظام.
ويقدر لبنان عدد اللاجئين السوريين والفلسطينيين السوريين على أراضيه، بقرابة المليون ونصف المليون، بينما تقول الأمم المتحدة إنهم أقل من مليون نازح.
النظام يمنع أهالي اليرموك من العودة
من ناحية ثانية، علمت (جيرون) أن اجتماعًا عُقد يوم السبت (8 من الشهر الجاري)، في مقر السفارة الفلسطينية في دمشق، ضم عددًا من مسؤولي الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسهم الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، طلال ناجي، وهي أبرز الميليشيات الفلسطينية العسكرية الموالية لنظام الأسد، و علي مصطفى، المدير العام للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، وعدد من الشخصيات والمهندسين والمقاولين والمتعهدين.

ووفقًا لمصادر إعلامية فلسطينية، فقد تم اتخاذ القرار بالبدء بإزالة الركام وإعادة إعمار مخيم اليرموك المنكوب.
وقالت شبكة (بوابة اللاجئين الفلسطينيين) الإعلامية: إن “الهيئة الخيريّة لإغاثة الشعب الفلسطيني” التابعة لحركة “الجهاد الإسلامي” قامت، الخميس الفائت، بتنظيف منطقة القاعة المحاذية لمخيم اليرموك من الجهة الشمالية، وشمل التنظيف إزالة الأكوام الترابية من أمام المدخل الشمالي للمخيم.
في سياق متصل، أكد عدد من الناشطين، وأهالي مخيم اليرموك الذين أرادوا الدخول إلى مخيم اليرموك لتفقد منازلهم وممتلكاتهم، هذا الأسبوع، أن قوات النظام تفرض قبضتها الأمنية على مداخل ومخارج المخيم، مشيرين إلى أن عناصر الجيش السوري لا يسمحون لأهالي اليرموك بالدخول إليه إلا بموجب موافقة أمنية، يتم الحصول عليها من مفرزتين وضعهما النظام على مدخل شارع الثلاثين، حيث يطلب هؤلاء العناصر من الأهالي أوراقًا ومستندات تثبت أنهم من سكان المخيم، أو أن لهم ممتلكات فيه.
ونقلت (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية) الحقوقية، عن أهالي المخيم، قولهم إن عناصر النظام طلبوا، ممن حصل منهم على موافقة أمنية، عدمَ البقاء أو المبيت في المخيم، ومغادرتهم عند الساعة الخامسة مساء، وإلا؛ فسيتم اعتقالهم ومحاسبتهم.
وسبق أن صدرت تصريحات عديدة، عن قادة فصائل ومسؤولين فلسطينيين أكدوا فيها أن مخيم اليرموك “لن يدخل في إطار إعادة التنظيم لمحافظة دمشق”، وأن سكانه سيعودون إليه بعد فترة وجيزة، إلا أن ذلك لم يحدث حتى يومنا هذا، فيما يسود الغموض حول مصير مخيم اليرموك.
وكان نظام الأسد قد أعاد السيطرة على مخيم اليرموك، وعدد من بلدات جنوب دمشق، بعد عملية عسكرية شرسة، شنّها في 19 نيسان/ أبريل الماضي دامت 33 يومًا، واستخدم فيها جميع صنوف الأسلحة الثقيلة، والطيران الحربي؛ ما أدى إلى سقوط 33 مدنيًا، وعشرات الجرحى، وإلحاق دمار كبير في مباني وممتلكات المدنيين في اليرموك. ووصلت نسبة التدمير إلى أكثر من 70 في المئة، بدأت بعدها عمليات النهب والسلب (التعفيش)، التي طالت أكثر من 90 في المئة من منازل المخيم.