تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

مركز (حرمون) يصدر بحثًا عن الاتجاهات السياسية للشباب الأكراد السوريين

أصدرت وحدة الأبحاث الاجتماعية في (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) دراسة، بعنوان (الاتجاهات السياسية لدى الشباب السوري الكردي) وهي دراسة ميدانية في مدينتي ماردين والقامشلي، لاستطلاع آراء الشباب الأكراد ومواقفهم تجاه المشهد السياسي السوري عامة والكردي خاصة.

الدراسة التي أعدها الباحثان: حسام السعد وسلطان الجلبي، تحاول استكشاف بيئة الاتجاهات السياسية لدى الشباب الكرد السوريين، والتعرف إلى أبرز مواقفهم تجاه مختلف مكونات المشهد السياسي القائم اليوم في سورية، والمشهد الكردي الداخلي.

يقول الباحثان في تقديمهما إشكالية الدراسة إنها “تأتي ضمن سياق اجتماعي وسياسي معقد وغير مستقر في سورية، يتجلى في استمرار الصراع على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في آن واحد، من دون وجود أفق لحل يحقق الحد الأدنى من تطلعات السوريين نحو دولة ديمقراطية”.

تطرح الدراسة تساؤلات إشكالية عدة: كيف ينظر الشباب الكردي إلى مجمل ما يحدث في سورية، في مختلف مناطقها؟ وكيف يقيّم الشباب الوضعَ السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي وصل اليه أكراد سورية اليوم؟ وما علاقة الشباب الكردي بمختلف عناصر ولاعبي المشهد السياسي في سورية؟ إضافة إلى عدة أسئلة أخرى تتعلق بالانتماء والهوية والمستقبل السوري.

تمت الإجابة على هذه التساؤلات، من خلال دراسة ميدانية أجريت على عيّنة من الشباب الكرد السوريين، في مدينتي القامشلي السورية وماردين التركية، معتمدة أسلوب العينة العشوائية المنتظمة في سحب عينتها من مجتمع الدراسة الأصلي، وضمت العينة 250 شابة وشابًا من كرد سورية، توزعوا على عينتين فرعيتين: الأولى في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرق سورية، والثانية في مناطق تواجد أكراد سورية في تركيا، حيث لجأ العدد الأكبر من الكرد السوريين.

قال الباحث سلطان جلبي، في حديث إلى (جيرون): “البحث هو أول محاولة للتقصي الميداني، حول قضية سورية إشكالية هي القضية الكردية، ومن المعروف أن موضوع الحقوق الكردية شكّل أزمة سياسية مستمرة، منذ تأسيس الدولة السورية، وبعد الثورة السورية، تعقّدت العلاقة بين الكرد والعرب أكثر، مع التدخلات الدولية والإقليمية، وحصل صدع كبير بين الطرفين، بسبب غياب فهم كل طرف للآخر بطريقة موضوعية”.

أضاف جلبي: “حاولنا خلال البحث أن نقدم رؤية موضوعية للتوجهات السياسية بين الشباب الكردي، تجاه مختلف القضايا السياسية والأطراف المحلية والخارجية المتدخلة في الصراع السوري، ويمكن اعتبار هذه الرؤية خطوة أولى في طريق طويل نحو تغلب الرؤى الموضوعية بين شركاء الوطن، على الصور النمطية والأحكام المسبقة لكل عن الآخر”.

عن عمل البحث ميدانيًا قال الجلبي: “استند البحث إلى فريق عمل ميداني، وإلى عيّنة من الشباب توزعت بين سورية وتركيا، وكان جزء من النتائج متوقعًا مثل موضوع الانكفاء عن الاهتمام بالشأن العام بين الشباب، لكن بالمقابل كانت هناك عناصر لافتة للنظر، متل التفاوت الكبير بين المواقف والاتجاهات بين الشباب داخل سورية وتركيا”.

أبرز المسائل الي تمّت معالجتها -بحسب الجلبي- هي “كيف يرى الشباب الكردي ما يحدث في سورية؟ وما موقفهم منه؟ ومن هم الحلفاء ومن هم الأعداء، من منظور الشباب الكرد؟ كما تمّت محاولة قياس درجة اهتمام الشباب الكردي بالشأن العام، بشقيه السياسي والمدني، وأخيرًا هناك مسألة الهوية والانتماء عند الشباب.. وكيف يرون المستقبل”.

عن هدف الدراسة، قال الباحثان في سياق الدراسة: “تهدف الدراسة من الناحية المعرفية إلى تقديم إجابات موضوعية عن التساؤلات المطروحة في الإشكالية، حول ما يدور في العقل الشبابي الكردي والعوامل التي تحكمه والاتجاهات التي يسير فيها، أما تطبيقيًا فتهدف إلى الكشف عن إمكانية أن تؤدي نتائج الدراسة إلى زيادة فرص التقارب بين السوريين العرب والأكراد”.

جاءت نتائج الدراسة ضمن أربعة عناوين رئيسية: “أولًا، العلاقة مع الشأن العام والفاعلية السياسية والمدنية للشباب الكرد. ثانيًا، الموقف من الصراع في سورية وأطرافه. ثالثًا، الهوية والانتماء لدى الشباب الكرد السوريين. رابعًا، التطلع نحو المستقبل”.

في فصل الدراسة الذي يناقش (علاقة الشباب بالشأن العام)، وصلت الدراسة إلى أن “غالبية الشباب غير مرتبطين بتنظيم سياسي، وأن نسبة الناشطين مدنيًا في تركيا أعلى منها في سورية، كما أن الشباب الذين يتابعون الأخبار بشكل يومي هم الأكثر اهتمامًا بالشأن العام”.

حول تقييم المناخ السياسي والحريات، وصلت الدراسة إلى أن “64 بالمئة من الشباب الذين تمّت مقابلتهم يرون أن المناخ السياسي في المنطقة الكردية سيئ أو سيئ جدًا، في تركيا وصلت النسبة إلى 70 بالمئة، أما في سورية فكانت 57 بالمئة بين الشباب. لكن النسبة بالمجمل تبقى مرتفعة، وهي تشكل أحد العوامل الطاردة للشباب من الساحة السياسية”.   

في الفصل الثاني، تم استعراض (الموقف من الصراع السوري)، وموقف الأكراد الشباب من مخلتف الأطراف المتدخلة، كالنظام والمعارضة والروس والولايات المتحدة ودول الجوار، حيث قالت النسبة الأكبر من الشباب (وهي 44 بالمئة): إن ما يحدث في سورية اليوم هو “حرب إقليمية ودولية”. بينما قال نحو 19 بالمئة إن ما يحدث هو “ثورة ضد الاستبداد”، وليس بعيدًا عن النسبة الأخيرة، كانت نسبة من قالوا إن الأحداث في سورية هي “مؤامرة لإسقاط الدولة السورية”: 18 بالمئة. وأخيرًا بلغت نسبة من وصفوا الأمر بأنه “حرب أهلية” 14 بالمئة من العيّنة الكلية.

في الفصل الثالث المتعلق بالهوية والانتماء، وصلت الدراسة إلى أن “معطيات رتب الانتماءات تلحظ الميل الأكبر لدى الشباب للانتماء إلى بيئاتهم المحلية العائلية والعشائرية والمناطقية وغيرها، بالدرجة الأولى، وبدرجة ثانية نلاحظ تفاوتًا في بيانات العيّنتين الفرعيتين بين الانتماء القومي إلى عيّنة سورية والانتماء الديني إلى عيّنة تركيا، بينما يأتي الانتماء الوطني في الدرجة الثالثة، بنسب متقاربة للعيّنتين الفرعيتين، وفي المستوى الأخير، تأتي نسبة المنتمين إلى اتجاهاتهم السياسية والفكرية”.

في الفصل الأخير، المتعلق برؤية مستقبل سورية، ترى النسبة الأكبر من الشباب الكرد أن “ما هو مفيد لسورية مفيد لأكرادها، بالمعنى الواسع للعبارة، وهم بذلك يربطون المصالح القومية للكرد بمصالحهم الوطنية في سورية، وقد بلغت نسبة هؤلاء في العيّنة الكلية 52 بالمئة، وارتفعت في عيّنة تركيا الفرعية إلى 61 بالمئة، فيما انخفضت إلى حوالي 45 بالمئة في عيّنة سورية”.

تخلص الدراسة البحثية في خاتمتها إلى أن “رهاب السياسة ما زال حاضرًا بقوة، بين الشباب الكرد السوريين، عند الخوض في حديث السياسة والشأن العام، وفي إطار ذلك تمت ملاحظة أن لمكان الإقامة أثرًا حاسمًا في بعض الآراء السياسية، ما بين العيّنة الفرعية في سورية والأخرى في تركيا، كما كانت الحال عند الحديث عن مسألة الانتماءات وأولوياتها، حيث طغى الانتماء الديني على اختيارات الشباب في تركيا، في مقابل الانتماء القومي لدى أقرانهم في سورية”.

يُذكر أن وحدة البحوث الاجتماعية هي إحدى وحدات مركز (حرمون للدرسات المعاصرة)، وهي تنتج مواد بحثية تستند إلى جهدٍ بحثيّ متوافق مع أصول العمل البحثي العلمي، وقد أصدرت خلال المدة الماضية عدة دراسات اجتماعية، تتعلق بقضايا اللاجئين السوريين في تركيا وداخل سورية.

 لمزيد من التفاصيل، يرجى قراءة البحث من الرابط التالي: الاتجاهات السياسية لدى الشباب الأكراد.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق