قال المدير المشارك لتداول النفط في ترافيغورا بين لوكوك، خلال مؤتمر صحفي، اليوم الاثنين: إن “أسعار النفط قد ترتفع إلى 90 دولارًا للبرميل بحلول عيد الميلاد، وإلى 100 دولار للبرميل، بحلول العام الجديد”. واستند لوكوك في توقعاته إلى طلب عالمي قوي على النفط، معتمدًا في تحليله على العوامل الاقتصادية الدافعة إلى ذلك، دون أن يشير إلى العامل الإيراني.
أما في اجتماع (أوبك بلس)، أمس، في الجزائر، فقد بحث أعضاء المنظمة، ومنتجون رئيسيون من خارج (أوبك)، شأنهم الخاص للمحافظة على أسعار النفط التي وصفوها بـ “المرضية” للمنتجين والمستهلكين، واستبعدوا ضمنًا فكرة زيادة إنتاج المنظمة، أو الإنتاج بشكل عام، بالاتفاق مع بقية المنتجين من خارج المنظمة.
أتى هذا، على الرغم من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المهددة لدول الخليج العربي خاصة، بضرورة رفع سقف إنتاجها، ورد الجميل للولايات المتحدة التي تحميها من إيران. وقد غرّد ترامب، حول هذا الموضوع بوضوح صارخ، إذ كتب: “نحن نحمي دول الشرق الأوسط، ومن دوننا لن يكونوا آمنين في الأمد الطويل، ومع ذلك هم يواصلون دفع أسعار النفط إلى الارتفاع! سنتذكر ذلك”.
سياسيًا، توقع محللون أن تخضع السعودية خاصة لإملاءات ترامب، وتلعب دورها التاريخي كـ (منتج متمم)، في الموازنة بين العرض والطلب، حتى لو خالفت قرارات المنظمة، ولم تلتزم بالحصة المقررة لها من إنتاج (أوبك).
لكن المحللين أنفسهم شككوا في امتلاك السعودية فائض إنتاج يمكن أن تستخدمه في إرضاء ترامب، ما قد يعني أن المنتِج الرئيس الآخر في سوق النفط، وهو روسيا، قد يعوض عن عجز السعودية في زيادة الإنتاج، وهذا ما قد لا تريده أميركا الرسمية، لكنه يرضيها إن كان يساهم في خفض أسعار النفط.
كل هذا يحدث، ولم نبلغ بعدُ الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، حين ستخنق أميركا صادرات النفط الإيراني، مستهدفة ألا تُصدر طهران برميل نفط واحد.
تعليقًا على هذا الموضوع، قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، أمس الأحد: إن الاقتصاد الإيراني يترنح، بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في وقت سابق من هذا العام، وتوقف الأوروبيون عن أي نشاطات تجارية هناك. وأضافت هيلي: “إذا نظرتم، فإنهم يتخلون عن الأعمال في إيران يمينًا ويسارًا. الاقتصاد الإيراني ينهار”.
تلك العوامل الاقتصادية المستندة إلى العرض والطلب في سوق النفط، التي تضاف إليها تغريدات ترامب السياسية الاقتصادية، وصولًا إلى موعد تجفيف صادرات النفط الإيراني، شجعت المحليين والمؤسسات المتخصصة على التفاؤل بزيادة كبيرة ومتسارعة في أسعار النفط، في مقابل تشاؤم ترامب والمستهلكين حتى من سعر يلامس مستوى 80 دولارًا للبرميل لنفط برنت المرجعي في الوقت الحالي.
أما وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، فقال، أمس الأحد: إن “الأسعار الحالية للنفط مرضية للجميع”، مشددًا على “ضرورة ضمان توازن بين الطلب والعرض”.
ودعا الفالح، في كلمته بصفته رئيسًا للاجتماع العاشر للجنة المتابعة الوزارية المشتركة بين دول منظمة (أوبك) وشركائها، في الجزائر، إلى تزويد السوق بما يحتاج إليه، وتجنب أن تكون هناك انقطاعات لتفادي اهتزازات قد تؤثر على استقرار السوق.
وأضاف: “العمل الذي قمنا به، وسنقوم به، يساعد في استقرار السوق الذي يبقى في غاية الأهمية لاقتصادات العالم”، داعيًا إلى تعزيز الحوار الاستراتيجي بين المنتجين والمستهلكين، واستحداث آلية للتعاون بين دول (أوبك) وخارجها، لمواجهة تقلبات السوق والزيادة المفرطة في الإنتاج.
وكان هدف اجتماع أعضاء منظمة (أوبك بلس)، أمس، في الجزائر، مراجعة خطة مراقبة العوامل الأساسية للسوق، والتأكد من مستوى التزام الأعضاء بحصصهم حتى نهاية 2018، والإجراءات المتخذة للعام المقبل.
مجموعة (أوبك بلس) نشأت من تعاون جرى أواخر 2016، بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ودول رئيسية منتجة للنفط من خارج المنظمة، منها روسيا، وكازاخستان، والمكسيك، وأذربيجان، بهدف تحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق، خاصة بعد العقوبات المفروضة على فنزويلا وإيران.
المحللون الذين تابعوا مؤتمر أمس في الجزائر توقعوا أن يكون هذا مقدمة لاتخاذ قرار بزيادة الإنتاج، بعد سريان العقوبات الأميركية على إيران في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وبالفعل، انفض اجتماع الجزائر دون اتفاق على زيادة إضافية في الإمدادات، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية. وهو ما أكده وزير الطاقة السعودي خالد الفالح بالقول: “لا يوجد اتفاق بخصوص رفع إنتاج الخام حتى الآن”، مضيفًا “(أوبك) تحرص على الحفاظ على استقرار سوق النفط العالمية.. والسعودية لا تؤثر على الأسعار”.
مستدركًا “أبقى واثقًا بأن البترول المعروض سيكون متوفرًا في السوق النفطية العالمية بشكل كاف، من خلال اتخاذ الإجراءات الملائمة على الأمد البعيد”، في تلميح قد يرضي ترامب والمستهلكين الآخرين الذين احتجوا على سياسة الإمدادات من (أوبك) التي رفعت أسعار النفط خلال عام، بنسبة تقترب من 40 في المئة.
من جانب آخر، قال الأمین العام لمنظمة (أوبك) النيجيري محمد سنوسي باركیندو: “إن المنظمة لیست كیانًا احتكاریًا، بل ھي أرضیة شاملة تعمل في حوار وشفافیة لصالح المنتجین والمستھلكین، من أجل استقرار أسعار النفط”. بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الكويتية.
يذكر أن دول منظمة (أوبك) وشركائها من المنتجين خارج المنظمة، وعلى رأسهم روسيا، اتفقوا في كانون الأول/ ديسمبر عام 2016 في مقر المنظمة في فيينا، على خفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا، ابتداء من يناير/ كانون الثاني 2017. وتم تمديد اتفاق فيينا الذي ساهم بدور كبير في تحسين مستويات الأسعار إلى أكثر من 70 دولارًا للبرميل، في حزيران/ يونيو الماضي حتى نهاية العام الجاري.