قبل اندلاع الصراع في سورية ونشوء أزمة اللاجئين، كان من المستبعد أن يضطرّ الشعبان الإيرلندي والسوري إلى التفاعل، حيث إن ثقافتهما وهويتهما -في كثير من النواحي- مختلفتان تمامًا، فضلًا عن أنهم غرباء عن بعضهم البعض. للوهلة الأولى، يبدو هذا صحيحًا، ولكن بعد لجوء أكثر من 2000 مهاجر سوري إلى إيرلندا، أثبت التفاعل بين شعبي البلدين أن هناك قواسم إنسانية أساسية مشتركة، كان لها تأثير إيجابي كبير، في بعض المجتمعات على طول إيرلندا.
أحد الأمثلة على ذلك، كان مبادرة لمزرعة اجتماعية[1] في غرب إيرلندا، التي أعطت الفرصة للمزارعين اللاجئين من سورية في العمل، وتبادل خبرات الحياة الزراعية، وخلق علاقة متعايشة من خلال الشراكة، ففي مقابل رعاية الحيوانات ومنتجات المزرعة، يكون المزارعون قادرين على توسيع معرفتهم بالممارسات الزراعية، وتوسيع دوائرهم الاجتماعية.
مع ذلك، لم تكن كل تجارب المهاجرين إيجابية، بسبب الإجراءات الإيرلندية المعقدة وغير المبررة لطالبي اللجوء[2] التي ينتج عنها ظروف معيشية سيئة، وتحديد للدخل، وعدم القدرة على العمل، إضافة إلى قضايا أخرى.
بالنسبة إلى السوريين القادمين إلى إيرلندا، كانت التجارب متفاوتة. ففي عام 2017، وصل 334 لاجئًا من خلال مركز الاستقبال والتوجيه للحالات الإغاثية في بالاغادرين، وهي بلدة صغيرة تقع جنوب غرب إيرلندا، مع وجود 215 شخصًا من المحليين في مركز البلدة، بحسب بيانات نيسان/ أبريل 2018. بينما الهدف من المركز هو أن يكون مجرد نقطة إقامة مؤقتة، فقد كان من الواضح أن توفير الموارد المؤقتة غير كاف وغير متاح، سواء لسكان البلدة أو للاجئين. وقد تجلى ذلك في زيادة الضغط على أطباء الجراحة المحليين، مع وجود قوائم انتظار يومين بغرض المعاينة، والحاجة إلى أطباء من بلدات أخرى، لمواجهة تدفق الاحتياجات الطبية الدقيقة للاجئين.
على الرغم من مخاوف السكان المحليين في البداية، فقد كان هناك دعم لا يُصدق للاجئين، وقد بذل السكان المحليون جهودًا هائلة لدمجهم في الحياة الإيرلندية. وفي معرض حديثها أثناء الترحيب باللاجئين في مجتمعها، قالت ماري غالاغر، وهي صاحبة متجر محلي[3]: “نشأنا لنفكر في ما إذا كان هناك شخص محتاج، وأنهم قد طُردوا من أوطانهم… حين ترى طفلًا في حلب يتم انتشاله من الوحل، كيف يمكنك أن تقول لا يمكنني؟ إن قول (لا) هو خيانة لكل شيء نشأنا نحن عليه”. إضافة إلى هذا، تم تسمية البلدة بـ “مجتمع السنة” في جوائز العام السنوية في إيرلندا في عام 2018 تقديرًا للإيثار المُلهم وروح المجتمع التي أظهرها مجتمعنا[4]” تجاه السكان الجدد.
من الواضح أن هناك علاقة تنشأ بين الشعبين السوري والإيرلندي، وبينما لا تزال هناك قضايا هيكلية، يجب اختبارها على المستوى العلمي، يبدو أنها البداية الوحيدة لأشياء مهمّة مقبلة.
[1] https://www.unhcr.org/news/stories/2019/1/5c4884d94/syrian-farmers-land-ireland.html?fbclid=IwAR3mWxvvqwTjk-gB5ueJY7NZ-b4eTo7jLQH8rqLaKl7a2MHcU-I265XyNik
[2] http://www.nascireland.org/campaigns-for-change/direct-provision/
[3] https://www.youtube.com/watch?v=8Osw0FcFb78
[4] http://www.roscommonpeople.ie/news/48-news/ballaghaderreen-named-community-of-the-year