قضايا المجتمع

(رابطة مصابي الحرب): منبر للمطالبة بحقوق المعاقين في الداخل

خلّفت الحرب التي شنها نظام الأسد على الشعب السوري آلافَ المعاقين ومصابي الحرب، معظمهم يعانون التهميشَ من قِبل المجتمع والمنظمات الإغاثية، ويواجهون مصيرهم وحدهم في ظروف بالغة القسوة، ليفاقم الإهمال سوء حالهم، من دون أن يجدوا من يأخذ بيدهم ويهتم بأمرهم ويستمع لمطالبهم.

على ذلك، قامت مجموعة من المصابين في الشمال السوري بتأسيس (رابطة مصابي الحرب)، وقد أُعلن عنها بعد حملة (إصابتي ليست عجزًا) التي أطلقتها منظمة (بلسم)، مطلع حزيران/ يونيو الماضي، في الريف الغربي لمدينة حلب؛ بهدف دعم وتأهيل مصابي الحرب وإعادة دمجهم في المجتمع.

مصطفى عبد الغني، مدير الحملة، تحدث إلى (جيرون) عن دوافع تأسيس الرابطة بقوله: “تهدف الرابطة إلى مساعدة المعاقين في المطالبة بحقوقهم، وتجاوز إصابتهم، وإثبات أنهم قادرون على أن يكونوا فاعلين في المجتمع، والعمل على توحيد مطالبهم وتمثيلهم بشكل رسمي ومنظم، لمخاطبة كافة الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، ببيانات موحدة عنهم”.

بيّن عبد الغني أن “المؤتمر التأسيسي الأول للرابطة تمّ عقده، بتاريخ 28 حزيران/ يونيو 2018، في مدينة (ترمانين) بريف إدلب الشمالي، وتم خلاله انتخاب رئيس الرابطة والمجلس التنفيذي المؤلف من ثلاثة أعضاء، كما تم تأسيس روابط أخرى في منطقتي (الدانا) و(سرمدا)، ليتم دمجها لاحقًا في رابطة واحدة، وتم فتح باب الانتساب لكل المصابين الراغبين في الانضمام”.

عن أنشطة الرابطة، أضاف مدير الحملة: “نعقد اجتماعات دورية لمناقشة قضايا المصابين وهمومهم، والصعوبات التي تواجههم، إضافة إلى تقديم خدمات الدعم النفسي، من خلال تنظيم جلسات توعية من قبل مختصين في الدعم النفسي، لحثهم على العودة إلى حياتهم الطبيعية، والتركيز حول أهمية المجتمع، ودوره في تقبّل مصابي الحرب، وعدم التصرف معهم كمعاقين مبعَدين عن الأنشطة الاجتماعية”.

وتابع: “تقدّم الرابطة خدمات إغاثية وطبية، بالتعاون والتنسيق مع منظمة (بلسم) ومنظمات أخرى، وبلغ عدد المصابين المسجلين ما بين 225- 250 مصابًا، ونسعى لتسجيل جميع مصابي الحرب، في قرى ترمانين وسرمدا والدانا، سواء أكانوا نازحين أم مقيمين، ونأمل أن تشمل الرابطة جميع المناطق المحررة لاحقًا”.

أشار عبد الغني إلى الصعوبات التي تواجه عمل الرابطة، بسبب عدم التعاون والدعم من قبل المجالس المحلية والفعاليات المدنية ببعض المناطق، إضافة إلى أنهم واجهوا في البداية ضعف الاستجابة من المصابين، لفقدانهم الثقة بالمنظمات العاملة في المجال الإنساني، ولكن بعد إصرار الفريق والقيام بالزيارات الودية للمصابين؛ لاقى المشروع استحسانًا من المصابين وعائلاتهم، وقبولًا واسعًا من الأهالي الذين ساهموا في تشجيع المصابين.

 فاطمة غزال، مديرة حملة (إصابتي ليست عجزًا) في تركيا، تقول لـ (جيرون): “سنوات الحرب كانت كفيلة بترك آثارها الجسدية والنفسية على الجرحى والمصابين الذين يحتاجون منا إلى الكثير، لذلك عملنا في منظمة (بلسم) على تركيب الأطراف الصناعية والعلاج الفيزيائي لمن يحتاج إليها، ونتيجة تعاملنا المباشر معهم، جاءت فكرة تأسيس الرابطة، ونأمل أن تتوسع هذه الخطوة، لتشمل كافة المناطق المحررة، ونتمكن من تقديم إحصائية دقيقة لأعداد المصابين وحالات إصابتهم وتنظيم أمورهم”.

 حسام، من الغوطة الشرقية، نزح مع أسرته إلى مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، وهو أحد ضحايا الحرب السورية، حيث تعرض لإصابة بشظية صاروخ في عموده الفقري أدت إلى شلل قدميه، وبعد رحلة علاج طويلة، استقرت به الحال على كرسي متحرك. وعن سبب انضمامه إلى (رابطة مصابي الحرب) يقول: “تحولت فجأة، من شخص صحيح البدن إلى آخر لا تتجاوز تفاصيل حياته حدود غرفته، فوجدت صعوبة كبيرة في التأقلم مع إعاقتي وعجزي، ولكن انضمامي إلى (رابطة مصابي الحرب)، زرع الثقة في نفسي من جديد، وبدأت حياتي تتغير، وأدركت أنني لست الوحيد في هذه المعاناة، بل هناك من يعيشون إعاقات أصعب وأقسى من حالتي، وأن هناك من يهتم بأمرنا ويستمع لشكوانا وهمومنا”.

الشاب بلال العواد، من مدينة ترمانين، أصيب في الحرب، ولجأ إلى العلاج الفيزيائي حتى استقر وضع إصابته، ولكن المعالجة النفسية كان لها وقع آخر في نفسه، بسبب المفاهيم الاجتماعية الخاطئة والتردد والخجل من تناول هذه المواضيع.

وعن ذلك، تحدث إلى (جيرون): “أصبتُ بشظية في قدمي أدت إلى بترها، فلجأت إلى تركيا للمعالجة، وحظيت بتركيب طرف صناعي، وبعد عودتي أصبتُ بحالة نفسية صعبة، نتيجة الوحدة والعزلة والتزام المنزل، ولكن بعد انضمامي إلى رابطة المصابين، أيقنت أنه لا حياة مع اليأس، ويجب ألا أسمح لإعاقتي بالوقوف في وجه إصراري وممارسة حياتي بشكل طبيعي”.

الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية قدّرت عدد مصابي الحرب في سورية بـ 1.5 مليون، منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 حتى الآن، 86 ألف منهم من مبتوري الأطراف، ثلثهم من الأطفال.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق