اقتصادسلايدر

سامر الفوز.. الواجهة الاقتصادية لإيران في سورية

أن يتجاوز رجلُ أعمال، في أعماله وتجارته داخل سورية، مرتبةَ رامي مخلوف، فهذا يعني -يقينًا- أنه مدعوم من قبل قوة محلية أو خارجية، هي بمنزلة الندّ أو الأقوى من الداعم والحامي لمخلوف.

إنه سامر الفوز؛ رجل الأعمال الذي بات يتصدر قائمة الأعمال التجارية والاقتصادية في سورية، والذي يملك حصريًا قطاع إنتاج السكر في سورية، ويملك حصريًا فرصة شراء ممتلكات رجال الأعمال المعارضين للنظام، كتلك الممتلكات الخاصة برئيس غرفة صناعة دمشق السابق عماد غريواتي، ويمتلك حصريًا القدرة على شراء أسهم المستثمرين الأجانب، كشرائه حصة الوليد بن طلال في فندق فورسيزنز، فضلًا عن أنه يمتلك حصريًا فرصة الحصول على قروض من البنوك الإيرانية، لتسيير عملية تملك مواطنين إيرانيين للعقارات في سورية.

سامر الفوز الوريث لشركة والده مجموعة (فوز) ومن ثم (أمان) القابضة التي تم تأسيسها عام 1988، ولم تتخطّ الدرجة الثالثة في مجال الأعمال، بات اليوم رجلَ الأعمال الألمع على الساحة السورية، إضافة إلى أنه يمتلك استثمارات وشركات في تركيا والإمارات ولبنان وروسيا.

ربما تطول مسألة سرد المعلومات عن أملاك وأعمال الفوز، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف استطاع هذا الرجل بناء ذاته على هذا النحو؟!

عوامل عدة ربما توضح ذلك، لكن يمكن اختصار هذه العوامل في عاملين أساسين: الأول هو براعة الفوز في توظيف استثماراته العابرة للحدود، في تجارة الحرب التي ساهمت في خرق العقوبات المفروضة على النظام، من خلال تمرير السلع الأساسية لمناطق سيطرة النظام. والعامل الثاني قربه ورعايته للمصالح الإيرانية في سورية، حيث حصل على كثير من القروض مباشرة من البنوك الإيرانية، في سبيل تعويم النفوذ الاقتصادي الإيراني في سورية، من خلال شراء العقارات، وعدد من معامل الدخل الاقتصادي المهم، ومناجم المواد الخام.

ما دور الفوز في “الأزمة”؟

على الرغم من ارتكاب الفوز جريمةَ قتل بحق رجل أعمال أوكراني من أصل مصري، في إسطنبول، واعتقاله على إثر ذلك، إلى أن تم إطلاق سراحه لعدم كفاية الأدلة، فإن الفوز أصبح الأداة الأساسية لكسر العقوبات الدولية المفروضة على النظام السورية منذ عام 2012، وإن كان دوره هو التحايل على العقوبات الدولية المفروضة على النظام. والتساؤل الذي يُصبح أكثر إلحاحًا هو: كيف قام الفوز بذلك؟!

طرقٌ عدة قد يكون اتبعها الفوز في اختراق العقوبات المفروضة على النظام، أهمها:

– السوق السوادء؛ أي أن يتم اتباع أسلوب تبادل الأموال والسلع بشكلٍ مباشر بين أفراد.

– المقايضة؛ أي مقايضة المواد الغذائية التي تحتاج إليها مناطق سيطرة النظام، بالنفط الذي كان يُسيطر عليه تنظيم (داعش). وقد أشارت عدة تقارير سورية ودولية إلى ضلوع النظام بعمليات مقايضة من هذا النوع مع تنظيم (داعش).

– التهريب بين سورية والدول المجاورة.

– التجارة من خلال استئجار سفنٍ ترفع علم دول أجنبية، وتنزيل البضائع في دولة مجاورة، في الغالب لبنان، ومن ثم جلب هذه البضائع إلى سورية، كمساعدات أو من خلال التهريب.

– غسل الأموال من خلال منظمات إنسانية، أو من خلال شركاته المنتشرة ما بين تركيا وروسيا ودبي، وغيرها من الدول الأخرى.

وتأتي جميع الطرق المذكورة كمسار تعامل غير شرعي بديل للتعامل التجاري الشرعي الذي يتم بين البنوك المركزية. لكن بتعطيل عمل البنك المركزي السوري، نتيجة فرض عقوبات عليه؛ يصبح النظام مضطرًا إلى هذه الطرق.

هل الفوز ندٌّ لبشار أم واجهة له؟

يدور في الأوساط الصحفية تضارب، حول تبعية أو خلفية سامر الفوز: أهو تابع لبشار الأسد أم لماهر الأسد؟!

في الحقيقة، الجدير بالترجيح هو سيناريو تبعيته لماهر الأسد، وذلك لعدة عوامل:

ـ سامر الفوز هو رجلٌ مدعومٌ من إيران. فقد تولى مهمة سحب قروض من البنوك الإيرانية وشراء عقارات في محيط دمشق، وبيعها للإيرانيين.

ـ وجود روابط قوية جدًا بين ماهر الأسد (قائد الفرقة الرابعة) وإيران. فالفرقة الرابعة تُعد القوة العسكرية المؤسسية الرسمية الأولى، في موالاة إيران ورعاية مصالحها.

ـ بزوغ بوادر خلاف إعلامي واقتصادي، بين رامي مخلوف والوجود الإيراني، حيث هاجمت صحيفة (الوطن) التي يملكها رامي مخلوف، إيران، إذ نشرت، في 15 تموز/ يوليو 2018، مقالًا بعنوان “عذرًا علي أكبر ولايتي..”، جاء فيه: “كان ليسقط العالم وسورية لن تسقط”، ردًا على تكرار وسائل إعلام إيرانية أهمية وقوف إيران إلى جانب النظام السوري.

وفي ظل هذين العاملين، يظهر دعم إيران للطرفين، وبالتالي تُصبح النتيجة هي تبعيّة الفوز لماهر الأسد المتنافس مع أخيه بشار الأسد، وبالتالي يُصبح أقرب إلى أن يكون تابعًا لإيران.

في الختام، اكتسبت إيران خبرة مديدة في آليات التحايل على العقوبات المفروضة عليها. وعلى الأرجح، يأتي دعمها لسامر الفوز كمحاولة لكسر العقوبات المفروضة على النظام السوري الذي تدعمه على كافة الأصعدة، ومحاولة أيضًا لتأسيس قواعد “برجوازية سمسارية” ترعى مصالحها في سورية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق