سلايدرقضايا المجتمع

“الفخيخة”.. مقبرة جماعية جديدة في الرقة

بدأ “فريق الاستجابة الأولية” التابع لـ “المجلس المحلي” في الرقة، أعماله في نبش مقبرة جماعية تضم نحو 600 قبر، اكتشفت في قطعة أرض تابعة لـ “مركز البحوث العلمية الزراعية” في قرية (الفخيخة) القريبة من مدينة الرقة.

مقبرة (الفخيخة) الجماعية هذه تُعدّ ثالث مقبرة تُكتشف في المدينة وجوارها، بعد مقبرتي (ملعب ثانوية الرشيد) المجاور لمبنى القصر العدلي في مركز المدينة ومقبرة (البانوراما) عند مدخل المدينة الجنوبي. وفي 13 كانون الثاني/ يناير الجاري، نشرت صفحة “المجلس المحلي في الرقة” مقطع فيديو يظهر فيه نائب رئيس لجنة الإعمار في المجلس مُعلنًا “انتهاء العمل في مقبرة البانوراما الجماعية، بعد استخراج 793 جثة، 430 جثة منها لدواعش، فيما سائر الجثث لمدنيين: نساء وأطفال”. وأن “العمل سينتقل لاحقًا إلى مقبرة جماعية أخرى، هي مقبرة (الفخيخة) جنوب النهر”؛ كما أوضح أن العمل في مقبرة (البانوراما) استغرق ثلاثة أشهر ونصف، نظرًا إلى عمق القبور واعتماد “فريق الاستجابة الأولية” أدوات يدوية في الحفر.

من جانب آخر، أشار ناشطون إعلاميون محليون إلى أن المقبرة الجديدة تضم جثث معتقلين، كان تنظيم (داعش) قد اعتقلهم وصفاهم في معسكرات الاعتقال التابعة له، إبّان سيطرته على مدينة الرقة بين مطلع العام 2014 ونهاية العام 2017، كما تضم جثث مقاتلين تابعين للتنظيم نفسه، قُتلوا في غارات شنها طيران التحالف الدولي على “معسكر الطلائع” قرب قرية (الفخيخة) وكان التنظيم قد حوّله إلى معسكر لإعداد مقاتليه قبل تلك الغارات.

قبل ذلك بأكثر من شهر، في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2018، أوردت صفحات تواصل اجتماعي محلية خبر العثور على مقبرة جديدة تضم عشرات الجثث، بالقرب من مفرق (الجزرة) في مدينة الرقة؛ وانتُشلت حينذاك أكثر من 50 جثة، خلال الأيام الثلاثة السابقة لذلك اليوم، جُمعتْ من مناطق متفرقة من المدينة.

وتقدّر مصادر محلية أن عدد الجثث المُنتشلة من أحياء مدينة الرقة بلغ أكثر من 4000 جثة، من دون احتساب الجثث المُكتشفة حديثًا في (الفخيخة) وتُفيد هذه المصادر أن معظم هؤلاء هم من المدنيين الذين قضوا نتيجة قصف قوات التحالف الدولي و ميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية على أحياء مدينة الرقة، في أثناء الحملة العسكرية على تنظيم (داعش) التي انتهت بطرده منها، في خريف عام 2017.

بطبيعة الحال، فإن مقابر الرقة الجماعية المكتشفة: (ملعب الرشيد) و(البانوراما) و(مفرق الجزرة) و(الفخيخة) ليست كل ما تركه إرهاب تنظيم (داعش) من جهة، وما خلفه إجرام التحالف الدولي والميليشيات الكردية من جهة ثانية، من مقابر جماعية في المدينة، بل ثمة العشرات من المقابر الأصغر حجمًا تنتشر في الحدائق العامة وحدائق البيوت، حيث اضطر الناس، إبان حصار المدينة وقصفها، إلى دفن شهدائهم فيها، بعد أن عجزوا عن الوصول إلى المقابر التي تقع على الأطراف الشرقية من المدينة، وكانت قريبة جدًا من خطوط القتال، وبسبب خشية الناس من استهداف مواكب المشيعين بالطائرات أو مدافع الهاون.

والأغلب، إن نظرنا إلى موضوع مقابر الرقة من زاوية تاريخية، أن مقابر الشهداء من المدنيين داخل المدينة وعلى أطرافها هي مقابر حديثة، تعود إلى العام 2017، وهو العام الذي اشتد فيه الحصار على المدينة، لكن هناك المئات من الناشطين المدنيين ومقاتلي (الجيش الحر) الذين اختطفهم تنظيم (داعش) وأخفى آثارهم بين صيف العام 2013 ومطلع العام 2017 -ويُرجح أنه صفاهم في الزنازين ومعسكرات الاعتقال- قد دُفنوا في مقبرة غير تقليدية. هنا تحضر (الهوتة) بوصفها القبر الجماعي الأكبر في المنطقة، وربما في سورية كلها، حيث كان التنظيم يُلقي جثث معارضيه في جوف هذا الانهدام الأرضي، في ريف الرقة الشمالي، إبان صعوده وذروة توسعه ونفوذه.

(الهوتة) بحسب سكان المنطقة، كانت تستقبل -كلّ يوم تقريبًا- جثثًا جديدة، ليس لمعارضي التنظيم من محافظة الرقة فحسب، بل لآخرين من محافظات أخرى ومن بلدان أخرى، ممَنْ قادهم حظهم العاثر إلى الوقوع في براثن (داعش).

وبخلاف المقابر الجماعية الأخرى أيضًا، فإن التنظيم عالج وقتئذ مسألة روائح الجثث المتفسخة المنبعثة من مقبرة (الهوتة) بأن أضرم النار فيها، بعد أن أفرغ حمولة أكثر من صهريج من النفط الخام، ليكون بذلك قد قتل قتلاه مرتين: بالموت وبجعل مسألة التعرف إلى أصحاب الجثث المُلقاة فيها في منتهى الصعوبة، إذا لم تكن ضربًا من المستحيل. ولهذا قد يكون مصير المدفونين في المقابر المُكتشفة، بعد خروج (داعش) من الرقة، أفضل من مصير أولئك الذين طواهم ظلام (الهوتة).

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق