شهدت مدن وبلدات محافظة الحسكة، اليوم الخميس، احتفالات شعبية واسعة، بمناسبة عيد النوروز أو ما يعرف بـ (عيد الربيع) الذي يحتفل به أبناء المكون الكردي في سورية، وسط إجراءات أمنية مشددة.
انطلقت آلاف العوائل في مدينة القامشلي، منذ الصباح الباكر، إلى الأماكن المخصصة للاحتفال خارج المدينة، في مناطق (هيمو، وطريق القحطانية، ومزكفت، وطريق عامودا، عين ديوار) حيث خصصت (الإدارة الذاتية) أماكن للاحتفال، وسط إجراءات أمنية مشددة على الطرق العامة ومداخل الحارات، بدأت منذ عدة أيام، خشية من تكرار تفجيرات 2015 التي أودت بحياة عشرات المدنيين إبان احتفالهم بالنوروز في مدينة الحسكة. وذلك بحسب ما أفادت مصادر (جيرون) في المدينة.
تضمنت الاحتفالات، التي بدأت منذ يومين، إشعال النيران وإقامة حفلات الرقص والغناء، ونصب المسارح والمنصات، والعروض الكرنفالية، ولبس الأزياء الكردية، بمشاركة المدنيين من مختلف الأعمار، رجالًا ونساء، وبمشاركةٍ من ممثلي منظمات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية الكردية، والمؤسسات التابعة لـ (الإدارة الذاتية).

دريا شمدين، طالبة جامعية من مدينة القامشلي، ذكرت لـ (جيرون) أن الاحتفالات هذه السنة تميزت “بالتجهيز الجيد، واستعراض الكرنفالات والأزياء الكردية التقليدية، وتقديم الأطعمة الشعبية، حيث خرج اليوم معظم الناس إلى الطبيعة، للاحتفال في كل مناطق الحسكة، من رأس العين إلى عامودا إلى القامشلي إلى ديريك وعين ديوار. الكل فرح ومبتهج، ونأمل أن ينتهي اليوم على خير”.
من جهة ثانية، قال كلال، وهو شاب من حي قناة سويس في القامشلي، لـ (جيرون): “اليوم، نحتفل بالنوروز علانية وبحريّة تامة، بالمقارنة مع الاحتفالات التي كانت تتم قبل عام 2011، إذ كان يشوبها خوفٌ من أجهزة النظام الأمنية التي كانت ترسل عيونها وترصد كل التفاصيل وتتابع كل الحركات، وقد كان مجرد رفع علم كردستان، يُعدّ جريمة، تودي بك إلى السجن، ومع ذلك كان البعض يغامر ويرفع العَلم”.
أضاف كلال: “اليوم، نحتفل وكل شيء في هذا العيد متاح.. كل الشعارات السياسية الكردية مطروحة ومرفوعة، لقد أصبح هذا اليوم مناسبة سياسية وقومية بامتياز، تشارك فيها كل الأحزاب والمنظمات، وهو فرصة لإظهار إرادة الشعب الكردي بالحياة، وتخفيف أثر المعاناة التي مرّ بها خلال السنوات الماضية”.

لم تقتصر احتفالات النوروز في مدينة القامشلي على الأكراد، بل شاركهم شباب من المكون السرياني والعربي، في سعي لتأكيد قيم التعايش في المدينة التي تضم عدة مكونات. وفي ذلك، قال عدنان، وهو شاب من حي الخليج في القامشلي، لـ (جيرون): “هناك عدد لا بأس به من عرب المنطقة، ممن يحتفل بعيد النورزو مشاركًا جيرانه من الأكراد، والبعض يقصد أماكن التجمع المعتادة للمشاركة في فعاليات هذا العيد الشعبي، مع وجود تخوفات لدى البعض، ومحاولة للابتعاد من طقوس هذه الاحتفالات، بسبب محاولة تسييسها من قبل الأحزاب السياسية”.
في سياق الاحتفال بعيد النوروز، احتفلت عدة مدن وبلدات في الشمال السوري بالعيد، منذ أمس الأربعاء، عبر إشعال النيران التي تُعدّ رمزًا لهذا العيد، كما شارك عدد من الناشطين في ريف حلب الشمالي، في احتفالات النورزو في بلدة الباسوطة في عفرين، للمرة الأولى منذ بسط القوات التركية نفوذها على المنطقة، بمشاركة عناصر “الجيش الحر”، إضافة إلى احتفالات مشابهة، في مدن الرقة وتل أبيض وعين العرب (كوباني).
https://www.facebook.com/Iesakhuder/videos/1781706481930187/
من احتفالات النوروز في بلدة الباسوطة في عفرين
يذكر أن كلمة (نوروز) مؤلفة من مقطعين صوتيين، هما (نو) و(روز)، وتعني “اليوم الجديد”، وتحتفل به الشعوب الكردية والآذرية والفارسية، كرمز لدخول فصل الربيع، كما يُعدّ هذا اليوم رمزًا قوميًا لدى الأكراد، ويرتبط بنضالهم ضد الظلم والاستبداد، حيث تروي الحكاية الشعبية أن البطل كاوا الحداد نجح، في ليلة النوروز، في القضاء على الطاغية “ضحّاك” الذي حاول استعباد الشعب الكردي، وكان إشعال النار على رأس الجبل علامة للخلاص والتحرر، لتبدأ الأفراح في اليوم التالي الذي سمّي “نوروز”.