ترجماتسلايدر

متطوعو الخوذ البيضاء السوريون يحاولون إعادة بناء حياتهم في المنفى الكندي

أعضاء منظمة الإنقاذ الذين أنقذوا الآلاف يستوطنون في نوفا سكوتيا بعد إجلائهم عبر إسرائيل والأردن

صورة الغلاف: إخراج أعضاء من جماعة الدفاع المدني السورية المعروفة باسم الخوذ البيضاء، من محافظة درعا قبل خمسة أشهر. يبقى الكثيرون في البلاد وتحت خطر نظام الأسد. الصورة: غير معتمدة/ أسوشيتد برس

تحت جنح الظلام، بدأت ميسون المصري وزوجها المسير نحو الحدود، عبر مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.

كانت المصري رئيسة قسم النساء من الخوذ البيضاء في جنوب سورية، وهي المنظمة التي كانت تنقذ الآلاف من الناس من تحت أنقاض المنازل، في إثر الغارات الجوية الروسية والسورية الحكومية.

ميسون الآن في كندا، إلى جانب العشرات من متطوعي عمال الإنقاذ الآخرين الذين فروا من سورية، في وقت سابق من هذا العام، بعد تشديد قوات بشار الأسد الخناق من حولهم.

لكنها قبل ذلك، تحمّلت شهورًا من القصف والقصف، وانسحبت نتيجة هجوم الحكومة، وفقدان الأمل، وأخيرًا، الخلاص. أعقب الهروب الدراماتيكي عبر إسرائيل –وهي عدو أبدي لسورية- ثلاثة أشهر من البؤس، في مخيم أردني للاجئين، وأخيرًا استقبال خريفي في كندا.

قالت المصري: “لم نكن خائفين من الموت، كنا نخشى أن نُعتقَل ونُعذَب. كان لكل عائلة شخص ما في السجن. بقيت صور المعتقلين معنا طوال هذا الوقت. كنا نعلم أن الموت لن يأتي بسهولة”.

بعد نحو خمسة أشهر من فرار عمال الإنقاذ المتطوعين السوريين، من مقاتلي نظام الأسد المتقدمين والقوات الجوية الروسية؛ بقي الكثير منهم في ظروف “مهينة” في مخيم أردني للاجئين، حيث أمضوا معظم فصل الصيف في انتظار إعادة التوطين.

وصل العشرات إلى كندا، البلد الذي نظم عملية الإنقاذ، وتعهّد باستقبال معظم متطوعي ذوي الخوذ البيضاء الذين نجوا. لكن المئات الباقيين في سورية معرضون لخطر الاعتقال والتعذيب من قبل نظام الأسد، الذي استهدفهم بطريقة منهجية خلال الحرب. ويُعتقد أن أحد المتطوعين اعتقلته الحكومة الشهر الماضي. وكانت المجموعة قد تلقت الاتهامات خصوصًا من دمشق وموسكو، لأنها وثقت جرائم الحرب التي ارتكتبها كلتا العاصمتين.

وأكد كل من المصري وجهاد المحاميد، رئيس الخوذ البيضاء في جنوب سورية، واللذين هما الآن في كندا، أن أوتاوا لعبت دورًا محوريًا في عملية الإنقاذ. وقالت المصري: “نحن ندين بحياتنا لـ [كندا]، لإنقاذنا من الجحيم الذي كنا فيه”.

لكن بالنسبة إلى العديد من رجال الإنقاذ، فإن الإقامة في معسكر الأزرق بالأردن، وهربهم عبر إسرائيل، سلطا الضوء على الإذلال والعنف اللذين يعانيهما السوريون في الصراع المستمر منذ ثماني سنوات.

وقال المحاميد: “لا أحد يفكر في الهجرة وترك بلده وكل ممتلكاته، إلا إذا كان يخشى على حياته”.

وجاءت عملية الإجلاء في نهاية حملة أطلقها الأسد، بدعم من القوات الجوية الروسية، لاستعادة محافظة درعا الجنوبية، التي اندلعت منها الاحتجاجات لإطاحة النظام قبل ثماني سنوات.

كانت هزيمة المتمردين سريعة، وهو ما أجبر متطوعي الخوذ البيضاء على الانسحاب حتى وصل العديد منهم إلى القنيطرة، المتاخمة لمرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، وفرَّ آخرون نحو الحدود الأردنية. وقال المحاميد: “كانت أرضًا محروقة. لا أحد تجرأ على المقاومة”.

بدأت المفاوضات بين المعارضة والجيش الروسي، التي ستسمح بالنزوح القسري للمقاتلين والمدنيين غير الراغبين في العيش تحت سيطرة الأسد. سبق أن تم التوصل إلى مثل هذه الصفقات، في أماكن أخرى من البلاد، لكن الروس كانوا غير راغبين في الموافقة على صفقة يتم فيها إجلاء عمال الإنقاذ.

ووفقًا للمحاميد، فقد سخر جنرال روسي من الدعم الخارجي للخوذ البيضاء، قائلًا: “دعوهم يذهبون إلى لندن”.

كان المحاميد في الأردن، عندما بدأ الهجوم، لكن المتطوعين الهلعين الذين ما زالوا في سورية كانوا يرسلون إليه -يوميًا- أسماء أفراد عائلاتهم، متوسلين إليه أن يجد لهم مخرجًا.

وقال المصري الذي انسحب إلى منطقة قريبة من حدود الجولان: “كان الناس ينهارون. لا أحد يعرف ما الذي سيحدث لهم”.

في النهاية، ساعدت كندا في التفاوض على خطة أجلت بواسطتها إسرائيل والأردن المتطوعين وعائلاتهم في القنيطرة. في ليلة 21 تموز/ يوليو، تسللت المصري وزوجها و 420 آخرين إلى الحدود، حيث كان ينتظرهم المحاميد. فيما بقي المتطوعون، وعددهم وأسرهم 1,370، في جنوب سورية.

وصف المصري “جحيم” الحياة الخانق في مخيم الأزرق بالأردن، حيث صادرت السلطات هواتف الخوذ البيضاء، وحصرتهم في جزء صغير محاط بسور من المجمّع، وحرمتهم من المغادرة حتى إلى المتجر، من دون حراس مرافقين، ومع القليل من الحماية من حرارة الصيف القاسية. وقالت: بدَت العملية برمتها كمحاولة محسوبة “لإذلال” المتطوعين.

في الوقت الحالي، تم إعادة توطين معظم متطوعي الخوذ البيضاء الناجين. وصلت ست عشرة عائلة إلى كندا، وتعيش الآن في نوفا سكوتيا، لكن هناك 10 عائلات أخرى ما زالت في الأردن تنتظر دورها.

أولئك الذين وصلوا إلى كندا يحاولون بناء حياة جديدة، وربما يساعدون في تعليم المستجيبين الأوائل ما تعلموه خلال سنوات من العمل في منطقة حرب. لكن ما يزال الموت والدمار في الوطن يضايقهم. وقالت المصري: “مع الأسف، نحن الشعب السوري تُركنا وحيدين لنواجه مصيرنا، لقد تآمر العالم كله ضدنا”. وأضافت: “يجب أن يعلم العالم أن هناك جرائم ارتُكبت، وأن هناك قاتلًا معروفًا”.

اسم المقالة الأصليSyrian White Helmets try to rebuild lives in Canadian exile
الكاتبكريم شاهين،Kareem Shaheen
مكان النشر وتاريخهالغارديان،The guardian، 30/12
رابط المقالةhttps://www.theguardian.com/world/2018/dec/30/syrian-white-helmets-canada-exile
عدد الكلمات745
ترجمةوحدة الترجمة/ أحمد عيشة

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تنبيه: detail wash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق