أعلنت (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية)، مقرها لندن، أنها رصدت مقتل واعتقال العشرات من الإعلاميين الفلسطينيين على خلفية المشاركة في نقل الحقيقة في المخيّمات والتجمعات الفلسطينية.
وحول ضحايا الإعلاميين الفلسطينيين في سورية، أكّدت المجموعة الحقوقية في تقرير لها، نشر بمناسبة (اليوم العالمي لمكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين)، الذي يصادف الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر من كلّ عام، أنها استطاعت توثيق أسماء ثمانية عشر ضحية من ذوي الاختصاصات المختلفة من أكاديميين أو متطوعين جمعوا بين أكثر من عمل أحيانًا (تنموي، إغاثي، إعلامي)، قضوا في مناطق متعددة من الأراضي السورية في أثناء تغطيتهم الإعلامية للأحداث. لافتةً إلى أنّ الحقائق على الأرض تدل على أنّ العدد أكبر بكثير “نظرًا إلى الملابسات التي تكتنف عملية الاعتقال أو الإعلان عن الوفاة أو صعوبة الوصول إلى السجلات الرسمية، إضافة إلى ما يترتب على ذلك من مسؤوليات تقع على أهالي الضحايا”. وفقًا لما جاء في التقرير.
خمسة إعلاميين قضوا تحت التعذيب
(مجموعة العمل)، الناشطة في سورية سريًا، من خلال شبكة من المراسلين الصحفيين والناشطين الحقوقيين في الميدان، قالت في تقريرها الذي اطلعت عليه (جيرون)، إنّ تسعة من الإعلاميين ارتقوا بسبب القصف، وخمسة قضوا تحت التعذيب، و4 آخرين برصاص القناصة والاشتباكات، وهم: المصور فادي أبو عجاج، والمصور جمال خليفة، والناشط الإعلامي والإغاثي أحمد السهلي، والناشط الإعلامي والمصور بسام حميدي، والمصور أحمد طه، والناشط الإعلامي والمصور بلال سعيد، حيث قضوا بأعمال قصف استهدفت مخيّم اليرموك.
والمصور جهاد شهابي، الذي قضى بقصف على بلدة (حجيرة) جنوب دمشق، والناشط الإعلامي يامن ظاهر، وقضى نتيجة القصف على مخيّم خان الشيح، والمراسل الصحفي طارق زياد خضر، الذي قضى في مخيّم درعا جنوب سورية.
وأشارت (مجموعة العمل) إلى قضاء خمسة ناشطين إعلاميين تحت التعذيب في سجون النظام السوري، وهم: المصور الفوتوغرافي نيراز سعيد، وخالد بكراوي، والمخرج حسان حسان، والناشط علاء الناجي، وهم من أبناء مخيّم اليرموك، والصحفي بلال أحمد، من بلدة معضمية الشام.
أما ضحايا الاشتباكات والطلق الناري، فهم: الإعلامي والمصور إياس فرحات (أول شهيد على أرض مخيّم اليرموك)، الذي قضى أثناء تغطيته بالكاميرا التي كان يحملها لتظاهرة خرجت في المخيّم تنديدًا بجريمة قتل 14 مجندًا من مرتبات “جيش التحرير الفلسطيني” قضوا غيلة في شمال سورية.
والناشط الإعلامي ومدير (مركز الشجرة لتوثيق الذاكرة الفلسطينية) التاشر والكاتب غسان الشهابي، الذي اغتيل برصاص قناصة النظام، وهو يقود سيارته برفقة عائلته في شارع مخيّم اليرموك الرئيسي، والناشطان الإعلاميان أحمد كوسا ومنير الخطيب، اللذين قضيا برصاص قناصة النظام في اليرموك.
وكانت (مجموعة العمل) قد ذكرت بمناسبة (اليوم العالمي لحرية الصحافة) في 5 أيار/ مايو الماضي، أنّ “الإعلام الفلسطيني” داخل المخيمات، في ظلّ الثورة السورية، لم يكن حصيلة خبرات أكاديمية أو تخصصية بالمطلق، إنما كان نتيجة الحاجة العامة التي فرضها غياب الكوادر الإعلامية الأصلية، بسبب النزوح واللجوء أو الحيادية أو الارتباط بالنظام الذي عمل مبكرًا على حصر هذا النوع من “التخصص الجامعي” بفئة معينة من فئات الشعب السوري، حتى تسعينيات القرن الماضي، وفرض رقابة ومتابعة على الإعلاميين في محاولة منها إلى إخفاء الحقيقة وتقديم روايتها لما يجري من داخل سورية.
غياب ردّات الفعل الفلسطينية الرسمية
(مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية) بيّنت في التقرير، أنّ العديد من الناشطين الإعلاميين والصحفيين والكتّاب ما زالوا رهن الاعتقال في سجون النظام الأسدي، من دون معرفة مصيرهم. وذكرت منهم: الكاتب علي الشهابي، والصحفيان مهند عمر، ورامي حجو، والأخير مصور قناة (القدس) الفضائية.
وكذلك الناشطان الإعلاميان علي مصلح وأحمد جليل، وهما من أبناء مخيّم خان الشيح.
فيما أشار تقرير (المجموعة) إلى أنّ حالات استهداف وقتل الإعلاميين الفلسطينيين لم تشهد تفاعلًا رسميًا فلسطينيًا أو مطالبات جادة بتقديم الفاعلين إلى العدالة، بتهم القتل والتعذيب لهؤلاء المدنيين الذين حملوا الكاميرا أو الهاتف النقال سلاحًا ماضيًا لتجسيد الواقع على الأرض، كما هو دون زيادة أو نقصان. وذلك في إشارة إلى “منظمة التحرير” والفصائل القلسطينية وسلطتي الأمر الواقع في رام الله وغزّة.
وكانت (مجموعة العمل) قد أطلقت مؤخرًا، تقريرها التوثيقي الذي حمل عنوان “ضحايا العمل الإعلامي الفلسطيني في ظلّ الثورة السورية”. وركّز التقرير على جانب مهم من جوانب المعاناة التي تعرضت لها شريحة مهمة من شرائح الشعب الفلسطيني في سورية، هي شريحة الإعلاميين الفلسطينيين، من متخصصين ومتطوعين قدّموا حياتهم في أثناء تغطيتهم للحدث السوري المشتعل، في سبيل عرض الحقيقة، وتثبيت الرواية الأصلية بالكلمة والصوت والصورة.
9 حالات من أصل 10 يبقى الفاعل بلا عقاب
الأمم المتحدة، قالت في بيان لها، إنه خلال السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة، قتل ما يقارب 1010 صحافي وهم يؤدون عملهم: نقل الأخبار والمعلومات إلى الناس. مشيرة إلى أنه في 9 حالات من أصل 10 يبقى الفاعل بلا عقاب. مؤكّدة أنّ الإفلات من العقاب يؤدي إلى مزيد من جرائم القتل، كما أنه دليل على تفاقم الصراع وعلى تداعي القانون والأنظمة القضائية.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والستين المنعقدة في عام 2013، القرار رقم 68/162 الذي أعلن يوم 2 تشرين الثاني/ نوفمبر من كلّ عام، بوصفه “اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين”.
وحثّ القرار الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمكافحة ثقافة الإفلات من العقاب المتفشّية حاليًا. ويطلب القرار من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) تسهيل تنفيذ “اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتكبت ضد الصحافيين (JIFI)”.
وتحذر (يونسكو) من الأضرار الناجمة عن الإفلات من العقاب على مجتمعات بأكملها، وذلك من خلال تغطية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والفساد والجريمة.
وكانت (الشبكة السورية لحقوق الإنسان) قد وثَّقت مقتل 689 عاملًا في الحقل الإعلامي بسورية، منذ بداية الثورة السورية ضد نظام الأسد، معظمهم قُتلوا على يد النظام والمجموعات الإرهابية الموالية له.
وأشار تقرير (الشبكة السورية) الحقوقية، الذي نشر يوم الجمعة الفائت، إلى وجود 8 أجانب بين الصحافيين الذين قتلوا منذ آذار/ مارس عام 2011، مبيّنًا أنّ قوات النظام قتلت 543 إعلاميًا، بينهم 5 صحافيين أجانب منذ بدء الحراك الشعبي.
وبحسب التقرير، قُتل 19 إعلاميًا على يد القوات الروسية، منذ تدخلها في سورية لدعم النظام في أيلول/ سبتمبر عام 2015، لافتًا إلى مقتل صحافي واحد من جراء غارات قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. وتطرق التقرير إلى تعرض 418 إعلاميًا، بينهم 18 أجنبيًا (من غير الفلسطينيين السوريين) للاعتقال أو الاختفاء القسري، منذ الحرب في سورية، 346 منهم من قبل النظام بينهم 4 أجانب.
من جهة ثانية، وثقت (لجنة الحريات الصحفية) في (رابطة الصحفيين السوريين)، المعنية برصد وتوثيق الانتهاكات بحق الصحافيين والناشطين الإعلاميين في سورية، في مناسبات سابقة، مقتل المئات من العاملين في الحقل الإعلامي في سورية، في السنوات السبع الماضية. وقال (معهد السلامة الإخبارية الدولي)، في وقت سابق، إنّ “سورية تُعدّ أخطر مكان للعمل الإعلامي”.
تصدرت سورية، عدّة مرات، في السنوات الماضية، ترتيب البلدان الأكثر فتكًا بالإعلاميين، بحسب منظمة (مراسلون بلا حدود)، التي ترصد الانتهاكات ضد الإعلاميين في مناطق النزاع، معظمهم قضوا على أيدي نظام الأسد الذي حوّل سورية إلى أخطر بلد في العالم، بالنسبة إلى العاملين في المجال الإعلامي.