الجبهة الأكبر ضد إيران في المنطقة والعالم تتصدرها اقتصاديًا وسياسيًا الولايات المتحدة، وعسكريًا “إسرائيل”. فإيران متهمة بمحاولة زعزعة استقرار الشرق الأوسط، بتدخلها في سورية ودعمها النظام الأسدي، من خلال دعم التنظيمات الإرهابية، وتطوير أسلحة باليستية، والسعي لتطوير أسلحة نووية.
لكن دولًا أوروبية تقف موقفًا وسطًا بين إيران والولايات المتحدة، ومنها ألمانيا التي كانت أحد الأطراف المشاركة في محاولة “إنقاذ” الاتفاق النووي، في محاولة للحفاظ على مصالحها التجارية مع إيران، دون أن يتسبب ذلك في أزمة بينها وبين أميركا.
ففي 2015، شكلت ألمانيا، إلى جانب المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وإيران، والصين، وفرنسا، وروسيا، اتفاقية كان من شأنها تقييد تخصيب إيران لمواد نووية، مقابل رفع العقوبات التي دمرت اقتصادها لسنوات.
وردًا على انسحاب الولايات المتحدة، اقترح وزير الخارجية الألماني هيكو ماس أن يشكل الاتحاد الأوروبي قناة جديدة لـ “الدفع” من أجل الاستمرار في توفير الفرص التجارية، ولمواصلة العمل في إيران، على الرغم من تهديدات أميركا بـ “الانتقام”.
وفي حين كانت ميركل مترددة بشأن هذه الفكرة، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيقوم بإنشاء هذه القناة التي لن تستخدم الدولار الأميركي، أو المؤسسات الأميركية؛ ما أثار موجة من الغضب في الولايات المتحدة و”إسرائيل”، اللتين اتهمتا أوروبا بـ “تهدئة إيران”.
بالتزامن مع هذه المواقف السياسية ذات الطبيعة الاستراتيجية، التي ستتعدى مفاعيلها منطقة الشرق الأوسط، وأوروبا، والأميركيتين، تحسس الاقتصاد العالمي كل كلمة، وكل تصريح، بل كل تغريدة من ترامب على (تويتر)، فاندفعت محركات الاقتصاد العالمي صعودًا متوازنًا تمثّلَ في أسعار النفط والغاز، بينما “تلاعب” الدولار بقيمة العملات العالمية، وعملات الاقتصادات الناشئة.
أول أمس الجمعة، ارتفعت أسعار النفط، وسط توقعات من التجار بشح المعروض، بفعل العقوبات الأميركية على صادرات الخام الإيرانية التي من المنتظر أن تبدأ في الأسبوع الأول من الشهر المقبل، فسجل خام مزيج برنت 85.05 دولارًا للبرميل في العقود الآجلة، لشهر كانون الأول/ ديسمبر. كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي الوسيط (نايمكس) 55 سنتًا، إلى 74.88 دولارًا للبرميل.
كل ذلك، قبل حوالي شهر من نفاذ العقوبات النفطية الأميركية على إيران، اعتبارًا من الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر، التي ستطال حكومات وشركات في أنحاء العام؛ إذا اشترت برميل نفط إيراني واحد.
أما الدولار فاستأنف صعوده بعد تراجع منذ أسابيع مقابل سلة عملات عالمية، وبلغ، الجمعة، أعلى مستوى له في 6 أسابيع، قبل بيانات الوظائف الأميركية الشهرية، واستمر في الصعود، على الرغم من أن أكبر اقتصاد في العالم أضاف 134 ألف فرصة عمل فقط، أي أقل بكثير من التوقعات (185 ألف فرصة في أيلول/ سبتمبر).
قوة الدولار هذه تأتي من كون الاقتصاد الأميركي يواصل النمو بقوة، على عكس تذبذب بيانات اقتصادات أخرى كبيرة، بينها منطقة اليورو، والاقتصاد الصيني، والياباني، والكندي. وهذا، على الرغم من إشارات على ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، تدعمها اتجاهات شركات إلى زيادة الحد الأدنى للأجور، وما تدعمه أيضًا بيانات الوظائف في القطاعات غير الزراعية، لشهر أيلول/ سبتمبر.
وانخفض الدولار الأسترالي، وهو الأكثر جذبًا للمستثمرين والمضاربين في العملات، إلى 0.7054 دولارًا أميركيًا، كأدنى مستوى له في 32 شهرًا. بينما سجل اليورو سعر 1.1497 دولارًا. أما الجنيه الاسترليني فسجَّل أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر مقابل اليورو، الجمعة. وبلغ الاسترليني 88.14 سنتًا مقابل الدولار الواحد، كأعلى سعر له منذ 9 تموز/ يوليو.
ومن بين عملات الاقتصادات الناشئة، صمدت أسعار صرف الليرة التركية، ضمن نطاق تداول قريب دون أحسن سعر بلغته الليرة في شهرين، وتم تداولها، الجمعة، في حدود 6.15 – 6.20 مقابل الدولار، وأقفلت الجلسة منتصف ليل الجمعة – السبت عند 6.12.