سلايدرقضايا المجتمع

الانتهاكات بحق الإعلاميين في الشمال السوري.. بلال سريول أنموذجًا

أثارت صور الإعلامي السوري بلال سريول التي أظهرت آثار التعذيب الذي تعرض له، بعد اختطافه على يد إحدى مجموعات فصيل (السلطان مراد) في منطقة عفرين بريف محافظة حلب، ردات فعل غاضبة ومنددة، مع مطالبات بمحاسبة الفاعلين، حرصًا على حرية الإعلام في مناطق سيطرة المعارضة السورية.

وكان سريول قد تعرض قبل عدة أيام للاختطاف بتهمة “حمل كاميرا من دون ترخيص” يخوله التصوير في مدينة عفرين، من قبل مجموعة (أبو الليث)، واستمر اختطافه 72 ساعة، ثمّ تم الإفراج عنه بعد تدخل قيادة (السلطان مراد) ممثلة بـ “فهيم عيسى”، بحسب ما أكدت مصادر من عفرين لـ (جيرون).

الاعلامي بلال سريول
آثار التعذيب على جسد سريول بعد الافراج عنه

وقد أكدت (رابطة إعلاميي الغوطة الشرقية) في بيان لها الأحد الماضي، أن “عناصر من فصيل (السلطان مراد) هم المسؤولون عن عملية الاعتقال التعسفي، وإخفاء مكان اعتقاله”، وأضافت الرابطة: “في الوقت الذي أكد القيادي (أبو الليث) المتهم باختطاف الإعلامي بلال سريول، أن المخابرات التركية هي التي اعتقلت سريول، نفى الأتراك أن يكون الإعلامي لدى أي جهة تركية”.

بلال سريول ناشط إعلامي ينحدر من مدينة دوما في الغوطة الشرقية، وصل إلى عفرين مهجرًا قبل عدة أشهر، وكان ناشطون قد نشروا أمس الاثنين صورًا لبلال، تُظهر آثار تعذيب واضحة على جسده، وآثار جَلدٍ على ظهره وقدميه، إضافة إلى لكمات في عينه اليسرى.

(اتحاد إعلاميي حلب وريفها) دان في بيان له، مساء أمس الاثنين، عملية اختطاف وتعذيب الناشط سريول، وجاء في البيان: “تعرض الزميل بلال سريول من الغوطة الشرقية، لعملية اختطاف من قبل قوة عسكرية، في منطقة عفرين شمال حلب، حيث تعرض لعملية تعذيب شديدة خلال الأيام الماضية، من دون مراعاة وضعه الصحي السيئ، نتيجة إصابته السابقة خلال القصف على الغوطة الشرقية”.

أضاف البيان: “ندين هذا التصرف الجبان الذي يشبه أفعال عصابات الأسد، ونطالب الشرطة العسكرية في منطقة عفرين بتحمل مسؤولياتها، كما نطالب السلطات التركية بفتح تحقيق في الحادثة، نظرًا إلى قيام شخصيات مقربة من فصيل (السلطان مراد)، باتهام عناصر الجيش التركي باختطاف وتعذيب الإعلامي سريول”.

من جانب آخر، أكد العقيد هيثم العفيسي، القيادي في (الجيش الوطني)، في حديث إلى (جيرون)، أن “ما جرى للإعلامي بلال صدمة مؤلمة لنا جميعًا”، وأن “المجموعة التي نفذت هذا العمل ستنال عقابها على الملأ، علمًا أنها لا تتبع للجيش الوطني”، ووعد العفيسي بتزويد (جيرون) بـ “المعلومات الكافية، بعد إلقاء القبض عليهم جميعًا والتحقيق معهم”.

العقيد هيثم عفيسي

أضاف العفيسي: “نحن نقوم دائمًا بحملة اعتقالات لهذه المجموعات التي تسيء إلى سمعة الجيش الوطني، وتقوم بانتهاكات بحق المدنيين والعسكريين، ونسعى لتحقيق الأمن والاستقرار، ولكن مهامنا صعبة. حيث إن كثافة الأشخاص غير المعروفين وفوضى انتشار السلاح تزيد من صعوبة مهماتنا، ولكن يظلّ الإعلامي بالنسبة إلينا رمزًا، ولا يجوز الاعتداء عليه وإفساد مهماته”.

في السياق ذاته، نُشر مقطع فيديو، اليوم الثلاثاء، من قبل ذوي الناشط بلال سريول، يُظهر توجيه عائلته الشكر لقيادة فصيل (السلطان مراد) وللقيادي (فهيم عيسى) الذي ساهم في الإفراج عن ولدهم، لكن ناشطين شككوا في محتوى الفيديو، وأكدوا أن الفصيل ضغط على عائلة بلال لتصوير الفيديو، من أجل تبرئة عناصر الفصيل وعدم محاسبتهم.

https://www.facebook.com/2156763277979342/videos/2240099259645743/

قال إبراهيم حسين، مدير (المركز السوري للحريات الصحفية) في تعليق منه على الانتهاكات المتلاحقة التي يتعرض لها الإعلاميون: “نتابع بقلق بالغ ارتفاع وتيرة الانتهاكات بحق الإعلاميين، في المناطق التي يفترض أنها تحررت من ظلم النظام المجرم، ومن المؤسف أن ترتكب هذه الانتهاكات جهاتٌ تسمي نفسها (الجيش الحر) أو تدعي أنها قوًى تهدف إلى تحرير السوريين من الاستبداد. ولعل الانتهاك الأخير الذي حصل بحق الإعلامي بلال سريول، على يد فصيل (السلطان مراد) في منطقة عفرين، دليل واضح على حجم المأساة”.

ابراهيم حسن، مدير المركز السوري للحريات الصحفية

أضاف حسين، في حديث إلى (جيرون): “أحب أن أذكّر هذا الفصيل، وسواه ممن ينتهك الحريات ويعتدي على حقوق المدنيين، بأن الشعب السوري قد خرج في ثورته عام 2011  للحصول على حريته واستعادة كرامته، وللتخلص من حصيلة عقود من الظلم والاستبداد وكمّ الأفواه، وليس لاستبدال مستبد بمستبد آخر”.

عن موقف (رابطة الصحفيين السوريين) التي يتبع لها (المركز السوري للحريات الصحفية)، قال حسين: “إننا في الرابطة نعتبر أن أسمى أهدافنا حماية الصحفيين، والسعي لتأمين بيئة آمنة لهم، ليمارسوا عملهم باستقلالية وحرية، ولن ندخر جهدًا في فضح كل من يقف بالضد من ذلك، وسنبقى ندعو إلى محاسبة كل مرتكبي الجرائم بحق الإعلاميين، خاصة أننا من خلال مركز الحريات في الرابطة نوثق كل ما يجري من انتهاكات، وفي هذا الصدد، تواصلنا مع المؤسسة القضائية في عفرين، وطالبناها بالقيام بدورها في محاسبة من ارتكب جريمة الاحتجاز والتعذيب بحق الزميل بلال، ونتوقع أن يقوم القضاء بواجبه”.

وكان عشرات الناشطين والصحافيين في الشمال السوري قد تعرضوا لانتهاكات واسعة، تدرجت من القتل إلى الاختطاف والاعتقال والمنع من مزاولة عملهم، بذرائع متعددة، وفي هذا الصدد ما زالت (هيئة تحرير الشام) في إدلب تعتقل عددًا من الإعلاميين، وتضيق على آخرين لا يعملون وفق شروطها ومصالحها، كما أن فصائل ريف حلب الشمالي ارتكبت عدة انتهاكات بحق العاملين في قطاع الإعلام، ولا يبدو أن حادثة بلال ستكون الأخيرة.

في موضوع الاعتقالات والانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون، قال الصحفي السوري أحمد كنجو لـ (جيرون): إن “السبب الأول لهذه المضايقات هو أن الكاميرا تمثل تهديدًا لأي شخص فاسد؛ فهي تفضح الأعمال الشائنة، كالسرقة والنهب والتعدي على أملاك الأهالي وصولًا إلى الاغتصاب وتجارة المخدرات، وعندما تتورط عناصر أو قيادات من الفصائل بهذه الجرائم؛ فإنهم سيسعون جاهدين لمنع أي نشاط إعلامي أو أي حراك آخر قد يهددهم”.

أحمد كنجو، صحفي سوري

أضاف كنجو : “السبب الآخر هو عدم وجود من يحاسب مرتكبي هذه الانتهاكات، فلا سلطة أعلى من سلطة السلاح في ظل الحرب، لذا فإن من يملك السلاح هو من يُحاسب؛ فكيف إذا كان هو مرتكب الجرم؟”.

عن الحلول المناسبة لوقف من هذه الانتهاكات أو التخفيف من نسبتها، قال كنجو: “الحل هو فضح مرتكبي هذه الجرائم، وعدم السكوت عنهم، والقيام بحملات ضغط إعلامية وحراك سلمي مدني، بهدف محاسبة مرتكبي الجرائم ومنعهم من تسلم مناصب قيادية”.

يذكر أن (المركز السوري للحريات الصحفية) يوثق بشكل شهري الانتهاكات التي يتعرض لها الإعلاميون السوريون في كل أنحاء سورية، حيث وثق المركز خلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 8 انتهاكات ضد الإعلام في سورية، كان نظام الأسد المسؤول الأول عن ارتكابها، عبر الضغط والتضييق الذي تمارسه أجهزته الأمنية ضد الإعلام والإعلاميين، حيث اركتب 4 منها، بينما ارتكبت قوات (وحدات حماية الشعب) أحدها، وارتكبت (هيئة تحرير الشام) واحدة أيضًا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق