تقول الصحيفة الجديدة إن الديمقراطية تتطلب تنافسًا قويًا بين الأفكار حتى تزدهر، والتنوع هو أفضل وسيلة لحماية الأساس الديمقراطي للتجربة الأميركية
التنوع يلهم الأفكار والمثل الجديدة، كما أنه يثبط الركود ويزيد من إمكانات إيجاد طرق أفضل لمعالجة مختلف القضايا. لكن بعض الدراسات تشير إلى أن التنوع العرقي والديني واللغوي يساهم في مناخ سياسي متوتر على نحو متزايد اليوم، حيث يؤدي الافتقار إلى الكياسة، إلى المواجهة على حساب التسوية.
يُقارب هذا الرأي التنوعَ كمشكلة للديمقراطيات من أجل إدارته، لكن “التنوع هو الذي ينقذ الديمقراطيات”، كما يقول ريان ملدون، الأستاذ المساعد في الفلسفة في جامعة بوفالو، وهو خبير في الفلسفة السياسية الاجتماعية، ومؤلف كتاب نظرية العقد الاجتماعي لعالم متنوع: ما بعد التسامح (روتليدج، 2016).
الانعزال/ الفصل مقابل الاختلاف
“التنوع ليس هو المشكلة. المشكلة هي الانعزال/ الفصل”، يقول ملدون، “لا يمكننا فقط النظر إلى التنوع. علينا أن ننظر في الترتيب/ التنسيق المكاني للتنوع. لا ينبغي أن يكون السؤال: هل هذه مدينة متنوعة؟ بل الأفضل: هل هذه مدينة متنوعة متكاملة؟ كلما أصبحنا أكثر انقسامًا؛ انخفضت ثقتنا الاجتماعية”.
بالنسبة إلى ملدون، يُعدّ الاختلاف وسيلة للتقدم الاجتماعي. ويضيف: “الليبرالية تسمح للأشخاص الذين لا يتوافقون، بأن يتشاركوا/ يتقاسموا السلطة، إنها تمنح الجميع آلية للمشاركة، بحيث لا تصبح الخلافات حروبًا”.
لكن بعض الفلاسفة، مثل جون لوك و توماس هوبز، ظنوا أن التنوع شيء ينبغي التغلب عليه. من وجهة النظر هذه؛ يعدُّ التنوع مصدرًا أساسيًا لصراعاتنا، ومطلوب من مؤسساتنا الحد من الآثار السلبية للتنوع أو التخفيف منها.
آخرون مثل جون ستيوارت ميل، و جون ديوي، رأوا أن المجتمع أكثر ديناميكية. وبحثوا في ما يمكن اكتشافه، وفي أفضل الطرق للتعامل فيما بينهم.
هذه التقاليد الفلسفية المتباينة حاضرة في بحوث العلوم الاجتماعية كذلك. هناك مجموعة من الأبحاث التي تشير إلى أن التنوع يتسبب في فقدان الإيمان، مما يخلق أناسًا أقل اهتمامًا بالعمل المشترك فيما بينهم باتجاه أهداف مشتركة. يقول مولدون: “إن الدراسات الحديثة التي تستخدم مجموعات بيانات أفضل تسرد قصة مختلفة”.
ويضيف: “أعتقد أن الاختلافات هي أسلوب عمل الديمقراطيات. يجبرنا الخلاف على التشكيك في أفكارنا، والنظر في طريقتنا الحالية أهي أفضل طريقة للتفكير في مشكلة ما أم لا”.
الميزة المثيرة للاهتمام لهذا التحليل هي أنه ينجح فقط؛ إذا كانت هناك أفكار من كل جانب. يمنع الانعزال/ الفصل ذلك الحوار، ويقول ملدون: “إنه حوار نريد بالتأكيد أن نشارك فيه”.
ويقول: “إذا كنتَ وسط أشخاص ذوي تفكير مماثل؛ فلا داعي للاعتقاد بأنك ستسمع أفكارًا استفزازية [تتطلب مجهودًا فكريًا]، وفي السياق الحديث، هذه إشكالية مضاعفة، لأنك لم تفرق/ تعزل نفسك مكانيًا فحسب، ولكن يمكنك الآن الانتقال إلى مصادر الأخبار التي تمثّل هذا الفصل، مما يوفّر لك ما تريد أن تسمعه، من دون أي شيء آتٍ من الجانب الآخر”.
تغيير الأمور نحو الأفضل
هناك خطوات يمكن اتخاذها لتشجيع الاندماج/ التكامل، لكن ملدون يقرُّ بأن هذه الحلول ليست سهلة التنفيذ دائمًا.
“إن أكبر شيء يمكننا القيام به، ويكون ذا فائدة أكبر، هو اتخاذ خطوات فعالة لعكس الضرر الذي أحدثته سياسات إعادة تسويق العقارات التي كانت موجودة في الولايات المتحدة لفترة طويلة”، يقول ملدون، “يمكن أن يستند خصم الفائدة على الرهن العقاري إلى أشكال الضرائب الفردية، على مقياس انزلاق يحدده تنوع المنطقة/ الجوار: كلما كان التنوع أكثر؛ زاد الخصم”.
يمكن أيضًا إعادة رسم حدود المناطق التعليمية وتوسيعها، لتغطي مناطق أوسع. سيكون من المرجح أن تشمل المناطق الأكثر توحيدًا المناطق السكنية بالكامل التي تعبر خطوط الفصل.
“هذه ليست سياسات سهلة التنفيذ، وهذا أحد أسباب عدم امتلاكنا لها”، كما يقول، “لكن أفضل طريقة لإزالة الاستقطاب عن أنفسنا هي زيادة تعرضنا للمجموعات الخارجية”.
في هذا الصدد، يمكن أن تساعد منصات التواصل الاجتماعي. بدلًا من مواقع شعبية مثل (فيسبوك) و(يوتيوب)، باستخدام خوارزميات مصممة لتوفير أكثر ما يحب المستخدمين بالفعل، يقول ملدون هذه المواقع يمكن أن تقدّم الإعدادات التي تسمح للزوار لطلب المواد التي تقع خارج أنماط اهتمامهم.
هذه المواقع لم تُصمم كأدوات للفصل، ولكنها تعمل لعزل/ لفصل المستخدمين متماثلي التفكير. ويقول: “إذا تعرضنا للتنوع؛ فإننا سنختبر وجهات نظر مختلفة وكيفية نشأتها”.
“التسامح مهارة نحتاج إلى اكتسابها. نحن بحاجة إلى الممارسة. نحن بحاجة إلى التأكد من أن مؤسساتنا المدنية ومؤسساتنا على الإنترنت تأخذ ذلك في الاعتبار، وتعطينا فرصة لاكتساب هذه الخبرة”.
اسم المقال الأصلي | WHY DIVERSITY IS VITAL FOR A HEALTHY DEMOCRACY |
الكاتب | بيرت غامبيني، BERT GAMBINI |
مكان النشر وتاريخه | المستقبل، FUTURITY، 11/9 |
رابط المقالة | https://www.futurity.org/democracy-diversity-1862262/ |
عدد الكلمات | 642 |
ترجمة | وحدة الترجمة والتعريب |