تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

محددات العلاقة بين تركيا وفصائل المعارضة في إدلب

يشوب العلاقة، بين تركيا وفصائل المعارضة السورية التي استطاعت الإبقاء على ذاتها في محافظة إدلب، كثيرٌ من الشكوك حول إمكانية تخلي تركيا عنهم، أسوةً بالأردن الذي لم يُظهر موقفًا داعمًا لفصائل المنطقة الجنوبية لسورية.

لكن، يبدو أن معادلة الشمال السوري تختلف -جملةً وتفصيلًا- عن الجنوب السوري؛ ما يجعل سيناريو تخلي تركيا عن الفصائل مستبعدًا، لحساب سيناريو استمرار العلاقة، لكن على نحوٍ يحاكي المصلحة القومية التركية. ويُرشح استمرار العلاقة بين تركيا وفصائل المعارضة السورية لعدة مُحددات؛ ربما أهمها:

  • حاجة تركيا إلى وكلاء داخليين سياسيين وإداريين واقتصاديين ومجتمعيين، يعملون على تأسيس مجالس إدارية تحظى بضمانة روسية، وينخرطون في معادلة تشارك السلطة التقاسمية، عبر مشروع “جمعية المناطق” الذي تقره مسودة الدستور الروسي المُقترحة أمام فصائل المعارضة وتركيا، على هامش محادثات أستانا، وهو يُحاكي البرلمان الفدرالي الذي يجمع عددًا من الممثلين عن المناطق الإدارية الجغرافية اللامركزية في بلدٍ واحد. فمن خلال فصائل المعارضة، يمكن لتركيا الضغط على روسيا لمنع عملية عسكرية تُنهي سيطرة تركيا ووكلائها، على مناطق نفوذها الحالية، وبالتالي تأسيس “حديقة خلفية”، تضم وكلاء يحمون مصالحها القومية القائمة على الحيلولة دون وصول الأكراد إلى المتوسط، والرامية إلى موازنة القوة الروسية والإيرانية في سورية، عبر الإبقاء على سيطرة جغرافية مباشرة أو غير مباشرة، والمتخوفة، ربما، من ميل موسكو إلى تأمين خط نفطٍ بين كردستان العراق والمتوسط، يُخرج تركيا من معادلة الضغط على الإقليم عبر تصدير نفطه للخارج. وهنا تنبع مصالح بينية بين تركيا وفصائل المعارضة التي تحتاج بدورها إلى ظهير دولي يُبقي على حياتها.
  • التخوف التركي من تغيّر أولويات موسكو وطهران على صعيد استراتيجي. حيث كان تحالفها معهما بهدف تقني جغرافي محدود، جاء نتيجة لضرورة إيجاد “حل توافقي”، بعد فشل التوصل إلى “الحل الصفري”. لذا فإن إبقاءها على دعم الفصائل المُصنفة على أنها معتدلة، في سبيل الإبقاء على “شوكة وظيفية”، يمكّنها من مواجهة أي تغيّر استراتيجي في الموقفين الروسي والإيراني.
  • تمتع تركيا بإرادة سياسية، تنبع من امتلاكها عونًا دبلوماسيًا دوليًا وعسكريًا ذاتيًا أكبر من القوى التي كانت على تنسيقٍ مع فصائل الجنوب.
  • المصلحة التركية في الإبقاء على دعم الفصائل في إدلب، لتجنب أزمة لاجئين عارمة، هي بغنى عنها. وتتفق دول الاتحاد الأوروبي التي قاست ويلات أزمة اللاجئين، مع تركيا، في هذا الصدد. وهذا ما يمكن أن يوفر دعمًا دوليًا لصيغة تركيا حول الحل، وهي ترمي، بحسب خبر صحيفة (يني عقد) التركية: “خطة تركيا تجاه سورية”، إلى منحها المزيد من الوقت، للضغط على (هيئة تحرير الشام) للقبول بحلّ ذاتها، بما يشمل تعاونًا دوليًا لإعادة الأجانب لبلادهم، مع إظهار بوادر إصرارها على عدم القبول بعملية عسكرية تسبب أزمة لاجئين.

في المحصلة؛ تجدر الإشارة إلى أن المعارضة السورية في الشمال السوري باتَت، بشكلٍ أو بآخر، لا سيما بعد عزوف عدد من الدول الداعمة عن دعمها بشكلٍ كبير، واستمرار تركيا فقط في دعمها، مرتبطةً على نحوٍ عضويٍ وسياسيٍ بتركيا؛ ما يجعلها مضطرةً إلى تسيير علاقاتها معها، وفقًا لمحددات تنطلق من دوافع المصلحة القومية خاصتها.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق