تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

التفاهم الأميركي التركي ومستقبل شرق الفرات

تصعيد في التصريحات وإنشاء منطقة آمنة قيد الدراسة

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، أن بلاده ستقوم بإنشاء منطقة آمنة شمال سورية، واصفًا مكالمته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب  بالإيجابية، وجاءت تصريحات أردوغان بعد يوم من إعلان ترامب نيته إنشاء منطقة آمنة شمالي سورية، بعمق 20 ميلًا، على الحدود شمالي سورية.

وكان البيت الأبيض قد أعلن، مساء أمس الاثنين، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان في مكالمة هاتفية، أنه يريد معالجة المخاوف الأمنية التركية في سورية. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز: “أكد الرئيس ترامب أهمية ألا تسيء تركيا التصرف مع الأكراد و(قوات سوريا الديمقراطية) التي حاربنا معها لهزيمة تنظيم (داعش)”، بحسب ما نقلت وكالة (رويتزر).

وقال أردوغان في كلمة له، أمام حزب العدالة والتنمية، اليوم الثلاثاء: “لن نسمح أبدًا بإقحام تنظيمات (داعش) و(وحدات حماية الشعب) في حدودنا، وسندفنهم في حفرهم، وأمامنا الآن منبج وشرق الفرات”، مضيفًا: “نأمل أن نكون قد توصلنا إلى تفاهم مع ترامب حول سورية، وقد أكد لي مجددًا -في المكالمة الهاتفية أمس- قرارَه بسحب القوات الأميركية من سورية”. وأشار أردوغان إلى أن “تركيا دولة للأشقاء الأكراد”، في رد منه على مطالبات المسؤولين الأميركيين لتركيا بحماية الأكراد، بحسب ما نقلت وكالة (الأناضول).

شهدت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة توترًا، منذ عدة أيام، بعد تصريحات مسؤول الأمن القومي الأميركي جون بولتون الذي أكد سعي بلاده لحماية أكراد سورية، ورفض التهديات التركية بحقهم، وهو ما دفع أردوغان إلى رفض استقباله في أنقره، وفشلت مهمته بتنسيق انسحاب القوات الأميركية مع الجانب التركي، وتصاعد التوتر، أمس الاثنين، بعد تهديات ترامب، عبر تغريدة له على (تويتر)، بتدمير الاقتصاد التركي، إذا ما هاجمت أنقرة الأكراد في سورية.

وردّ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو  على تهديدات ترامب، أمس الاثنين، بالقول: “لا يمكن تحقيق أي شيء بتهديد أنقرة اقتصاديًا، ويجب ألا يتواصل الشركاء الاستراتيجيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي”، كما قال الناطق باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين في تغريدة عبر (تويتر): “الإرهابيون لا يمكن أن يكونوا شركاءكم وحلفاءكم، وليس هناك فرق بين (داعش) و(وحدات حماية الشعب)”.

كانت تركيا قد أعلنت، قبل ثلاثة أسابيع، تأجيلها عملية شرق الفرات، بعد مكالمة بين ترامب وأردوغان، أعلن فيها ترامب نيته سحب قوات بلاده من سورية، وبالفعل بدأ سحب بعض المعدات من سورية، بحسب ما قال مسؤولون في التحالف، ولكن ترامب عاد وأعلن -قبل عدة أيام- أن الانسحاب سيأخذ وقتًا أطول، وأن القوات الأميركية “ستبقى في العراق جاهزة لأي تدخل في سورية”.

الخبير في الشأن التركي بكير أتجان علّق، في حديث إلى (جيرون)، على مقترح ترامب بإنشاء منطقة آمنة، وقال: “مقترح المنطقة الآمنة طرحَه سابقًا الجانب التركي، ولكن إدارة أوباما لم توافق حينذاك، أما اليوم فيمكن للأتراك قبول مقترح الرئيس ترامب، ولكن بشروط: أن تكون تركيا موجودة بجيشها ضمن هذه المنطقة مع قوات دولية أخرى، وإبعاد مقاتلي (وحدات حماية الشعب) عن هذه المنطقة، والسماح لمن يرغب من المدنيين السوريين في أن يسكنوا ضمن تلك المنطقة، والسماح للاجئين بالعودة إليها”.

وكشف أتجان أن “الولايات المتحدة اقترحت على الأتراك نشر قوات مشتركة مؤلفة من 10 آلاف مقاتل من (قسد) و6 آلاف من بيشمركة روج، وألفي عنصر من قوات محلية، ولكن تركيا اعترضت على وجود (قسد)، ولا مانع لديها من نشر قوات البيشمركة السورية، أو أي قوات محلية من أبناء المنطقة، بشرط أن تكون غير مرتبطة بـ (حزب العمال الكردستاني) المصنف على قوائم الإرهاب التركية والأميركية”. وأضاف أتجان: “أتوقع أن يتم التوصل إلى تفاهم بين واشنطن وأنقرة، ولكن ذلك قد يأخذ وقتًا طويلًا، بسبب وجود نقاط خلافية بين الجانبين، وفي النهاية لا يمكن لواشنطن التخلي عن تركيا”.

في الموضوع ذاته، قال رديف مصطفى، نائب رئيس رابطة المستقلين الكورد: إن “الجانب الأميركي قرر الاستجابة للمطالبات التركية، بخصوص إنشاء منطقة آمنة، بعد قرار الرئيس ترامب بالانسحاب العسكري من سورية، بعد انتهاء المهمة في محاربة (داعش )”، ورأى مصطفى أن هذا الأمر -إن حصل- “من أفضل الحلول، لكونه يجنّب المنطقة حربًا تشكّل عبئًا ثقيلًا وإضافيًا على السكان المدنيين، ويجنب المنطقة السيطرة الكاملة للنظام السوري المجرم، وعلى العموم ما يزال الوضع غير واضح المعالم”.

كانت (قوات سوريا الديمقراطية) قد أبدت مخاوفها من قرار الانسحاب الأميركي من شرق الفرات، وأعلنت -على لسان عددٍ من مسؤوليها- أنها بدأت مفاوضات مع نظام الأسد، الذي رحب بالمفاوضات، ولكن مسؤولين من (قسد) أعلنوا، أمس الاثنين، أن المفاوضات مع النظام وصلت إلى طريق مسدود، بسبب إصرار النظام على فرض شروط مشابهه لما حصل بينه وبين المعارضة في درعا والغوطة، كما تسربت أنباء عن تسليم المبعوث الأميركي الخاص المعني بالشؤون السورية جيمس جيفري، عددًا من الرسائل إلى (الإدارة الذاتية) أوصى فيها بعدم التعجل في المفاوضات مع نظام الأسد”.

بخصوص الموقف التركي من تسليم مناطق شرق الفرات من قبل (قسد) للنظام السوري، قال بكير أتجان: “لا يمكن لتركيا القبول بنشر قوات النظام على الحدود السورية التركية، لأنها كانت سبب هذه الفوضى في المنطقة، وتسببت في مقتل آلاف السوريين، كما أن النظام هو من قام بتسليم هذه المناطق للوحدات، عام 2012”.

تبقى العلاقات الأميركية التركية مرهونة بمدى التفاهمات التي تحملها الأيام المقبلة، بين الرئيسين التركي والأميركي، حول مسألة الانسحاب الأميركي من سورية، وعن الجهة التي ستملأ فراغ الانسحاب الأميركي من شرق الفرات، من حيث تحقيق المطالب التركية، بضرورة إبعاد مسلحي (وحدات حماية الشعب) المرتبطين بـ (حزب العمال الكردستاني) عن حدودها.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق