سلايدرقضايا المجتمع

فرنسا تطبِّق مبدأ تكافؤ الفرص وتغيث الملهوف

ما الذي يفصلها عن إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية!

قد يبدو العنوان غريبًا بعض الشيء، لكن هل فرنسا بعيدة حقًا من إعلان نفسها دولة إسلامية؟ خطوتان اثنتان فقط، وتكون فرنسا من أفضل الدول التي تُطبّق الشريعة الإسلامية.

في فرنسا اليوم، يتساوى جميع المقيمين على أرضها أمام القانون، بدءًا من رئيس الجمهورية، وصولًا إلى أصغر المواطنين شأنًا، حيث يستطيع في فرنسا ذاك الأعرابي الذي صفعه جبلة ابن الأيهم أن يحصل على حقه كاملًا، أمام القانون مشفوعًا باعتذار من جبلة، ملك الغساسنة.

يوجد في الشريعة الإسلامية نظام الزكاة، على سبيل التكافل الاجتماعي، لتقليص الهوة بين الفقير والغني، وللقضاء على الحاجة والعوز. ومع ذلك، نُشاهد ونلمس الفرق الهائل بين الموسر والمعسر، والتفاوت الطبقي الرهيب أحيانًا، والفاحش أحيانًا أخرى، بينما تفرض فرنسا نظام التكافل الاجتماعي، من خلال القانون الصارم والتشريعات الضريبية التي تكون غالبًا عادلة، وتجعل حياة عامل النظافة قريبة من مستوى حياة الطبيب، أو المهندس والمعلم. ولا يوجد من هو محروم من الغذاء والماء والدواء والمأوى، أيًا كان دخله، ولو كان صفرًا، فالدولة تمنح المُعدم راتبًا شهريًا يوفر للفرد الحد الأدنى من العيش الكريم، ومأوى دافئًا مع الماء والكهرباء. الفقير والثري يدخلان المشفى، ولهما الحق الكامل في علاج كامل، من الزكام حتى القلب المفتوح والسرطان وزراعة الأعضاء، والجميع يدفع ببطاقة التأمين الصحي التي يدفع الغني جزءًا من الضريبة للحصول عليها، بينما تكون مجانيةً للفقير.

لا يوجد في هذه الدولة ما يُسمى “المحسوبيات”، ففي القطاعين العام والخاص تُوزّع فرص العمل على مبدأ تكافؤ الفرص، ويخضع الجميع للمسابقة من أجل نيل الوظيفة التي تكون عادة من نصيب الأفضل، بعد تقديم السيرة الذاتية وإجراء المقابلة الشخصية، من دون النظر إلى الحسب والنسب والمكانة الاجتماعية.

لم تُترك تفاصيل الحياة اليومية في فرنسا لتقدير المواطن، فالقانون هناك كائن حي، وقابل للتجاوب والتطور، وليس نصًا جامدًا، بل يتطور حسب حاجات المجتمع، ليجعل الحياة أكثر سهولةً، للذكور والإناث والأطفال والكهول، فجميع الأماكن فيها أبواب لذوي الاحتياجات الخاصة، وجميع وسائل النقل العامة فيها أماكن للحوامل وعربات الأطفال، وجميعها مزودة بوسائل الحماية على أفضل نحو ممكن، وبذلك يفرض القانون التراحم والاحترام بين الناس.

أما عن إغاثة الملهوف، وتقديم العون والمساعدة، فهذا أيضًا مُنظّم بقانون، وبإمكان أي إنسان، من خلال هاتفه الجوال، طلب العون والمساعدة من أي جهة كانت، لتحضر في دقائق، سواء أكانت الدفاع المدني، أم الإسعاف، أم الشرطة، ويتم التعامل معه بمنتهى الاحترام والأدب.

إذًا، ماذا يفصل فرنسا عن إعلان تطبيق الشريعة؟ ربما الخمر والحجاب ولحم الخنزير. ولا أعتقد بوجود مسائل أكثر من هذه، إذا اعتبرنا أن عقوبة السجن والإصلاح قد حلّت مكان إقامة الحد، من خلال تطور القوانين والتشريعات لتناسب حياة الناس المتجددة، تبعًا لتطور الحياة ووسائلها، وتطور شتى أنواع العلوم.

بعد كل هذا، يخرج علينا، ومن بيننا، أحدهم، ليصف الغرب بالكفر والزندقة، وأنه سيجلده لنشر الرسالة السماوية! ألم تأتِ الرسالات السماوية للارتقاء بالإنسان؟! وهل من بين الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية اليوم دولة تُقدّم، لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، ما تقدمه الحكومة الفرنسية؟!

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق