قبل أن يبلغ سعر برميل النفط مئة دولار، كما هو متوقع، خلال الشهر المقبل، يرى مراقبون أن حدة انتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ستتصاعد وصولًا إلى حد تقديم مشروع لمجلس الشيوخ الأميركي، يسمح بمقاضاة دول (أوبك) مجتمعة ومنفردة.
وستستمع لجنة فرعية في الكونغرس الأميركي لشهادةٍ بشأن ما يُطلق عليه (قانون منع التكتلات الاحتكارية)، أو (نوبك NOpec) لإنتاج وتصدير النفط، وهو قانون إنْ صدر فسيلغي الحصانة السيادية التي حمت طويلًا أعضاءَ (أوبك)، من أن تتخذ الولايات المتحدة إجراء قضائيًا بحقهم.
وسيسمح تغيير قانون مكافحة الاحتكار الأميركي بمقاضاة منتجي (أوبك) لتقييدهم إنتاج النفط، أو الغاز، أو تحديد أسعارهما، باعتبار أن ذلك مخالف للقانون؛ ما يعني رفع الحصانة السيادية عن المنظمة، هذه الحصانة التي تحترمها المحاكم الأميركية بموجب القانون الحالي.
القانون ليس جديدًا، لكن رؤساء أميركيين سابقين عارضوا إصداره وعطلوا مناقشته، غير أن احتمال صدوره في عهد ترامب يبدو قويًا، على غرار قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو فرض عقوبات تجارية على شركاء أميركا، من المكسيك وكندا، إلى الاتحاد الأوروبي وتركيا.
في هذا السياق، يقول كبير محللي سياسات الطاقة لدى (هيدجآي بوتوماك للأبحاث) جو ماكمونيجل: إن “(أوبك) مصدر إزعاج بالنسبة إلى ترامب.. الجميع يعتقدون أنه قد يدعم (نوبك) ببساطة”.
وقالت مصادر أميركية إن السعودية تمارس ضغوطًا على الحكومة الأميركية، لمنع إقرار القانون. كما تعارض القانون مجموعاتُ أعمال وشركات نفط أميركية وعالمية، بسبب احتمال قيام الدول الأخرى باتخاذ إجراءات مضادة لهذا القانون الأميركي.
وقالت المصادر إن السعودية قلقة من أن (نوبك) قد يحاكي قانون العدالة بحق رعاة الإرهاب (جاستا) الذي يسمح لضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر في الولايات المتحدة، بمقاضاة الرياض. ويُنظر إلى (جاستا) على أنه عامل رئيس في تردد شركة (أرامكو) السعودية التي تديرها الدولة في إدراج أسهمها في الأسواق الأميركية، في طرح عام أولي تقرر تأجيله.
ومع استثمارات للسعودية بنحو تريليون دولار في الولايات المتحدة، فإن الرياض لديها الكثير لتخسره، إذا أصبح (نوبك) ساريًا.
وعاد الحديث عن قانون (نوبك)، بعدما ارتفعت أسعار النفط 82 بالمئة، بعد قرار المنظمة بخفض الإنتاج في نهاية 2016، لتبلغ، أمس الاثنين، 84 دولارًا للبرميل، ليرفع مشرعو الكونغرس أصواتهم على اعتبار أن هذه الأسعار تضر بمصلحة الدول المستهلكة للنفط.
وقال ماكمونيجل إن جلسة الاستماع التي تعقدها، غدًا الأربعاء، اللجنة الفرعية المعنية بسياسة مكافحة الاحتكار وحماية المنافسة وحقوق المستهلك قد تسلط الضوء على موقف السلطة التنفيذية. ومن بين الذين سيمثلون أمام اللجنة مساعد المدعي العام لقطاع مكافحة الاحتكار في وزارة العدل ماكن ديلرحيم، الذي كتب دعمًا للتشريع.
يُذكر أن غرفتي الكونجرس وافقتا على نسخة من (نوبك) في 2007، لكنه جُمّد، بعد أن قال الرئيس الأسبق جورج بوش إنه سيمارس حق النقض على التشريع. وفرص إقرار القانون هذا العام محدودة، إذ من المقرر أن يعقد مجلس النواب الأميركي جلساته لمدة 16 يومًا فقط في الفترة المتبقية من العام الجاري، مما يترك قليلًا من الوقت لأي أمرٍ، باستثناء التشريعات الضرورية، مثل الإبقاء على تمويل الحكومة.