بعد التطورات الأخيرة في سورية، لجهة استمرار “إسرائيل” في قصف أهداف إيرانية وأخرى تابعة لـ (حزب الله) والنظام السوري داخل سورية، وما جرى من ملابسات بين موسكو و”إسرائيل”، بعد سقوط الطائرة الروسية، أثناء أو بعد الضربة الإسرائيلية على مواقع سورية/ إيرانية في الساحل السوري؛ ترددت في الأذهات أسئلة: هل تخلت “إسرائيل” عن دعم الأسد ونظامه؟ وهل بات بقاؤه أو عدم بقائه سيّان بالنسبة إليها؟ وهل الأمر يتعلق فقط بإيران وتواجدها في الأراضي السورية وضرورة إخراجها بأي ثمن؟
حول هذه الإشكالات، قال الباحث السوري خالد صالح لـ (جيرون): “إسرائيل دولة لا تؤبد أحدًا، وباستمرار تعمل على تأبيد من يخدمها، وفق منطق مصالحها: هل ما زال يخدم! المشكلة، هنا ليست رغبوية، حيث الساحة السورية وقد صارت خارج الخدمة بالمطلق، ثمة حسابات أخرى، ما جرى في اللاذقية، وقبلها الاتفاق (التركي – الروسي) حول ادلب، وما أعلنته طهران حول اتفاقية تعيد من خلالها إعادة هيكلة جيش النظام.. كل ذلك يؤكد، على الرغم مما قدمته إسرائيل للروس من خدمة لإعادة تسويق النظام أميركيًا وأوروبيًا وعربيًا، أنّ مناخ المنطقة مستقر مع إسرائيل، وهي تعمل على حماية جبهة (الصمود والممانعة)”.
من جهة ثانية، قال الباحث والمعارض السوري سمير نشار: “ليس فقط إسرائيل، وإنما كل الدول، لم يعد يعني لها بشار الأسد شيئًا، لكن الروس والإيرانيين يحافظون على بقائه من حيث الشكل؛ لأنه يعطيهم الشرعية القانونية لتواجدهم في سورية، في المقابل تركيا وقواتها متواجدة في سورية من دون طلب من بشار الأسد، لكن بتوافق مع الروس والإيرانيين، نتيجة صفقات متبادلة بينهم في بعض المواقع في سورية، أيضًا قوات التحالف، وفِي مقدمها الولايات المتحدة، متواجدة بقواتها على الأراضي السورية في منطقة الجزيرة والتنف، من دون التفات إلى موقف بشار الأسد ونظامه”.
وأضاف، في حديث إلى (جيرون): “الجميع أصبح يعرف أن أولويات إسرائيل وأميركا هي إخراج إيران من سورية أولًا، ولاحقًا من مناطق أخرى في المنطقة، وبالطبع إن هدف القضاء على (داعش) و(النصرة) والمنظمات الإرهابية هو هدف مشترك للجميع، ولكلّ ذلك الساحة السورية ستبقى ملتهبة، وربما سوف تتصاعد وتيرة اللهب في المرحلة القادمة، لأن إيران لن تنسحب من سورية بسهولة، فضلًا عن تضارب المصالح بين الدول الأخرى في المنطقة، وسورية هي بوابة المنطقة”.
أما العميد السوري المنشق أسعد الزعبي فقد رأى أن الأسد كشخص “لا يعني شيئًا لإسرائيل”؛ لأن كل من يستلم الحكم في سورية -برأيه- “يجب أن يفعل ما فعله حافظ وبشار لإسرائيل، لذلك الاسم غير مهم، المهم النتيجة، وأميركا وروسيا قادرتان على تحقيق هذا، لكن أيضًا إسرائيل يجب أن تساير الرغبة الأميركية والأممية في قضية بشار”.
وأكد الزعبي أن “الأوان قد آن للتخلص من الأسد، وليس تغيير النظام الموافق للفكر الصهيوني، لذلك تستفيد إسرائيل من تقربها من العالم، خاصة أميركا وأوروبا، وتقربها من بعض العرب، وتقربها من الحكم القادم في دمشق. وهي لم تخسر أي شيء، بل ربحت الكثير، وأصبح بشار عقيمًا في العطاء”. وأضاف: “قضية الطائرة الروسية مقصودة، خاصة من قبل إيران الباحثة عن أزمة جديدة في سورية، تطيل زمن النظام، أي زمن وجودها، وخاصة الأزمة بين روسيا وإسرائيل، فهي أفضل الأزمات، وتبحث عن جسم جديد في الساحل ضد روسيا، وقد استغلت الوضع وقصفت حميميم، وادّعت بأن الفاعل الثوار، حتى الطائرات المسيرة تابعه لها، والخلاف الإيراني الإسرائيلي ليس خلافًا جغرافيًا في المساحة في سورية، إنما خلاف مبدأ بينهما، لأن كلًا منهما له نفس المهمة في تمزيق المنطقة، ولا تريد إسرائيل أن تفوز إيران بالمركز الأول، لذلك يريدون عرقلة تقدم إيران، ليبقى المركز الأول من نصيب إسرائيل”.
بينما وصفت الناشطة السورية أمل رشيد الأسدَ، بـ “الحارس لحدود لإسرائيل”، وقالت إن “إسرائيل استخدمت الأسدَ لتدمير البلاد والعباد، وهي الآن تكمل ما لم يُتممه، في تدمير البنية التحتية المدروسة من قبلها”، وأضافت: “لا شك أن إسرائيل لن تجد أفضل من الأسد خادمًا لها وراعيًا لمصالحها، إلا أنه فَقَد الثقة، ولم يعد يملك أي قرار، أما إيران الحليف الرئيس لإسرائيل، فليست مأمونة الجانب، فكلاهما يحلم بتمدد إمبراطوريته”.
إلى ذلك، قال قاسم الخطيب، عضو هيئة المفاوضات: “في البداية، نؤكد أننا نرفض أي صراع قوى إقليمية أو دولية على الأراضي السورية، ونشدد على أهمية سيادة واستقلال سورية، ومنع أي تدخلات خارجية، وعدم السماح بتصفية حسابات إسرائيلية/ إيرانية على أراضينا، وندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه ما يجري في سورية، وندعو إلى خروج كافة العناصر الأجنبية التي تحارب في سورية. أما عن الاتفاق التركي – الروسي، فنحن، المعارضة سورية، داعمون لهذا الاتفاق بشكل كامل، شريطة أن تلتزم أنقرة وموسكو بهذا الاتفاق، وألا يكون الاتفاق كسابقيه (حبر وورق)، فقد تفاهمت روسيا وتركيا على اتفاقات للهدنة في عدد من المدن السورية، إلا أن النظام السوري لم يلتزم بالاتفاقات الموقعة، وخرقها عشرات المرات”.
وأكد الخطيب، في حديث إلى (جيرون)، أن ما يجري على الأراضي السورية “هو تصفية حسابات، بين قوى عظمى، وخاصة بين روسيا وأميركا، وهو صراع إقليمي بين الدول المعنية بالأوضاع في سورية، ونحن نحذر هذه الدول من التمادي في سلوكها العدواني الذي دمّر أجزاء كبيرة من سورية، حيث دفع أبناء شعبنا ثمن هذا الصراع دمًا، وسط تكالب عدد من الأطراف على ثورة سورية، لحرفها عن مسارها الصحيح”.
تعليق واحد