تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

جميل الحسن في درعا.. رسائل ترغيب وترهيب ودعم المد الشيعي الهدف الأساس

في حالة نادرة، قام اللواء جميل الحسن (مدير إدارة المخابرات الجوية) بزيارة إلى محافظة درعا، يوم الخميس الفائت، شملت مدن وبلدات (نوى، داعل، الغارية الشرقية، والكرك الشرقي) رافقه فيها ضباط عُرف منهم اللواء عدنان الأسد، والعميد الركن رغيد محسن، ورجال دين تابعين لـ (حزب الله) اللبناني، وقيادات في حزب البعث من أبناء المحافظة.

عُقد اللقاء في الغارية الشرقية، في أحد المجمعات التجارية في البلدة، بينما عُقد في الكرك الشرقي في منزل المختار، المعروف بأنه أحد أهم المروجين للمصالحات مع النظام، منذ عدة سنوات.

حمل الحسن رسائل من “القيادة”، ودعا في اجتماعاته مع “الأهالي”، شبان المحافظة إلى “الالتحاق بالخدمة العسكرية”، وإلى “عودة المنشقين عن الجيش”، بينما رد على مطالبات الأهالي بالإفراج عن المعتقلين (الذين ازداد عددهم بعد حملات الاعتقال التي شنها جهازه، في مختلف مناطق المحافظة في الآونة الأخيرة) بالقول: “ستتم دراسة هذا المطلب”.

رسائل متعددة وجهها الحسن، خلال اجتماعه بالأهالي في بلدة (الكرك الشرقي)، كما ينقل (أبو أحمد) من أبناء البلدة لـ (جيرون)، مما تسرب من الاجتماع في منزل المختار، حيث وعد الحسن بأن “هناك إعادة إعمارٍ قريبة، لكل مناطق المواطنين الصالحين”، وأكد أنه وإخوانه “أصحاب السماحة الشيوخ من لبنان”، سوف يساهمون في إعادة الإعمار بشكل خاص، مشيرًا بيده إلى أحد الشيوخ الشيعة اللبنانيين المرافقين له، إضافة إلى “شركات خاصة ستساهم في إعادة الإعمار”، وهي تتبع “للإخوة والأصدقاء”، على حد وصف الحسن.

خطاب الحسن للأهالي لم يخلُ من الشعارات الطنانة والعبارات الجوفاء، حيث شرع يؤكد “استمرار نهج المقاومة للمشروع الإسرائيلي والتكفيري، الذي تواجهه سورية منذ سنوات”، محذرًا من “المخططات الاستعمارية والمؤامرات الدولية”، ومهددًا بعض البلدات في حوران بأنه لن يسامحها، وخاصة (بصر الحرير) معتبرًا إياها “منبعًا للإرهابيين والتكفيريين”، وكذلك بلدة (ناحتة) التي ألحقت الكثير من الأذى بمحافظة السويداء. كما أشار إلى أن “الدول التي انطلقت منها التعديات ضد سورية ستندم، وسيتم تلقينها دروسًا قاسية”، مطمئنًا من يرغب في التعاون مع النظام بالقول: “الدول التي حاربتنا أجبنُ من أن تواجهَنا؛ فلا تخافوا”.

أما في زيارته لمدينة (داعل)، فقال مصدر خاص لـ (جيرون): “إن هناك العديد من أبناء المدينة، ممن ساهموا في المصالحة مع النظام، كان لهم دور كبير في زيارة الحسن لـ (داعل) ومنهم من شارك سابقًا في مؤتمر سوتشي”. وأضاف المصدر أن الحسن تطرق، خلال حديثه إلى الحضور، إلى نواح عديدة، منها “محاولة تحسين صورة رأس النظام السوري، مشيرًا إلى (الانتخابات القادمة) في سورية، ومطالبًا الأهالي بالضغط على أبنائهم وأقربائهم خارج سورية للعودة، واعدًا إياهم بوجود ضمانات لهذه العودة، أهمها إجراء تسويات لهم”.

طالب الحسن الأهالي -بحسب المصدر الخاص- بالترويج بأن “النظام هو الجهة الوحيدة القادرة على قيادة البلد، والعبور بها إلى برّ الأمان”، مؤكدًا ضرورة خروج مسيرات تأييد للنظام، “تظهر للعالم مدى التلاحم بين الشعب وقيادته”، حسب تعبيره، مشيرًا إلى أن قيادته “كافأت” مدينة (داعل)، لأنها بادرت للمصالحة، بـ “إعادة تأهيل الشوارع، وتقديم معظم الخدمات، وتزويد المدينة بكل ما تحتاج إليه من مواد أساسية”.

في سياق متصل، قال الناشط أحمد الحوراني لـ (جيرون): إن “زيارة جميل الحسن جاءت في ظاهرها، كما هي زيارات المسؤولين الآخرين، للتأكيد على الانتصار على (الإرهاب) من وجهة نظرهم، أما في الحقيقة، فهي تأكيد على ترسيخ النهج الأمني للنظام، وتوسيع سيطرة جهاز المخابرات الجوية في المحافظة، بدءًا من معبر نصيب الحدودي، ليشمل معظم مناطقها. حيث تعمل المخابرات الجوية الآن، بالاعتماد على عدد كبير من عناصر وقيادات الصف الثاني والثالث من الفصائل المعارضة السابقة، ممن التحقوا بصفوفها بعد المصالحة، خاصة من أجل تنفيذ عمليات الاعتقال، لعلم هؤلاء بأماكن المطلوبين”.

وأضاف الحوراني: “هناك معلومات تؤكد أن زيارة الحسن جاءت، في شقها المخفي، لدعم تمدد الشيعة في الجنوب السوري، من خلال عدة أمور أبرزها، تطويع عدد كبير من أبناء المحافظة في الميليشيات الشيعية، خاصة مقاتلي الفصائل المعارضة السابقة الذين لم يعد لديهم عمل، برواتب تصل إلى 250 دولارًا شهريًا، وقد وصل عدد المنتسبين إلى فصائل تتبع إيران و(حزب الله) إلى نحو 2000 مقاتل”.

كما يتم العمل على التأثير -ثقافيًا وفكريًا- على أبناء المحافظة، فمنذ أسبوعين، تمّ تشكيل “حلقات تدريسية” لطلاب المدارس في مدينة (داعل)، كان المحاضرون فيها رجال دين شيعة، ممن قدموا من دمشق خصيصًا لهذه الغاية.

وأشار الحوراني إلى أن الحسن تكلّم -خلال اجتماعه بالأهالي في المدن والبلدات التي زارها- على وجوب عودة العائلات الشيعية التي كانت تسكن المحافظة، وقاتلت إلى جانب النظام، كما في (بصرى الشام) وغيرها، حيث قال عبارة (نريد العودة متحابين، كما كنّا سابقًا).

يذكر أن جميل الحسن يشغل حاليًا (مدير إدارة المخابرات الجوية) وهو أحد أبرز ضباط النظام السوري المتهمين بارتكاب جرائم ضد السوريين المعارضين، بعد اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، حيث أعدم بأوامر منه آلاف المعارضين، إضافة إلى كونه دعم فكرة “البراميل المتفجرة” التي اخترعها مدير مركز البحوث العلمية في مصياف وخبير المتفجرات عزيز إسبر (الذي لقي حتفه)، وقد صدرت بحق الحسن مذكرة اعتقال عن القضاء الفرنسي مؤخرًا، إلى جانب اللواء علي مملوك والعميد عبد السلام محمود، نتيجة تلك الجرائم.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق