تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

هل يُعيد “التطبيع العربي” مع الأسد ملف إعادة الإعمار إلى الواجهة؟

بعد أكثر من سبع سنوات من المجازر والتهجير والنزوح والجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري، وإصرار رأس النظام على التمسك بالسلطة، بدعم إيراني روسي؛ عمدت بعض الدول العربية، كالإمارات العربية المتحدة، إلى تطبيع العلاقات مع النظام السوري، الأمر الذي يفتح باب التساؤل: هل سيكون لهذه الخطوة دور في إعادة إعمار سورية؟

الدكتور باسل الجنيدي، مدير (مركز الشرق للسياسات) رأى أن “التحركات العربية تجاه النظام السوري ستبقى ضمن الأطر العامة التي تحددها السياسات الأميركية، التي ما زالت تتمسك بعدم المشاركة في إعادة الإعمار في سورية، وبزيادة الضغوط الاقتصادية على النظام وحلفائه، حتى يتم تحقيق حل سياسي في جنيف.

وتابع الجنيدي في حديث إلى (جيرون): “المشكلة الأساسية هي عدم اتساق السياسات الأميركية، وغياب استراتيجية حقيقية تجاه سورية، كأحد نتائج الأزمة الداخلية بين مؤسسات صنع القرار في الولايات المتحدة. لذا رأينا الرئيس الأميركي دونالد ترامب يبشّر عبر (تويتر) بأن السعودية ستتكفل بدعم إعادة إعمار سورية، على الرغم من أن هذا يناقض الاستراتيجية الأميركية. وفي الوقت ذاته، نجد أن الكونغرس الأميركي يسارع إلى فرض عقوبات جديدة على النظام وداعميه، كقانون (سيزر)، وتتحرك الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي والبنتاغون، لمنع انهيار الاستراتيجية الأميركية في سورية، نتيجة قرارات ترامب”.

وأكّد الجنيدي أن “هناك دوافع اقتصادية، وأخرى تتعلق بملف اللاجئين، تدفع دولًا أوروبية وإقليمية إلى طرح خيار التطبيع مع النظام السوري، لكن الدافع الأهم يتمثل في عدم الثقة بالاستراتيجيات الأميركية في كامل الشرق الأوسط”.

الباحث محمد منير الفقير من (مركز عمران للدراسات الاستراتيجية) قال لـ (جيرون): إن “التطبيع العربي مع النظام السوري يمكن أن يكون له تأثير على مستويين: الأول يتمثل في محاولة إعادة شيء من الشرعية العربية والدولية لنظام الأسد، والثاني يتمثل بمدى قدرة الدول العربية، والخليجية منها تحديدًا، على أن تساهم في إعادة الإعمار، أو ما يمكن أن نسميه (عمليات التعافي المبكر)، ومن ثم ننتقل إلى مرحلة إعادة الإعمار”.

وأضاف الفقير: “بمعزل عن قانون (سيزر)؛ من الممكن لهذا التطبيع أن يمنح النظام شيئًا من الشرعية الدولية، لكنه لن يمنحه المشروعية الشعبية التي ستسهم في تحسين فرصه المستقبلية، بتمرير عملية إعادة الإعمار، وهو الأمر الذي يلبي الغايات الروسية”. وأضاف: “الدول العربية التي بدأت التطبيع مع النظام، كالإمارات العربية المتحدة، ولاحقًا المملكة العربية السعودية، لن تكون قادرة بمفردها على تمويل إعادة إعمار سورية؛ لأن الموضوع يستدعي تضافر جهود دولية متعددة، وبخاصة دول الاتحاد الأوروبي وأميركا، التي تربط موضوع إعادة الإعمار بضرورة التوصل إلى حل سياسي، ضمن القرارات الدولية حصرًا، وليس وفق الرؤية الروسية. إضافًة إلى ربطها إعادة الإعمار بعودة اللاجئين والمهاجرين، بطريقة آمنة ومستدامة”.

تطرّق الفقير إلى القرار الأوروبي بفرض عقوبات على 13 رجل أعمال وشخصيات مرتبطة بالنظام، ورأى أن ذلك قد يفتح الباب لفرض مزيد من العقوبات على رجال أعمال آخرين، سواء أكانوا وكلاء لمنظومات أو لدول إقليمية تعمل على ملف إعادة الإعمار كروسيا و إيران، أو وكلاء أصليين. وعن طريق (قانون سيزر) سيكون هناك سلسلة من الإجراءات، بحق كل من يتحكم أو يتصرف بأملاك اللاجئين بحجة إعادة الإعمار. وتابع: “هذا القرار الأوروبي و (قانون سيزر)، سيكونان سيفًا مسلطًا على كل من يفكر في إعادة شرعنة نظام الأسد”.

لن تستطيع الدول الخليجية، بحسب الفقير، تحمل نفقات إعادة الإعمار في سورية؛ “لأن الموضوع لا يرتبط بهم فحسب، بل يرتبط بموقف أوروبي ثابت تجاه ملف إعادة الإعمار، وهو أن أوروبا لن تدفع دولارًا واحدًا؛ ما لم تُحل قضية اللاجئين، ويتم التوصل إلى حل سياسي حقيقي وفق القرارات الدولية.

من جانب آخر، رأى المحلل السياسي محمود الحمزة أن إعادة الإعمار في سورية مرتبطة بالتغيير السياسي الضروري لتحقيق الاستقرار. وأضاف لـ (جيرون): “ذلك يعني إيجاد حل سياسي يرضي الشعب السوري الذي ضحى بملايين الشهداء والمهجرين والنازحين. أما مسألة عودة السفارات، فإنها لا تغيّر شيئًا جوهريًا في الوضع، لأن دولة مثل الإمارات العربية المتحدة لن تغامر بتمويل إعادة الإعمار، في بلدٍ غير مستقر وتهيمن عليه عدة دول”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق