تحقيقات وتقارير سياسيةسلايدر

تسريبات “صفقة القرن”: دولة فلسطينية على 90 بالمئة من أراضي الضفة، والأقصى تحت سيطرة الاحتلال

الإدارة الأميركية تمهد الطريق لطرح خطة مرفوضة من طرفي الصراع!

تتوالى التقارير الإعلامية الإسرائيلية التي تزعم الكشف عن تفاصيل جديدة، تتعلق بما يسمى “صفقة القرن” التي يخطط لها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكان آخرها ما كشفت عنه قناة “ريشيت 13” (القناة العاشرة الإسرائيلية سابقًا)، في تقرير بثته قبل أيام، قالت فيه “إنّ إقامة الدولة الفلسطينية ستكون على حوالي 90 بالمئة؜ من أراضي الضفة المحتلة، وستشمل إقامة عاصمة فلسطينية تضم بعض البلدات في شرق القدس المحتلة، في حين تقام عاصمة إسرائيلية في غرب القدس، وتضم عددًا من الأحياء العربية في القدس، إضافة إلى محادثات لتبادل الأراضي بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل”.

  • الأماكن المقدسة تحت سيطرة “إسرائيل”!

تقضي الخطة الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية، التي تزعم إدارة ترامب أنها لـ “ترسيخ السلام في الشرق الأوسط”، بحسب ما كشفت القناة الإسرائيلية، بإخضاع البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة، حيث يقع المسجد الأقصى المبارك وسائر الأماكن المقدسة، تحت سيطرة سلطات الاحتلال.

كما تقضي خطة ترامب بتقسيم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى ثلاث مجموعات، تضم المجموعة الأولى المستوطنات الكبرى مثل “غوش عتصيون”، “معاليه أدوميم” وغيرها، وسيتم ضمها للدولة العبرية، وتضم المجموعة الثانية المستوطنات المعزولة كمستوطنة “إيتمار”، “يتسهار” ولن يتم إخلاؤها، ولن يُسمَح لهذه المستوطنات بالتوسع وسيتم تجميد البناء بها، في حين تضم المجموعة الثالثة البؤر الاستيطانية غير القانونية، وتنص الخطة على إخلاء هذه المجموعة من المستوطنات.

ترامب يأمل بأن يعلن نتنياهو عن قبول صفقة القرن

وحول الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية والبلدة القديمة بالقدس المحتلة وبعض الأحياء القريبة من البلدة القديمة، كسلوان وجبل الزيتون، فإن خطة ترامب تشمل وضع هذه المناطق تحت سيادة سلطات الاحتلال، في حين تتم إدارة هذه المناطق بشكل مشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين والأردن، وربما تكون هناك دول أخرى أيضًا. غير أنّ البيت الأبيض نفى ما يتم تداوله بهذا الخصوص، وهو ما انتقدته السلطة الفلسطينية مشدّدة على أن “لا مجال لتحقيق أيّ تقدم في هذه الصفقة المزعومة”.

  • الجلوس على طاولة واحدة

في السياق، شدّد وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، على ضرورة تشجيع الفلسطينيين والإسرائيليين على الجلوس معًا، مشيرًا إلى أنّ بلاده تعتزم اتّخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق الاتصال البناء بين الطرفين.

وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو

وقال بومبيو في تصريحات له، الأربعاء 23 الشهر الحالي: “أثق في أننا عند نقطة يمكننا من خلالها حل الخلافات الرئيسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والجمع بينهما من أجل القضاء على مشكلات تزعج العالم منذ مدة طويلة”.

وأوضح بومبيو، في ما خصّ “صفقة القرن”، أنّ صهر الرئيس الأميركي ترامب ومستشاره: جاريد كوشنير، عمل بشأنها مع الممثل الخاص لترامب لعملية السلام جيسون غرينبلات. وقال: “سيتخذون خطوات مهمة من أجل تحقيق السلام”، مشدّدًا على أنّ “فلسطين وإسرائيل مضطرتان إلى الجلوس على طاولة واحدة بأي شكل، فالأزمة مستمرة بينهما منذ عشرات السنين”.

وتابع حديثه قائلًا: إنّ “الولايات المتحدة تعتزم، بعد الانتخابات الإسرائيلية، اتّخاذ الخطوات اللازمة من أجل تحقيق اتصال بناء بين الطرفين”.

ونقلت مصادر إعلامية إسرائيلية، عن مصدر شارك في إحاطة لأحد المسؤولين الكبار في البيت الأبيض، أجريت خلال الأيام الماضية، استعدادًا لطرح الخطة، أنّ الإدارة الأميركية تستعد لطرح الصفقة/ الخطة، خلال الأشهر المقبلة.

وفي تفاصيل أكثر حول “صفقة القرن” أفادت قناة (ريشيت 13) بأنّ الصفقة تتضمن إقامة دولة فلسطينية في منطقة تزيد مساحتها عن ضعف مساحة المناطق (أ) و(ب)، الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، وأكدت أنّ المساحة قد تشكل من 85 إلى 90 بالمئة من مجمل مساحة الضفة الغربية المحتلة.

وتُقسم الضفة الغربية، بحسب “اتّفاق أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل” عام 1993، إلى ثلاث مناطق: (أ) و(ب) و(ج). وتسيطر السلطة الفلسطينية حاليًا على المنطقة (أ) و(ب)، فقط وهي تضم المدن الكبرى، وتبلغ نحو 40 بالمئة من مساحة الضفة، فيما تسيطر “إسرائيل” بشكل كامل على المنطقة (ج) التي تشكل نحو 60 بالمئة من مساحتها.

وبحسب القناة الإسرائيلية، فإنّ تقديرات الرئيس ترامب تشير إلى أنّ السلطة الفلسطينية سترفض الصفقة المقترحة، ولكن ترامب يأمل بأن يعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبولها.

وأشارت قناة (ريشيت 13) إلى أنّ ترامب أراد نشر (خطة السلام) خلال الأسابيع الماضية، إلّا أنّ مقربيه نصحوه بالانتظار حتى الانتهاء من انتخابات الكنيست المقررة في التاسع من شهر نيسان/ أبريل المقبل.

وكان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس قال، في تصريح خلال جولته في الشرق الأوسط العام الماضي، إنّه لن يتم الإعلان عن الصفقة قبل نهاية العام 2019.

وتوقع داني دانون، سفير “إسرائيل” لدى الأمم المتحدة، في تصريحات للصحافيين في وقت سابق، أن لا يتم الكشف عن “صفقة” ترامب، قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من الشهر الرابع من العام الحالي.

  • الفلسطينيون لترامب: “طريقك مسدود”

الرئاسة الفلسطينية قالت، في أول رد لها تعقيبًا على ما ورد في تقرير القناة الإسرائيلية، على لسان الناطق الرسمي باسمها نبيل أبو ردينة: إنّ “استمرار بث الإشاعات والتسريبات حول ما يسمى بملامح صفقة العصر التي تتحدث عنها الإدارة الأميركية، إضافة إلى الاستمرار في محاولة إيجاد أطراف إقليمية ودولية تتعاون مع بنود هذه الخطة، إنّما هي محاولات فاشلة ستصل إلى طريق مسدود”.

وأضاف أنّ “العنوان لتحقيق السلام العادل والدائم، هو القيادة الفلسطينية التي تؤكد أنّ أيّ طروحات تتعلق بالمسيرة السياسية يجب أن تكون على أساس الشرعية الدولية، ومبدأ حل الدولتين لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.

إلى ذلك، رأى مراقبون ومحللون سياسيون إسرائيليون أنّ حكومة بنيامين نتنياهو سترفض “صفقة” ترامب، وهذا ما أكدته وزيرة ثقافة الاحتلال ميري ريغف، المقربة من نتنياهو، والتي تعبر عن مواقف (حزب الليكود) الحاكم، حيث أكدت أنّ “إسرائيل ترفض قيام دولة فلسطينية بين نهر الأردن والبحر المتوسط”.

وخاطبت ريغف الرئيس ترامب، في تصريحات إعلامية إثر بث تقرير قناة (ريشيت 13) في 17 الشهر الجاري، بقولها: “أيها الرئيس ترامب، إسرائيل هي لمصلحة مواطنيها قبل أيّ شيء. وينبغي أن يأخذ أيّ اتّفاق مستقبلي بالحسبان أنّه بين البحر والنهر ستكون القومية اليهودية فقط، ولن تكون هنا دولة فلسطينية”.

وفي تغريدة على موقع (تويتر) قال جيسون غرينبلات، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، وأحد مهندسي الخطة الرئيسيين: إن تقرير القناة الإسرائيلية “غير دقيق”. لكنه لم يحدد الجزء غير الصحيح فيه.

وبيّن غرينبلات في تغريدته أنّ “التكهنات بشأن محتوى الخطة لا تفيد. قلة على الكوكب تعرف ما تنطوي عليه… في الوقت الحالي”، مضيفًا أنّ “نشر أخبار كاذبة أو مشوهة أو منحازة، في وسائل الإعلام، أمرٌ غير مسؤول ويضر بالعملية”.

من جهة ثانية، قال الأكاديمي والخبير في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية أحمد فؤاد أنور: إنّ “الإدارة الأميركية تعلم أنّ الصفقة ستكون مرفوضة من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وأنّ ما تحمله من مزايا كبيرة لأيّ طرف لن يكون كافيًا للقبول بها، ولذلك عمدت إلى المناورات تارة، والوضوح تارة أخرى من خلال رغبتها في تسويق الصفقة”.

جدير بالذكر أنّ ما كشف من تفاصيل سربتها وسائل إعلام العدو الصهيوني، حول “صفقة القرن”، لم يشر إلى مصير اللاجئين الفلسطينيين الذي يُعدّ أحد النقاط المحورية، في أيّ حلٍ مستقبلي للقضية الفلسطينية، كما لم يتناول وضع قطاع غزة في هذه الصفقة المرفوضة فلسطينيًا من قبل القوى السياسية والشعبية، في الداخل الفلسطيني وفي الخارج.

ولم يهدأ الجدل حول “صفقة القرن” منذ أعلنها الرئيس ترامب، لا بل هو في تزايد مستمر، بسبب الغموض الذي يحيط بها، وعلى الرغم مما تردد وما كتب وما أعلن عنه، ما زالت تفاصيلها الدقيقة غائبة، كما موعدها وسياقات تطبيقها. وهي -وإن ظلت محل متابعة ومصدر اهتمام من قبل طرفي الصراع- بصيغتها المسربة مؤخرًا مرفوضةٌ، من ألفها إلى يائها في القاموس السياسي الفلسطيني، ذلك لأنّ لا أحد في المشهد السياسي الفلسطيني، في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وفي الشتات، يملك الحق في التفريط بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمها أنّ “القدس عاصمة الدولة الفلسطينية”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق