سلايدرقضايا المجتمع

الأرض الفلسطينية.. ويومها

20 بالمئة من فلسطينيي الداخل المحتل يعيشون على مساحة 2.5 بالمئة من أرضهم

يحيي أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل، وفي القدس والضفة الغربية وقطاع غزّة، وفي مخيمات اللجوء في البلدان العربية والشتات، في الثلاثين من آذار/ مارس من كل عام، ذكرى يوم الأرض، وهو اليوم الذي يعدّ أوّل مواجهة مباشرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948، وقد راح ضحيته 6 شهداء برصاص قوات الاحتلال في 30/ 03/ 1976، وذلك بهدف تجديد تشبثهم بأرضهم العربية، وبحق العودة الذي تعمل حكومة بنيامين نتنياهو اليوم، بالتعاون مع حليفها القوي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على شطبه نهائيًا.

يوم السبت 30 آذار/ مارس 2019، شارك فلسطينيو الداخل المحتل من (الجليل والمثلث والنقب)، في المسيرة التقليدية المركزية في مدينة سخنين، لإحياء الذكرى الـ 43 ليوم الأرض، للتأكيد على أنّ أبناء فلسطين التاريخية مستمرون في نضالهم للبقاء على أرضهم من دون أيّ مساومة، وأنّهم يرفضون أيّ مشروع تهجيري من أرض الآباء والأجداد، مهما كانت إغراءات الاحتلال.

(لجنة المتابعة والمجلس المحلي واللجنة العشبية) وهي أبرز هيئات العمل الوطن بالداخل المحتل، أصدرت بمناسبة إحياء الذكرى الـ 43 ليوم الأرض بيانًا، وصلت إلى (جيرون) نسخة منه، دعت فيه الجماهير العربية في فلسطينيي الداخل، إلى أوسع مشاركة جماهيرية في مختلف نشاطات إحياء هذه الذكرى. مشدّدة على أهمية أن تشكّل الذكرى “صرخة جماهيرية واسعة، في مواجهة سياسة التمييز العنصري، سياسة الحرب والاحتلال، خاصّة في هذه الأيام التي يشتد فيها العدوان على شعبنا الفلسطيني، بالعدوان الحربي الواسع على قطاع غزّة، والحصار الجغرافي والاقتصادي على شعبنا، في القطاع والضفة الغربية المحتلة”.

  • مواجهة جرائم الاستيلاء على الأرض

شارك، يوم الجمعة 29 آذار/ مارس، المئات من الفلسطينيين في مسيرة في الجديدة المكر، قضاء مدينة عكا، ضد ما يسمّى “مخطط طنطور”، وذلك بتنظيم أعدّت له (لجنة المتابعة)، وهو يهدف إلى مصادرة أراضٍ فلسطينية خاصّة لبناء مدينة غيتو عربي جديد، ولتفريغ أهالي عكا من البلدة القديمة، ضمن خطة تهويد الجليل، التي بدأت منذ النكبة حتى اليوم؛ إذ لم تتوقف جرائم الاستيلاء على الأرض، ولا هدم البيوت ولا التهجير القسري.

من مسيرات إحياء ذكرى يوم الأرض في الداخل الفلسطيني المحتل

محمد بركة، رئيس (لجنة المتابعة)، قال في تصريحات صحفية تزامنت مع إحياء الذكرى الـ 43 ليوم الأرض: “على مدار 70 عامًا من عمر النكبة، شاهدنا وخبرنا موجات مصادرة هائلة من أراضي فلسطين التاريخية. بعد النكبة، كنا نملك 80 بالمئة من مساحة الأرض، أما اليوم فنحن لا نملك سوى ثلاثة ونصف بالمئة منها. اثنان ونصف في المئة فقط ضمن مسطحات قرانا ومدننا، ولا يُعقل ومن غير المقبول منطقيًا، أبدًا، أن يعيش 20 بالمئة من المواطنين على مساحة 2.5 بالمئة من الأرض. هذا شكل من أشكال الغيتو الذي يفرض على المجتمع الفلسطيني العربي التحرك، وهذه البلاد بلادنا، وهذه الأرض أرضنا، ولا نقبل أن نعيش كغرباء فيها”.

يؤكد الفلسطينيون في الداخل المحتل، وهم يحيون الذكرى الـ 43 ليوم الأرض، أنّهم عازمون على مواجهة سلطات الاحتلال المستمرة في سياساتها لاقتلاع وإخلاء وهدم القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، والاستمرار في مصادرة الأراضي من خلال التنكر لملكيتها القانونية التي تعود للفلسطينيين.

من ملصقات (الهيئة الوطنية لمسيرات العودة) خاصّ بمليونية الأرض والعودة

ناشطون فلسطينيون وقوى وطنية وإسلامية عاملة في الداخل المحتل، أكدت في هذه المناسبة، في بيانات لها ومنشورات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أنّها تدرك اليوم أهمية تغيير مفهوم التعامل مع يوم الأرض، كيوم عادي أو كيوم لتشديد النضال على حقنا التاريخي في الأرض، الذي يحتاج إلى أدوات نضالية مدروسة، وينبغي ألا يقتصر اليوم على ذكرى بل علينا العمل على طرح تحديات واضحة أمام المؤسسة الإسرائيلية، حول الاعتراف بملكية الفلسطيني وحقه بأرضه، وهو ما يعني طرح مرحلة نضال مختلفة، في معركة الشعب الفلسطيني الوجودية.

 

 

كما أكد هؤلاء أنّه لا يمكن الحديث عن يوم الأرض كيوم نضالي، بمعزل عن التلاحم مع المبادرة لمسيرة العودة الكبرى، وأنّ أفضل إحياء ليوم الأرض هو تنظيم مسيرة العودة، على أن لا تنحصر في غزّة المحاصرة، وإنّما تمتد إلى جميع أماكن تواجد الشعب الفلسطيني تحت عنوان “فك الحصار عن القطاع”، وفي هذا إرباك لحكومة الاحتلال، وإعادة ادراج غزّة وحصارها على أجندة العالم.

  • يوم الأرض.. الحكاية من أولها

تعود أحداث يوم الأرض للعام 1976، بعد أن أعلنت حكومة الاحتلال، التي كان يرأسها إسحاق رابين، ويتولى شمعون بيرس فيها منصب وزير الأمن، خطةً لتهويد الجليل، وإقامة عدّة مدن يهودية في المنطقة على أراضٍ تعود ملكيتها للفلسطينيين (أصحاب الأرض الأصليين)، كما صادقت حكومة رابين في 29 شباط/ فبراير 1976 على مصادرة 21 ألف دونم في الجليل، من ضمنها أراضي منطقة المل، التي تعود ملكيتها لفلاحين من سخنين وعرابة ودير حنا وعرب السواعد. وكانت حينذاك منطقة المل جزءًا من المنطقة العسكرية المغلقة التي أطلق عليها (منطقة 9)، وكان دخول المزارعين وأصحاب الأراضي إليها منوطًا بتصريح من الحاكم العسكري، يتم تجديده كل ثلاثة أشهر.

وصادرت حكومات الاحتلال المتعاقبة بين عامي 1948 و1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث والنقب، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى التي استولت عليها في عام النكبة.

وفي مواجهة مخطط الحكومة الإسرائيلية العنصري، قررت (لجنة الدفاع عن الأراضي الفلسطينية) التي تشكلت عام 1975، برئاسة القس شحادة شحادة، بتاريخ 1/2/1976 عقد اجتماع لها في الناصرة، بالاشتراك مع اللجنة القطرية لرؤساء المجالس العربية، وتم إعلان الإضراب العام الشامل في 30 آذار/ مارس، احتجاجًا على سياسية المصادر، وكالعادة كان رد سلطات الاحتلال الإسرائيلي عسكريًا دمويًا؛ إذ اجتاحت قواته مدعومة بالدبابات والمجنزرات القرى الفلسطينية والبلدات العربية، وأخذت تطلق النار عشوائيًا، فسقط الشاب خير ياسين (23 عامًا) من قرية عرابة البطوف.

وصباح الثلاثين من آذار/ مارس 1976، على الرغم من حظر التجول، بعد أن انتشر نبأ استشهاد ياسين؛ انطلقت في معظم البلدات العربية تظاهرات غاضبة، كان أهمها في مدينة سخنين، التي استشهد فيها ثلاثة من شهداء يوم الأرض برصاص جنود الاحتلال هم: الشاب رجا أبو ريا (23 عامًا)، والشاب خضر خلالية (27 عامًا)، والشابة خديجة شواهنة (23 عامًا).

وفي مدينة كفر كنا أيضًا، نظمت تظاهرة غاضبة، تدخلت قوات جيش الاحتلال لقمعها، واستشهد فيها الفتى محسن طه (15 عامًا) الذي أصابه أحد الجنود بطلقة في رأسه. وفي مدينة الطيبة في أثناء التحضير للتظاهرة قبل انطلاقها، اقتحم جنود الاحتلال المدينة وأطلقوا النار عشوائيًا على الجموع، واستشهد الشاب رأفت علي زهيري (19 عامًا)، وهو من سكان مخيم نور شمس في طولكرم، برصاصة غادرة في رأسه.

ومنذ ذلك التاريخ (30/ 03/ 1976) بات يوم الأرض محطة مفصلية في تاريخ الشعب الفلسطيني، سياسيًا وتاريخيًا، وأصبح الفلسطينيون في الداخل المحتل، وفي الأراضي التي احتلتها (إسرائيل) عقب هزيمة 1967، يبتكرون سبلًا جديدة في النضال تعتمد خططَ عمل مدروسة، ترتقي بهم كأصحاب أرض ووطن، وليس كردة فعل ثأرية على جرائم آلة القتل الإسرائيلية.

الفلسطينيون، في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها قضيتهم، مع ارتفاع أصوات في واشنطن وتل أبيب وعواصم عربية تنادي بخطة سلام أميركية مزعومة تُعرف إعلاميًا بـ “صفقة القرن”، يدركون أنّ نضالهم ضدّ المحتل وكل من يدعمه يحتاج -دائمًا- إلى إعادة بلورة تليق بهم، كأصحاب لهذه الأرض. وأنّ عليهم رفع سقف خطابهم وأدائهم السياسي، وتلاحم قواهم السياسية والوطنية المقاومة في الداخل المحتل، وفي جغرافيا الوطن الممزقة (القدس والضفة الغربية وقطاع غزّة) وفي الشتات، لتشكيل قوة تربك دولة الاحتلال الإسرائيلية، خاصّة إذا ما تماثل الموقف الفلسطيني الرسمي مع المقاومة الشعبية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق