أصدرت وحدة الأبحاث الاجتماعية في (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) دراسة ميدانية بعنوان (محددات اندماج الشباب السوري في مدينة إزمير التركية) تهدف إلى البحث في محددات اندماج الشباب السوري، في مدينة إزمير التركية، من خلال المتغيرات الآتية: المحددات الاجتماعية الثقافية للاندماج (الحياة في تركيا) المحددات الاقتصادية للاندماج، المحددات السياسية – المدنية للاندماج في تركيا.
تنطلق هذه الدراسة من ضرورة التعرف إلى مؤشرات الاندماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للسوريين، في مدينة إزمير التركية. وقد اختيرت المدينة لسببين: أولهما ضرورة الاطلاع على أوضاع السوريين في الولايات التركية كافة، وعدم اقتصارها على إسطنبول وعنتاب، حتى يمكن رسم خريطة عامة للسوريين في تركيا.
أما السبب الثاني فهو أن عدد السوريين في مدينة إزمير لا يتجاوز مئة وخمسين ألفًا، وهي مجتمع بحثي ملائم أكثر لاختبار مؤشرات الاندماج ومتغيراته، بعكس المدن التي يوجد فيها أعداد كبيرة من السوريين الذين استطاعوا تنظيم مجتمعهم الخاص، من دون الحاجة إلى التفكير بأهمية الاندماج في المجتمع المحيط، وضرورته والحاجة إليه عمومًا.
تنبع أهمية هذه الدراسة، من كونها تعمل على تسليط الضوء على السوريين في مدينة إزمير، واختبار أحوالهم في العلاقة مع المجتمع الحاضن، بما يمكن أن يشكل تصورًا للمناخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، للسوريين الموجودين في تركيا.
اعتمدت الدراسة “المنهج الوصفي التحليلي” الذي يصف الظاهرة ويفسرها، واستخدمت أدوات المقابلة المقننة مع 400 مفردة من المجتمع السوري، في مدينة إزمير التركية، شملت ثلاث عشرة منطقة يوجد فيها سوريون.
وتوجهت الدراسة بأسئلتها إلى الشباب السوري، استنادًا إلى التعريف السوري للشباب وهو (18_35) سنة، وليس التعريف المعتمد من الأمم المتحدة الذي يحصر هذه الشريحة في الفئة العمرية (18_24) سنة.
ذكرت الدراسة أن وجود السوريين في مدينة إزمير ازداد خلال السنتين الأخيرتين، حيث قدم إليها ما يقارب أربعين ألفًا، مستفيدين من تركيبتها وطبيعتها، بوصفها مدينة أقلّ غلاء في مستويات المعيشة، وأقلّ متطلبات لرأس المال لافتتاح مشروعات صغيرة أو متوسطة، إضافة إلى استمرار إدارة الهجرة فيها في منح بطاقة الحماية الموقتة (الكيملك) للقادمين الجدد من السوريين. وهذا ما جعلها صاحبة الترتيب التاسع، في عدد السوريين في الولايات التركية.
استنادًا إلى ما سبق؛ “يعيش السوريون في المدينة، موزعين بين العمل والتعليم ومحاولات بناء حياة جديدة، بعد انسداد أفق الحل السياسي في سورية، أو انفراجه على سيناريوهات تتغير وتتبدل بتبدل التجاذبات والمشروعات السياسية، بين الدول المعنية بالحالة السورية”. وفق الدراسة.
توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج، أهمها:
– وجود نوع من الاندماج، أو الرغبة في ذلك على أقل تقدير، من السوريين في مدينة إزمير مع المجتمع التركي. وهو ما يمكن تفسيره بتوزع السوريين على مناطق كثيرة تضم المكون التركي والسوري، وعدم الاكتفاء بوجود تجمعات سورية خالصة؛ ما يؤسس لـ “غيتوات مصغرة”، من شأنها تشكيل كابح أو عامل لافظ لعملية الاندماج.
– أظهرت الدراسة رغبة واضحة في اندماج الشباب السوري في المجتمع التركي الحاضن في مدينة إزمير، من خلال علاقات التفاعل القائمة في مستوى الجيران، من خلال بروز نمط “العلاقة التفاعلية” مع الجيران الأتراك في المحيط الاجتماعي الحاضن. وبرز ذلك أيضًا في المشاركة في المناسبات الاجتماعية اليومية، للجيران الأتراك، من أفراح وأتراح وأعياد وغيرها.
– أرخى الوضع السوري الشائك بظلاله على تصورات العيّنة في ما يتعلق بمستقبل سورية؛ إذ أجمعت العينة على تشاؤمها من المستقبل السوري في المرحلة المقبلة.
– فضلت عينة الدراسة -في مستوياتها كافة- تركيا على الدول الأوروبية، للحياة بالنسبة إلى السوريين.
الدكتور حسام السعد مدير وحدة الأبحاث الاجتماعية في (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) تحدث إلى (جيرون) عن أهمية إصدار الدراسة في هذه المرحلة، وقال: “إن موضوع تكيف واندماج السوريين في تركيا، هو الأكثر إغراء بالبحث والتقصي في هذه المرحلة، لا سيما مع تعقد الوضع السوري، على المستوى السياسي والعسكري، وتأجيل وجود حلول نهائية”.
وأضاف السعد: “هدفنا من البحث اختبار مؤشرات اجتماعية واقتصادية وسياسة تكون إما دافعة أو كابحة للاندماج”. ونبّه إلى أن “الوجود السوري يختلف بين مدينة وأخرى، إما بسبب طبيعة التنظيم الاجتماعي السوري، أي البيئة الاجتماعية التي قدم منها السوريون من جهة، أو بسبب وضع المدينة وموقعها ومزاجها العام تجاه السوريين، وأيضًا باختلاف التجاذبات السياسية التركية الداخلية، وانتمائها إلى أحزاب سياسية تدعم أو تعارض الوجود السوري”.
وبحسب السعد، كانت مدينة إزمير إحدى المدن التي شكلت تحديًا لفريق البحث؛ كونها محسوبة على الحزب الجمهوري المعارض. وأردف قائلًا: “مع ذلك، توصلت الدراسة إلى نتائج، نعتبرها إيجابية على مستوى التكيف والاندماج للسوريين في المدينة”.
للاطلاع على الدراسة كاملة، يرجى تحميل الملف من الرابط الآتي: