قالت مصادر خاصة لـ (جيرون) إن روسيا اليوم تسعى لتأخير ملف اللجنة الدستورية و”حرمان النظام مؤقتًا من دعم سياسي”، وذلك ريثما تستطيع ضمان أن تكون “الكعكة السورية بيدها وبعيدة من طهران”، وأشارت إلى أن تصريحات لافروف، أول أمس، عن “صعوبة الحديث” حول “مواعيد محددة” لتشكيل اللجنة تأتي في هذا السياق.
وعلمت (جيرون) أن واشنطن اليوم لم تعد راغبة في اللجنة الدستورية، وباتت تراها فارغة من المعنى، في الوقت الذي تدفع سياسيًا من أجل تحويل الدفة إلى مسار جنيف مجددًا، وهو ما أشار إليه المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون في إحاطته الأولى، نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي، حين قال إن “هناك حاجة إلى جلب السوريين إلى مفاوضات حقيقية، تحت رعاية الأمم المتحدة؛ لإنهاء الصراع المدمر في بلادهم، والشروع ببداية جديدة”.
وأكدت المصادر أن روسيا “غير راضية بتاتًا عن زيارة الأسد إلى طهران”، كما أنها اليوم “تريد بطريقة أو بأخرى أن تدفع بدول -وليست هي شخصيًا- إلى إضعاف إيران في سورية، ودفعها نحو الخارج”، ولذلك “رأينا توافقات واضحة بين الروس والإسرائيلين في الأيام الماضية، كما نرى الجولة التي يجريها لافروف إلى دول الخليج العربي”.
وقالت عضو اللجنة الدستورية مرح بقاعي، في تصريحات لـ (جيرون) إن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الخليج تأتي على خلفية “معرفة روسيا أن لدى دول الخليج موقفًا ثابتًا حيال إيران، وهم يريدون استغلاله”، كما أن روسيا تعلم أن لدى السعودية “موقفًا متشددًا في دعم المعارضة، ولن تنساق بسهولة نحو الرغبات الروسية كاملة”.
وأشارت إلى أنه في حال لم يكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يعلم بزيارة الأسد إلى طهران قبل أيام، فإن ذلك يرجح أن تكون روسيا أيضًا لا تعلم بها، “ما قد يشكّل نقطة تحوّل في علاقة بوتين بالأسد، تغيّر كل المعادلةً”، وأكدت أن على المعارضة أن “تعي وتستفيد من هذه التناقضات بالقدر الممكن لتحقيق الانتقال السياسي”.
وتواجه الرغبة في تشكيل ملف اللجنة الدستورية تراجعًا واضحًا في أروقة الأمم المتحدة، بحسب المصادر، كما أن واشنطن اليوم تريد دفع العملية نحو جنيف، وتدعم الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون الذي لم يُشر إلى اللجنة الدستورية على أنها أولية، وشدد على أهمية العودة “نحو مفاوضات حقيقية” تحت المظلة الأممية.
وأكدت المصادر أن عدم رغبة واشنطن في التوجه نحو اللجنة الدستورية يأتي من أن تشكيلها يعني أن العملية السياسية ستذهب وفق مسار سوتشي، بوجود الإيرانيين في البلاد. وهو ما لا تريده واشنطن، ولذلك هي تحاول دفع العلمية نحو أروقة الأمم المتحدة، من دون وجود يذكر لإيران في السياق.
في غضون ذلك، يصل وفد من “هيئة التفاوض السورية” إلى واشنطن، اليوم الأربعاء، لبحث الملف السوري، وقالت مصادر في الهيئة لـ (جيرون) إن لدى الهيئة “عدة لقاءات في العاصمة الأميركية”، وأبرز ما ستشدد عليه الهيئة خلال اللقاءات “هو تفعيل العملية السياسية الأممية، واستبعاد النظام وحزب العمال الكردستاني من منطقة شرق الفرات”.
وكانت الهيئة قد بحثت مع وزير الخارجية الروسية الملف السوري، في العاصمة السعودية الرياض، وتحديدًا “الوضع في إدلب ومناطق التسويات، العملية السياسية واللجنة الدستورية، إجراءات بناء الثقة والمعتقلين والبيئة الآمنة والمحايدة، جهود محاربة الإرهاب”، بحسب ما ذكر رئيس الوفد المفاوض في الهيئة نصر الحريري، عبر حسابه في (تويتر) أمس الثلاثاء.
وفي سياق الحديث عن اللقاء، قال عضو هيئة التفاوض إبراهيم الجباوي، في تصريح لـ (جيرون) إن “لقاء الهيئة مع لافروف كان بهدف الاطلاع على آخر نيّات روسيا، إن صدقت”، وأضاف أن لافروف قال إن بلاده “تجهد لإحلال السلام في سورية”، وتابع الجباوي أن “ما يميز تلك التعبيرات (تعبيرات لافروف) أنها تقر بمظلة الأمم المتحدة على العملية السياسية عامة، وعلى اللجنة الدستورية خاصة”، كما لفت إلى أن اللقاء “تناول الحديث أيضًا عن إجراءات بناء الثقة والمعتقلين والمخيمات المحاصرة في الداخل”،
ورأى الجباوي أن لافروف “يحاول -من خلال جولته- حث الدول العربية على إعادة التطبيع مع النظام، وهذا ما لم يلقه هناك، إضافة إلى إعادة الإعمار الوهمية التي تسعى لها روسيا، وقد فشلت في ذلك”، وشدد على أن “روسيا اليوم تبحث عن نصر سياسي ولو كان وهميًا”، وذلك “بعد أن تستكمل نصرها العسكري الذي سيكون وهميًا، والذي أحرزته ضد الشعب السوري الأعزل”، وعدّ أن روسيا “شاركت النظام في عمليات القتل، وحمته من السقوط المحتم، وأنكرت حقوق الشعب وتطلعاته إلى دولة حرية وعدالة وكرامة”.
في السياق، قالت وزارة الخارجية الأميركية، أمس الثلاثاء، إن القوات الأميركية التي ستبقى في شمال شرق سورية “ستكون جزءًا من قوة متعددة الجنسيات، تهدف إلى منع عودة تنظيم (داعش)، ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وجاء على لسان المتحدث باسم الخارجية روبرت بالادينو أن “عملية تخفيض القوات ستتواصل”، وأضاف: “بينما تتم عملية الانتقال، فإننا سنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء من أجل تنظيف المناطق المحررة، وتنفيذ عمليات محددة لمكافحة الإرهاب ودعم جهود إعادة الاستقرار”، وأكد أن “المحادثات مستمرة بين واشنطن وحلفائها، بشأن مستقبل المنطقة”، وفق ما نقلت قناة (الحرة) الأميركية.