يعود إلى الواجهة الدور البريطاني، كفاعل مهم في ملف القضية السورية، بعد مرور وقت طويل لم تتطرق فيه الحكومة البريطانية جدّيًا إلى رؤيتها حول مستقبل الحل في سورية، ولا سيما بشقه السياسي، ويُثار تساؤل حول إمكانية واحتمالات عودة بريطانيا للعب دور فعال يحقق رؤيتها بما يتعلق بسورية.
قال المبعوث البريطاني الخاص إلى سورية مارتن لانغدن، أمس الثلاثاء: إن “الأوروبيين على اقتناع تام بأنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في سورية”. مضيفًا: “من دون عملية إصلاح سياسي ومصالحة شاملة؛ ستظل سورية محركًا لعدم الاستقرار في المنطقة”.
وأوضح لانغدن، بحسب صفحة الحكومة البريطانية من أجل سورية “UK for Syria” على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أن “نظام الأسد الذي تزداد ثقته بنفسه، بعد إمكانية عزلة من قبل قوى المعارضة، لا يرى أي فائدة بتقديم أي تنازلات سياسية أو الدخول في أي نوع من المفاوضات الهادفة إلى إنهاء هذه الحرب. وإنه لمخطئ بالأساس”.
في سياق التحولات التي طرأت على المواقف البريطانية إزاء الوضع في سورية، رأى الأكاديمي والمعارض السوري عمار الجميل، في اتصال معه من السويد، أن “الحكومة البريطانية ما زالت تولي أهمية استراتيجية لمصالحها في سورية، لكن بالتأكيد إن أولوية هذا الملف تراجعت لدى أجندة الحكومة، بسبب قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما أظهر الموقف البريطاني فاترًا أمام عدة قضايا تتعلق بمصالحها في سورية”.
وأضاف الجميل لـ (جيرون): “منذ اقتصار الفاعلية السياسية الدولية على البلاد الراعية لاجتماعات أستانا: (روسيا وتركيا وإيران)، بدأ الموقف الأوروبي -ومن ضمنه البريطاني- بالفتور، حيث انخفضت نسبة التصريحات للمسؤولين البريطانيين حول سورية، باستثناء ملف مكافحة تنظيم (داعش)، لكنها في الأيام الماضية عادت لتعبّر عن مواقفها”.
وأضاف: “هذا لا يعني أن بريطانيا ستتراجع عن حماية مصالحها في سورية، ولا سيما مواجهة توسع النفوذ الروسي هناك، لذلك كانت بريطانيا حاسمة في توجيه ضربات مطار الشعيرات للنظام السوري، وهي تمتلك المقدرة، وعدة مسارات وخيارات لإعادة تفعيل دورها مجددًا وبقوة في الملف السوري، لكن المرجح أنها لن تقوم بذلك، على المدى المنظور، لكن بالمقابل فإن مرحلة الدخول الجدي في العملية السياسية في سورية، ومرحلة إعادة الإعمار والاستقرار، هي المرحلة التي تريد بريطانيا -على الأرجح- لعب دور بارز فيها، كما هي رؤية الاتحاد الأوروبي أيضًا”.
من جهة ثانية، أكد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، أول أمس الاثنين، أن “ليس هناك أفق كي تذهب قوات بريطانية لتحل محل نظيرتها الأميركية”.. مشيرًا إلى أن بلاده “لن تدير ظهرها إلى الشرق الأوسط، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وستبقي على علاقاتها مع العالم العربي أكثر من أي وقت مضى”.
من الجدير بالذكر أن الممثل البريطاني الخاص إلى سورية مارتن لانغدن، قد أعلن في كانون الثاني/ يناير الماضي، تمسك بريطانيا بموقفها من النظام، من حيث إعادة العلاقات الدبلوماسية معه، قائلًا: إن “نظام الأسد فقد شرعيته، بسبب ما ارتكبه من فظائع ضد الشعب السوري؛ لهذا السبب أغلقنا السفارة البريطانية في دمشق في 2012، وليس لدينا نية لإعادة فتحها. وهذا كل ما لدينا بهذا الشأن”.
وكان وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت قد أعلن، في 3 كانون الثاني/ يناير، أن “موقف بريطانيا الثابت منذ وقت طويل هو أنه لن يكون هناك سلام دائم في سورية مع هذا النظام، لكن للأسف، نعتقد أنه سيبقى لبعض الوقت”.